زيارة لافروف إلى الأردن

يصل وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الأردن في العاشر من شهر أيلول (سبتمبر) الحالي ضمن جولة له في المنطقة يزور خلالها المملكة العربية السعودية. والمُقدَّر أنّ الملف السوري سيكون في صلب محادثات لافروف. ومن وجهة النظر الأردنية أن صمود "اتفاق عمّان" بين أميركا وروسيا والأردن، الذي وقع في تموز(يوليو) الماضي والخاص بتخفيض التصعيد في جنوب غرب سورية، إنما يعطي رسالة على قدرة الأردن على الانخراط بجدية وكفاءة في جهود التهدئة في سورية.اضافة اعلان
ولا شك أن الرغبة الأردنية واضحة وأكيدة في تحقيق وقف لإطلاق النار في مناطق البادية السورية، وتوسيع دائرة مناطق خفض التصعيد في الجنوب السوري لتشمل مزيداً من المناطق المحاذية للحدود السورية مع المملكة، وعلى الأخص في مخيم الحدلات (يقيم فيه 5 آلاف لاجئ)؛ حتى لا يؤدي أي تصعيد في هذه المنطقة إلى احتمالات استقبال الأردن موجة لجوء جديدة.
معنى هذا أن الأردن يؤيد تمدد الجيش النظامي السوري إلى الحدلات، الذي يبعد 70 كم عن مخيم الركبان (65 ألف لاجئ) على الحدود مع المملكة. ومن المهم أن يتم خلال لقاء وزير الخارجية أيمن الصفدي نظيره الروسي تأكيد إبعاد خطر وجود أي قوات أو مليشيات إيرانية عند الحدود الأردنية-السورية، وجعل انتشارها بعيداً بعمقٍ لا يقل عن 50 كم داخل الأراضي السورية.
هذا الترتيب مقدمة أساسية لاستتباب الوضع على الحدود الشمالية للمملكة، ومن المفترض أن تعقبه تفاهمات وإجراءات باتجاه العمل على فتح معبر جابر-نصيب، حيث يشجّع فتح معبر طريبيل مع العراق على التوجه بهذا الاتجاه، وبما يؤمّن المعابر مع البلدين من المليشيات الطائفية أو الجهادية الإرهابية، وبما يهيئ الظروف لاستعادة النشاط الاقتصادي وتمكين حكومة بغداد ودمشق من تحمّل عبء السيطرة الكاملة على حدودهما بعدما استمر الأردن في تحمل جزء مرهق من هذا العبء.
زيارة لافروف لعمّان والرياض لا تنفصل، على الأرجح، عن جولته الخليجية التي اختتمها نهاية الشهر الماضي، وشملت الكويت والإمارات وقطر. وقد أشارت جولة لافروف، إلى احتمالات انتقال موسكو من مربع إلى مربع آخر في سياق تعاطيها مع الأزمة الخليجية. فموسكو، منذ حزيران (يونيو) الماضي، قاربت الأزمة، على ما يبدو، من منظورين: الأول إقليمي يتعلق بمدى تأثيرها على الملف السوري والعلاقة مع إيران وتركيا، والثاني دولي يتعلق بعلاقة روسيا مع الولايات المتحدة وأوروبا.
وقد ظهر أن تداعيات الأزمة واشتعالها لم يتركا أثراً سلبياً على خطط موسكو في سورية، بل جرت محاولات توسيع إطار "خفض مناطق التصعيد" بنجاحٍ ما يزال مستمراً، كما جرى تشجيع كل من الأردن وتركيا والسعودية على تسهيل الطريق أمام فصائل المعارضة السورية المعتدلة نحو تضييق خلافاتها وتوسيع توافقاتها باتجاه التهدئة والحلول السياسية، وهو ما لفت إليه الوزير الروسي في تصريحاته خلال جولته الخليجية. وعند هذا الحدّ فُهِم أن "بقاء الوضع الراهن" في الأزمة الخليجية لا يُعطّل مساعي موسكو وخططها في الملف السوري، ومن ذلك توافقاتها مع إيران وتركيا.
جولة لافروف الخليجية وزيارته الوشيكة لعمّان والرياض هي استكمال لتنسيق موسكو مع الأطراف الإقليمية في الخليج وفي الأردن بخصوص التطورات السورية، وثمة تقدير بأن حلقات التقارب الأردني - السوري ستكتسب دفعة قوية في حال إتمام روسيا مشاوراتها ومباحثاتها مع الأطراف الخليجية؛ في ظل بيئة إقليمية طرأ عليها الكثير من الحقائق الميدانية والمعطيات السياسية المستجدة.