مثلث المقاومة وحزب الله والحوثيون بمواجهة الكيان: من يردع من؟

سفينة تجارية اختطفها الحوثيون في وقت سابق
سفينة تجارية اختطفها الحوثيون في وقت سابق

حملت حالة الردع التي عكستها فصائل المقاومة الفلسطينية، وأطراف عربية مثل "حزب الله اللبناني" و"مليشيا الحوثي" في طياتها، رسائل توحي بعدم جاهزية الجبهة الداخلية في الكيان المحتل لحرب على عدة جبهات.

اضافة اعلان


وانعكس تصاعد المعارك في جنوب لبنان بين حزب الله والكيان منذ الثامن من تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، واتساع نطاق الاشتباكات مع دخول الحرب على غزة شهرها الثالث، وتزايد الأعمال العسكرية البحرية التي تنفذها مليشيا الحوثي في البحر الاحمر، فضلا عن صمود حركة المقاومة الإسلامية - حماس في قطاع غزة، أمام الضربات الجوية الهمجية للكيان الصهيوني، وتوغل قواته بريا في بعض مناطق القطاع، على حالة الردع بين الأطراف الثلاثة والكيان: فمن يستطيع ردع الآخر عسكريا.


ونفذ حزب الله وما يزال عمليات عسكرية، تستهدف مواقع عسكرية للاحتلال في شمال فلسطين المحتلة، وفق بياناته، شملت مراكز تجمع جنود ونقاط استخبارات وآليات عسكرية وغيرها من المرافق الصهيونية؛ في حين يعلن جيش الكيان قصفه لمناطق إطلاق صواريخ ومواقع تمركز مقاتلي الحزب.


وتندلع مواجهات شبه يومية، بين جيش الكيان الصهيوني من ناحية وحزب الله وفصائل فلسطينية مسلحة في لبنان من ناحية أخرى، عبر الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة، منذ بدأ الكيان الحرب على قطاع غزة في 7 أكتوبر الماضي.


ووفقا لمراقبين، فإن المؤسسة الصهيونية تخشى من أن يؤدي رد واسع- وتحديدا في جنوب لبنان- لمواجهة شاملة، تفضي إلى توحيد الساحة اللبنانية مع جبهتي غزة والضفة الغربية، وهو ما يشكل إنجازا لفصائل المقاومة الفلسطينية، لا سيما حماس والجهاد الإسلامي.


ويقول اللواء المتقاعد فارس كريشان، إن الرد الصهيوني المحدود على الصواريخ التي تطلق من جنوب لبنان ومناطق القطاع، يعكس هواجس مؤسسة الكيان، من حرب شاملة مع فصائل المقاومة الفلسطينية والعربية، تحمل في طياتها رسائل توحي بعدم جاهزية الجبهة الداخلية في الكيان لحرب على عدة جبهات.


واعتبر أن تآكل الردع الصهيوني، جاء بسبب تقدير الأطراف الفلسطينية وحزب الله والحوثي بأن الكيان ضعف جراء الانقسام الداخلي، وأن علاقاتها مع الولايات المتحدة بأزمة وأنها نفسها تخشى الحرب.


وأضاف، المؤسسة الإسرائيلية، تخشى من أن يؤدي رد واسع وتحديدا في جنوب لبنان، إلى مواجهة شاملة تفضي إلى توحيد الساحة اللبنانية مع جبهتي غزة والضفة الغربية، وهو ما يشكل إنجازا لفصائل المقاومة الفلسطينية، لا سيما حماس والجهاد الإسلامي.


ويستقرئ المحلل السياسي د. صدام الحجاحجة، الاعتبارات التي نوقشت مؤخرا في اجتماع المجلس الوزاري للكيان، الإسرائيلي المصغر للشؤون الأمنية والسياسية (الكابينت)، موضحا أن أحد أهم الاعتبارات، كانت أن الكيان الصهيوني ليس لديه مصلحة حاليا في الانجرار إلى حرب مع لبنان، لأن من شأن ذلك، تحول الأمر إلى صراع متعدد الجبهات؛ لذلك أوصت المؤسسة الأمنية برد يركز على حماس في لبنان وغزة، ولا يضر بأهداف حزب الله في لبنان، خشية تآكل قوة الردع الصهيوني في حال اتسعت جبهات المعركة.


وأوضح الحجاحجة، أن جميع البيانات والمعطيات بشأن الأحداث والتوترات الأمنية على مختلف الجبهات، بما فيها جنوب لبنان واليمن وغزة، استعرضت أمام رئيس حكومة الاحتلال المتطرف بنيامين نتنياهو، كتحذير إستراتيجي يهدد الأمن القومي، صاغه وزير الدفاع المتطرف يوآف غالانت، وقادة الأجهزة العسكرية والاستخباراتية العنصريون، فضلا عن أسباب رد كيانهم المحدود ودوافعه، مرجعا ذلك إلى استعداد إيران وحزب الله للتصعيد في مواجهة الهجمات المنسوبة للكيان في سورية، وتآكل الردع إثر الأزمة الداخلية في الكيان المحتل، واحتدام التوتر على جبهة غزة، والخوف من تصاعد المقاومة في الضفة والقدس خلال رمضان، والفتور في العلاقات مع الولايات المتحدة.


وأضاف، حتى استعادة المحتل لقوة الردع، فإن حدود رده على أي هجمات، يقف وراءها حزب الله، سيبقى محدودا ومقتصرا على الساحة السورية، بحيث سيصعد الاحتلال من استهداف أهداف مهمة لحزب الله وإيران على الأراضي السورية.


وبحسب الحجاحجة، فإعلان القوات المسلحة اليمنية التابعة لجماعة الحوثي في اليمن، موقفا جديدا في سلسلة الإجراءات التي تتبعها لمساندة المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، بعزمها استهداف ومهاجمة أي سفينة، تتجه نحو الموانئ الصهيونية، عبر خليج عدن ومضيق باب المندب والبحر الأحمر، بغض النظر عن الدولة التي تنتمي إليها السفينة، هو موقف يشكل حالة ردع طفت على المشهد، ويعمق من أزمة المحتل ويعقد تداعيات العدوان الهمجي على غزة، اذ يمثل القرار الحوثي الأخير بمنزلة إعلان فرض حصار تجاري بحري مباشر على الكيان عبر البحر الأحمر، في وقت صارت فيه بعض السفن المتجهة صوب الكيان تسلك طريقا عبر البحر الأبيض المتوسط تجنبا لهجمات الحوثيين.


وفي هذا الإطار، يقول أستاذ العلوم السياسية د. هاني السرحان، نظرا لارتباط جماعة الحوثي الوثيق بإيران، والاعتقاد السائد لدى المسؤولين الغربيين والصهاينة، بأن الجماعة تنسق خطواتها مع طهران، فإن ترك هذه المسألة دون معالجة جذرية وسريعة، قد يشكل ورقة ضغط حقيقية في يد طهران في أي تصعيد أو تفاوض قادم في المنطقة.


وأضاف السرحان، يمارس الاحتلال ضغوطا على إدارة بايدن والحلفاء الغربيين، بضرورة اتخاذ إجراءات سريعة لمنع تطور الموقف لعزله عن المجال البحري الجنوبي، ما يشكل ضغطا عليه والحد من قدرته في ردع الحوثي.


وبين أن "جيش الاحتلال، وبعد أكثر من ثلاثة أشهر من الحرب على غزة، يواجه أزمة كبيرة في عدم جاهزية احتياطه للحرب، وهناك تخبط في الوحدات ونوعية المقاتلين الذين سيدخلون الحرب، لعدم وقوع خسائر كبيرة أو أسرى جدد، وهو أمر يعزز أفضلية قوة الردع لدى المقاومة في غزة التي ما تزال صامدة في مواجهة المحتل، والتعامل معه وفقا لمعطياتها".


ويقول السرحان، إنه قبل السابع من أكتوبر الماضي، كان هناك توازن غير مستقر في الشرق الأوسط، وكان الاعتقاد السائد، هو أن شبكة الردع أبقت الأعمال العدائية المباشرة بين الدول وحتى غير الدول عند الحد الأدنى، وأن الصراع، بدلا من ذلك، دار بشكل غير مباشر عبر حروب بالوكالة داخل الدول غير المستقرة كسورية واليمن والعراق، إذ كان يقدر القادة الصهاينة بأن قوتهم العسكرية الساحقة ردعت حزب الله برغم ترسانته العسكرية الهائلة من الصواريخ التي تستهدف مدن الكيان الكبرى، ويعتقد الحزب بأن الاحتلال ردع بالمثل، جراء شبح هذه الصواريخ وخطر نشوب صراع أوسع نطاقا.

 

اقرأ المزيد : 

ميداني غزة 2: الخدمات الطبية تتجاوز مهام التدخلات الجراحية إلى معالجة يومية لإصابات الحرب