دعوات للتفاوض المباشر مع سورية لانتزاع حقوق الأردن المائية

11
11

إيمان الفارس

فيما أثار الإعلان الرسمي حول رفض الجانب السوري تزويد الأردن بكميات محددة من المياه؛ جدلا إعلاميا محليا وعربيا ودوليا بارزا إزاء كيفية تحصيل حقوق المياه المشتركة، أكد مختصون في قطاع المياه الحاجة الملحّة للتفاوض المباشر بين المملكة وسورية لغايات تحصيل تلك الحقوق.

اضافة اعلان


ودعا الخبراء في تصريحات لـ “الغد”، إلى ضرورة اللجوء نحو مسارات التحكيم الدولية بهذا الخصوص، مشيرين إلى “تجاوزات مثبتة من قبل الجانب السوري بشكل صريح لاتفاقية المياه المشتركة بين الجانبين الأردني والسوري الموقعة العام 1987”.


وتم توثيق المخالفات التي تم رصدها من قبل الجانب السوري، من خلال دراسات علمية دولية محايدة أجريت بدعم من الوكالة السويسرية للتنمية الدولية (SDC) بالتعاون مع جامعات عالمية وخبراء محليين انتهت خلال العام 2018، وفق أمين عام سلطة وادي الأردن الأسبق سعد أبو حمور.


وفي سياق إعلان وزير المياه والري محمد النجار خلال إحدى الجلسات البرلمانية، وفي وقت سابق، عن رفض سورية طلبا للمملكة تزويدها بـ 30 مليون متر مكعب، نتيجة أوضاعها المائية، بحسب النجار، أكد أبو حمور، أن اللجوء للتفاوض المباشر مع الجانب السوري، توازيا، واستعراض المخالفات التي جرى رصدها من قبلهم، هي أهم المحاولات التي يجب المضي بها لتحصيل حقوق المملكة المائية المتفق عليها عبر الاتفاقية المشتركة بين الجانبين.


وقال أبو حمور إن آخر اتفاقية تم إبرامها بين الأردن وسورية كانت اتفاقية العام 1987، مشيرا إلى أنها نصت حرفيا على ضرورة إعادة النظر ببنودها كل 14 عاما، وبالتالي يجب تحديثها بناء على مختلف المستجدات وعلى رأسها إنشاء سد الوحدة وبدء تشغيله منذ العام 2006.


وأضاف أن الجانب السوري قام بحفر آلاف الآبار الارتوازية ممتدة من دمشق حتى حدود جابر، وذلك بالإضافة لإنشاء عشرات السدود مخالفا بذلك بنود الاتفاقية بما يخص الحوض الصباب لنهر اليرموك، والتي أدت إلى جفاف معظم الينابيع في أعالي سد الوحدة وكذلك قلة تدفق مياه الأمطار باتجاه نهر اليرموك، وذلك بناء على توثيق الدراسات العلمية الدولية والتي انتهت في العام 2018.


بدوره، أكد الأمين العام الأسبق لسلطة وادي الأردن دريد محاسنة، ضرورة احترام حقوق الأردن من المياه المشتركة مع سورية، لافتا إلى أهمية اللجوء إلى المسارات الدولية لحسم قضية الحصول على تلك الحقوق.


وقال محاسنة إن الجانب السوري بدأ بحصر المياه في المناطق التابعة له، إلى جانب حفر الآبار في منطقة سهل حوران، ما يعني البدء باستغلال تلك المياه زراعيا والتي تعتمد على الهطل المطري، ما أثر على حصة المياه الخاصة للأردن.


من جهتها، أوصت الأمين العام الأسبق لوزارة المياه والري ميسون الزعبي، بضروة إنشاء برامج بناء القدرات للمسؤولين عن إدارة ملف المياه المشترك، وكذلك الشباب المهتمين، لخلق جيل مؤهل قادر على التفاوض بمعرفة القوانين الدولية وأساليب التفاوض للحصول على حقوق المملكة من المياه المشتركة.


وقالت الزعبي إن “من واجب الدولة، من خلال وزارة الخارجية وسفرائها في الخارج، الاستمرار في طرح قضية عدم حصولنا على حقوقنا المائية في المحافل أو المحاكم الدولية، إن وجدت، للحصول على هذه الحقوق”.


وتساءلت: “هل يعقل أن نضطر إلى شراء حقوقنا في المياه، وأسوأ من ذلك نحن مرفوضون؟”.


وبينت أنه “صحيح أن سورية تشكو من ندرة المياه، لكنني أعلم أن هدر المياه وسوء الإدارة هما من أهم أسباب هذه الندرة. ومن خلال الإدارة الجيدة لموارد المياه، والأهم من ذلك إدارة الطلب وتقليل الفاقد في سورية، ستتوفر كميات إضافية من المياه التي سيتم توفيرها للأردن من خلال إطلاقها في سد الوحدة كجزء من حقوقنا المائية المشتركة”.


ولطالما كانت قضية تحصيل حقوق المياه من نهر اليرموك بين البلدين، موضع نقاش لسنوات طويلة؛ حيث يطالب الأردن مرارا بأن تنفذ سورية اتفاقية الاستثمار في مياه نهر اليرموك الموقعة في العام 1987، في حين أشارت دراسات رسمية إلى أن الجانب السوري تجاوز هذه الاتفاقية من خلال زيادة عدد السدود لصالحه، ما تسبب في عدم توفر مياه للأردن تقريبا، وبالتالي أثر على حقوق الأردن المائية.


ويقع مجمل طول النهر تقريبا والبالغة نسبته 80 %، في الأراضي السورية، بينما يمتلك الأردن 20 %.


ووفق تقرير دولي نشره الموقع الإلكتروني “Atalayar”، وحصلت “الغد” على نسخة منه، فإن “المؤشرات تدل على أن سورية تستغل هذا الوضع وتحرم جارتها من المياه”. وتواجه دمشق اتهامات دولية “بحجب المياه عن النهر لصالحها، وتجلى ذلك من خلال بناء 42 سدا وحفر آلاف الآبار التي تعد خرقا للاتفاقية الموقعة مع الأردن بكل المقاييس”.


ويشهد الأردن أزمة مياه غير مسبوقة الصيف الراهن، وذلك بالإضافة لكونه ثاني أفقر دولة في العالم من حيث مصادر المياه وتوفرها.


ويعد التخزين في سد الوحدة دون المستوى المأمول منه، حيث، ومنذ احتساب مياهه ضمن الموازنة المائية في العام 2008 حتى اليوم، وبصرف النظر عن كميات الأمطار الهاطلة، لم تصل تلك الكميات الى السعة المطلوبة، وبالتالي لم يساهم في توفير المردود المائي المؤمل منه على صعيد الجانب الأردني.


ونصت اتفاقية العام 1987، على أن يقوم الأردن ببناء سد سعته 220 مليون متر مكعب، بينما تقوم سورية ببناء حوالي 25 سدا لري أراضيها، على أن تستفيد سورية من الطاقة الكهربائية الناتجة عن سد الوحدة.


وعبر السنوات الماضية، انخفض منسوب جريان نهر اليرموك جراء حفر آلاف الآبار الجوفية في حوض اليرموك وزيادة السدود على مجاري نهر اليرموك على الجانب السوري، ما ساهم باقتراح تقليص حجم السد المتفق عليه في العام 1987 من سعة 220 مليون متر مكعب إلى 110 ملايين.


ورغم بناء السد بسعة 110 ملايين متر مكعب، إلا أنه لم يمتلئ بالمياه، جراء حجب السدود المبنية على مجاري المياه المغذية لنهر اليرموك مع ارتفاع عدد الآبار المحفورة على نهر اليرموك من الجانب السوري، وبالتالي لم تتوفر سوى كميات قليلة من المياه حاليا.

اقرأ المزيد :