انتفاضة الجامعات الأميركية

د. محمود عبابنة
د. محمود عبابنة

الخزي والعار عليكم، هكذا صاح طلبة الجامعات الأميركية المحتجة في وجه الرئيس الأميركي بايدن ووزير خارجيته بلينكن ورئيس مجلس نوابه مايك جونسون على أفعال الإبادة الجماعية التي تقوم بها دولة الاحتلال والتمييز العنصري، تبين أنهم لا يمثلون الشعب الأميركي ما دام أنهم وقفوا خصوما لطلبة الجامعات ولحقهم بحرية الرأي والتعبير، وهم ليسوا أكثر من مجرد صهاينة تحركهم جهات الضغط الصهيونية وعلى رأسها منظمة الأيباك اليهودية.اضافة اعلان
ليس مبالغاً فيه القول أن أميركا تحكمها الصهيونية العالمية، فلا يمكن لأي عقل أو منطق أو شعور إنساني أن يقتنع أنهم يؤيدون جهاراً نهاراً الإبادة الجماعية الجارية على قدم وساق ضد الشعب الفلسطيني في غزة، في الوقت ذاته يتحدثون عن السلام والمساعدات الإنسانية، ولا يمكن أن يكون مغرراً بهم في عصر انتقال الخبر المعزز بالصوت والصورة، فقد انكشفت حقيقتهم أمامنا وهم يكررون في كل أقوالهم وخطاباتهم العبارات الممجوجة المكررة المستفزة لمشاعرنا مثل: «حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها»، «تحرير الرهائن»، «المقاومة تحتمي بالدروع البشرية»، «لا يقبلون سياسة التجويع» ولا ينبسون ببنت شفة عن عدم مشروعية الاحتلال ولا عن عدد الشهداء والجرحى من المدنيين، ولا عن تدمير البنية التحتية بما فيها المدارس والمستشفيات والطرق ومحطات المياه، ولا يخجل بلينكن من تكرار ذلك في المؤتمرات التي تعقد على الأراضي العربية وفي أقواله الصحفية وآخرها أن «إطلاق الرهائن سيعيد النظام والاستقرار للجامعات الأميركية المنتفضة»، وكأن المنتفضين يتظاهرون ويعتصمون للمطالبة بتحرير الرهائن ولا نجد مسؤولاً عربياً يقول له كفاك تزويراً «عيب عليك يا رجل».
الذي فهم ديماغوجيتهم، ونفاقهم، وازدواجية معاييرهم، هم طلاب الجامعات الأميركية التي تصدرتها جامعة كولومبيا معقل أفكار المفكر العربي الحر إدوارد سعيد الذي كان له فضل السبق في الإشارة إلى ملامح استشراقهم الخبيث وازدواجية معاييرهم، ويسجل لجامعة كولومبيا فضل السبق أنها أول من أشعلت شرارة الغضب الطلابي في الولايات المتحدة الأميركية.
حتى هذه الساعة زاد عدد الجامعات التي انتفضت احتجاجاً على الإبادة الجماعية التي تلحق بأهلنا في غزة إلى أكثر من 50 جامعة على طول وعرض الولايات المتحدة الأميركية بالإضافة إلى جامعات أخرى في كندا وأوروبا وأستراليا، وجميعهم يهتفون بـ «فلسطين حرة»، «إسرائيل دولة التمييز العنصري»، «لا للإبادة الجماعية»، «بايدن بطل الإبادة الجماعية»، «أوقفوا تسليح إسرائيل»، هؤلاء الطلبة الأبطال الذين نصبوا خيامهم في الحرم الجامعي، أثبتوا أن هناك أميركيين شرفاء وأن الروح الإنسانية لن تموت مهما بلغت الدعاية المأجورة المنحازة لإسرائيل أوجها.
الجامعات الأميركية المرموقة كهارفارد، وكولومبيا، وييل، ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، وجامعة ستانفورد... وغيرها، هي التي تحتضن الجيل القادم لقيادة أميركا، ربما تحقق خرقاً في جدار الصد الصهيوني لأصوات المفكرين ومن استيقظ ضميره من رجال الإدارة الأميركية، وهذا ما يبعث على التفاؤل ما دامت هتافات هؤلاء الطلبة الأحرار لم تخب، وما دامت صامدة في وجه إدارات الجامعات التي تحركها أيدي وتهديدات الممولين والمتبرعين وأغلبهم مؤسسات يهودية وأخرى متصهينة. أما المؤثر الآخر فهو ألا تأخذ الطلبة العرب والمسلمين المشاركين العزة بالإثم وأن يرفعوا شعارات غير مقبولة أو يمارسوا طقوساً ليس مكانها الجامعة ومستغربة لدى الأميركيين وهتافات عفا عليها الزمن، ولا تعطي الانطباع أننا شعوب مظلومة ومسالمة وليس لدينا نية القضاء على اليهود لأنهم يهود، فمنهم مفكرون وطلاب يهود شرفاء يقفون معنا وينادون بفلسطين حرة، ويدينون الإبادة الجماعية التي يجري تنفيذها بأيدي جيش الاحتلال الهمجي برعاية وتمويل الصهيونية العالمية التي تهيمن على البيت الأبيض والكونغرس بالابتزاز ورشى تمويل الحملات الانتخابية وغض بصر الإعلام الصهيوني عن فضائح وأسرار أعضائه.