هل يصبح الأردن جزءا أساسيا من النظام التجاري العالمي؟

أعلام الدول المشاركة في قمة العشرين التي عقدت في نيودلهي مؤخرا - (أرشيفية)
أعلام الدول المشاركة في قمة العشرين التي عقدت في نيودلهي مؤخرا - (أرشيفية)

دفعت التحولات السياسية التي يشهدها العالم والتنافس بين القوى الكبرى فيه إلى عودة فكرة التكتلات إلى الواجهة من جديد والتوجه إلى نوع جديد من الترابط السياسي والاقتصادي، كإطلاق مشروع الممر الاقتصادي العملاق بين الهند وأوروبا عبر الشرق الأوسط مؤخرا، بدلا من الاكتفاء فقط بالتلاقي السياسي والاتفاقيات التجارية التقليدية، وفق ما يرى خبراء اقتصاديون.

اضافة اعلان


ولفت هؤلاء الخبراء في تصريحات خاصة لـ"الغد" إلى أن مشروع الممر الاقتصادي تم تصميمه من قبل الولايات المتحدة الأميركية لمنافسة مشروع الحزام والطريق الذي دشنته الصين في السنوات الأخيرة، حيث لا تريد واشنطن أن تنفرد بكين وحدها في منطقة المحيط الهندي والشرق الأوسط.


وبين الخبراء أنه سيكون لهذا المشروع انعكاس كبير على اقتصادات دول المنطقة ودعم أمن الطاقة وتوسيع الأسواق التجارية لهذه الدول، كما أنه سينتج سياسات جديدة في التعامل مع المنطقة من قبل دول العالم، إضافة إلى توازنات جديدة على الصعيدين الاقتصادي والسياسي في العالم، تأخذ بالاعتبار مصالح دول المنطقة ليس كونها منتجة للنفط والطاقة فحسب، وإنما باعتبارها دولا مؤثرة لتسهيل التجارة العالمية وتقليل كلفة هذه التجارة.


وأكد الخبراء أنه ستكون هناك انعكاسات إيجابية جمّة على الاقتصاد الأردني جراء هذا المشروع، حيث أن اعتمادنا كنقطة في هذا المشروع سيجعل الأردن محطة مهمة في نظام التزويد العالمي وجزءا أساسيا من النظام التجاري العالمي، فضلا عن مساعدته في تطوير البنية التحتية لدينا وإقامة مشاريع كبرى كالربط السككي مما سيساهم في خلق المزيد من فرص العمل وتحسين مؤشر النمو الاقتصادي. 


وكانت الولايات المتحدة والهند والسعودية والإمارات وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والاتحاد الأوروبي وقعت على هامش قمة العشرين التي عقدت في نيودلهي مؤخرا، مذكرة تفاهم لإنشاء ممر اقتصادي يشمل سككا حديدية وربط موانئ ومد خطوط وأنابيب لنقل الكهرباء والهيدروجين بالإضافة إلى كابلات لنقل البيانات.


وفقاً لبيان صادر عن البيت الأبيض، يهدف الممر الاقتصادي الجديد إلى "ربط الهند بأوروبا، من خلال خط للسكك الحديد والموانئ القائمة عبر الإمارات والسعودية والأردن ودولة الاحتلال (الإسرائيلي)، وهو ما من شأنه أن يولِّد المزيد من النمو الاقتصادي، ويحفز الاستثمارات الجديدة، وينشئ فرص عمل نوعية".


ويطمح الممر أيضاً إلى ربط القارتين (أوروبا وآسيا) بالمراكز التجارية، وتسهيل تطوير الطاقة النظيفة وتصديرها، إضافة إلى دعم التجارة والصناعة القائمة، وتعزيز الأمن الغذائي وسلاسل التوريد.


كما يهدف الممر إلى ربط شبكات الطاقة وخطوط الاتصالات السلكية واللاسلكية من خلال الكابلات البحرية لتوسيع الوصول الموثوق إلى الكهرباء، وتمكين ابتكار تكنولوجيا الطاقة النظيفة المتقدمة، وربط المجتمعات بالإنترنت الآمن والمستقر.


وقال نائب رئيس الوزراء السابق جواد العناني لـ"الغد" إن العالم اليوم يتجه إلى نوع جديد من الترابط السياسي والاقتصادي بدلا من الاكتفاء فقط بالتلاقي السياسي والاتفاقيات التجارية التقليدية بين الدول، حيث إن هناك توجها واضحا نحو الترابط التام والحضاري جغرافيا من خلال تدشين بنية تحتية عملاقة تربط الدول ببعضها البعض، واستخدام هذه البنية ايضا كأداة لتحقيق السلام العالمي، إذ ستنظر الدول إلى أن البنية التحتية القائمة كمورد مشترك للجميع، ما سيحد من تفاقم الخلافات بينها. 


وأضاف العناني أن مشروع الممر الاقتصادي تم تصميمه من قبل الولايات المتحدة الأميركية لمنافسة مشروع الحزام والطريق الذي دشنته الصين في السنوات الأخيرة، حيث لا تريد واشنطن أن تنفرد بكين وحدها في منطقة المحيط الهندي والشرق الأوسط، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة تريد أيضا من خلال هذا المشروع ضمان استدامة الدولار كعملة أولى في العالم إضافة إلى المحافظة على مكانة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي كلاعبين أساسيين في المشهد الاقتصاد العالمي. 


وبين العناني بأنه قد يكون هناك تناقض بين الدول المشتركة في المشروع، حيث أن هناك جنوحا للهند لتقليل اعتمادها على الدولار كغيرها من بقية دول بريكس بما في ذلك السعودية والإمارات المنخرطتين أيضا في هذا المشروع. 


ويرى العناني أن هذا المشروع سينعكس إيجابيا على الأردن حيث أن اعتمادنا كنقطة في هذا المشروع سيجعل الأردن محطة مهمة في نظام التزويد العالمي وجزءا أساسيا من النظام التجاري العالمي، إضافة إلى مساعدته في تطوير البنية التحتية وإقامة مشاريع كبرى كالربط السككي، وكل ذلك سينعكس أيضا على المساعدة في خلق المزيد من فرص العمل، ودعم مؤشر النمو الاقتصادي. 


إلى ذلك، قال الخبير الاقتصادي حسام عايش إن التحولات السياسية التي يشهدها العالم والتنافس بين القوى الكبرى في العالم أعادت فكرة التكتلات إلى الواجهة من جديد، حيث إن مشروع الممر الاقتصادي يعد مواجهة لمبادرة الحزام والطريق الذي أطلقته الصين قبل سنوات إضافة إلى أنه محاولة لتعزيز التجارة والاستثمار بين الدول المرتبطة بالمشروع.


ولفت عايش إلى أن دخول دول المنطقة في هذا المشروع سينجم عنه سياسات جديدة في التعامل مع المنطقة من قبل دول العالم، إضافة إلى توازنات جديدة على الصعيد الاقتصادي والسياسي العالمي تأخذ بالاعتبار مصالح دول المنطقة وليس كونها منتجة للنفط والطاقة، وإنما باعتبارها دولا مؤثرة على مستوى التوازنات العالمية لتسهيل التجارة العالمية وتقليل كلفة هذه التجارة. 


وبين عايش أن كلمة السر في هذا المشروع تكمن بالهند، إذ ترى الولايات المتحدة الهند بديلا محتملا ممكنا للصين وهي تعمل وتدفع نحو أن يكون بديلا سريعا سواء على مستوى القوى الاقتصادية العظمى في العالم أو على مستوى التوازنات الإقليمية العظمى في آسيا. 


وأوضح أن تنفيذ هذا المشروع سيستدعي تدشين بنية تحتية جديدة ومتطورة تتناسب مع الحجم الهائل من النشاط الاقتصادي المنتظر من خلال هذا الممر، من إنشاء شبكات سكك حديد جديدة وطرق جديدة إضافة إلى استحداث موانئ وتطوير عمليات الشحن المختلفة.


وحول إذ ما كان لهذا المشروع انعكاس على الأردن واقتصاده بيّن عايش أنه سيكون له عائد على الأردن بإدماجه في حركة اقتصادية ولوجستية واستثمارية عالمية كبرى، كما سيستفيد من تحسين البنية التحتية اللازمة للمشروع كما سيستفيد الأردن من أنابيب الطاقة والكهرباء والهيدروجين الأخضر التي ستمر به، إضافة إلى أنه سيساعد في دعم بعض الصناعات المحلية كصناعات المرتبطة بالطاقة والصناعات الإنشائية اللازمة للبنية التحتية وغيرها، حيث أن كل ذلك سينعكس على تشغيل الأيدي العاملة الماهرة، إضافة إلى دعم تحقيق معدلات نمو اقتصادي أفضل، داعيا إلى وجوب وضع إستراتيجية وطنية للاستفادة من المشروع.


من جانبه أكد الخبير الاقتصادي زياد الرفاتي أن توقيع مذكرة التفاهم لمشروع الممر الاقتصادي الذي يندرج ضمن المشاريع الاستثمارية والإستراتيجية الضخمة في مجال تطوير البنى التحتية للنقل والسكك الحديد، جاء تتويجا لفكرة المشروع التي طرحت أثناء زيارة الرئيس الأميركي إلى السعودية في تموز 2022 واستكملتها المحادثات الإقليمية التي تواصلت بعد الزيارة للوصول إلى توقيع الاتفاق.


وتكمن أهمية هذا المشروع بحسب ما يرى الرفاتي، بأنه سيسهم في زيادة وتسريع التبادل التجاري وتسهيل مرور البضائع بين دول العالم، إضافة إلى ضمان أمن الغذاء والطاقة العالمي وجذب الاستثمارات وتأمين ممرات التجارة العالمية من أي تهديدات أو أخطار جيوسياسية بالعبور الآمن وتوفير فرص عمل ومكاسب طويلة الأمد داخل البلدان المنخرطة بالمشروع.


وتوقع الرفاتي أن يكون لهذا المشروع انعكاسات إيجابية جمّة على الاقتصاد الأردني وسوق العمل وحركة النقل وجذب الاستثمارات الخارجية وفي ظل البيئة الاستثمارية الآمنة والمحفزة، خاصة وأن ميناء العقبة سيكون ضمن شبكة ربط الموانئ بين الدول المشاركة.

 

اقرأ المزيد : 

التصنيع الغذائي: الحاجة للنهوض بالتكامل الزراعي