زيادة الرواتب

ما تزال مجالس الاردنيين تحفل بالحديث عن الخبر المنتظر الخاص بزيادات الرواتب للعاملين والمتقاعدين. والحكومة ما تزال تمارس الدراسات والابحاث. فوزراء يعلنون ان الدراسات انتهت، وأن مجلس الوزراء يدرس الخيارات، وكأن الحكومة تمهد لاعلان قرار الحرب العالمية الثالثة! فهي منذ ما قبل الموازنة تمارس الدراسات والخيارات، وما تزال كذلك بعد الموازنة، ومن سيكتب الله له عمراً من الاردنيين سيسمع القرار.

اضافة اعلان

والجديد في احاديث الناس ذلك الخبر الذي نشرته بعض الصحف عن نسب الزيادات، وزيادات كبار الموظفين والوزراء والنواب والاعيان. الحكومة نفت الخبر، لكن هذا يجعلنا نقترح على الحكومة ان لا تكون الزيادات المرتقبة في مسار عكسي؛ اي زيادات كبيرة وفلكية لاصحاب المواقع العليا والنواب والاعيان والوزراء، في مقابل زيادات عادية لا تسد الرمق لعامة الموظفين.

ما هو مقترح ان تكون الزيادات منسجمة مع هدفها المعلن، وهو تحسين حياة المواطن؛ وان تكون الزيادة مؤثرة في راتب الموظف والعسكري والمتقاعد. وبعبارة اخرى، يفترض ان تكون الزيادة بشكل متصاعد من الفئات العليا والسادة الوزراء والنواب والاعيان، الى ان تصل الى نسبتها الكبرى عند الموظف والمتقاعد. اما اذا كان المسار عكسياً، فستتحول الزيادة الى مصدر نقد للحكومة.

فاذا افترضنا، مثلاً، ان الزيادة المقترحة على راتب الوزير او النائب هي 500 دينار، فهذا يعني انها تصل الى 35% من راتبه الاجمالي الحالي. اما اذا كانت زيادة الموظف او المتقاعد 15 دينارا من اصل 200 دينار، مثلاً، فعندئذ ستكون نسبتها اقل من 10%. صحيح ان المسؤول الكبير مثل المواطن العادي، يحتاج الى زيادة راتبه وتحسين دخله، لكن المطلوب ان تكون النسب عادلة، وليست ذات طابع برجوازي.

المفروض ان يكون هدف زيادات الرواتب ترك بصمة على راتب الموظف. وهذا لا يتعارض مع ادراكنا جميعاً للعبء المالي على الموازنة؛ لكن كما ان الحكومة تعاني، فإن المواطن يعاني من ثبات الرواتب وارتفاع الاسعار. والزيادة المرتقبة صاحبها صخب حكومي بأنها ضمن هيكلة الوظيفة العامة، والحفاظ على موقعها وراتبها، وانها زيادة لتحسين حياة الموظف، وقد لا تتكرر مثل هذه الفرصة لسنوات قادمة. لهذا، فالحكومة امام خيارين: اما ان تقدم لعامة الموظفين والمتقاعدين زيادة معقولة، او أن تقدم زيادة شكلية لعامة الموظفين وسخية للكبار، وعندها ستكون الزيادة من سلبيات الحكومة، وتحسب عليها؛ بل ستتحول الى مصدر تندر وسخرية من الاردنيين!

مرة اخرى، نتمنى ان تنتهي الدراسات والخيارات والقرارات، لأن ما اخذته من وقت زاد عما يجب. وما نتمناه ايضاً هو ان تكون نسب الزيادة القادمة مركزة ومنصفة لعامة الموظفين والمتقاعدين، وان تترك لمسة معقولة على حياة الاردنيين؛ فلا تكون منحازة لعلية القوم واصحاب الرواتب الكبيرة؛ اي ان لا يرى المواطن مئات الدنانير تمنح للوزير والنائب والمدير، في مقابل عشرة دنانير او 15 دينارا للموظف والمتقاعد. وقبل هذا وبعده، نقدر جميعاً ظروف الاردن الاقتصادية، لكن الموظف والعسكري والمتقاعد تحت ولاية الدولة، التي إن لم تقدم له ما يساعده على مواجهة صعوبات الحياة، فلا خيار آخر له.

بقي القول ان الزيادة نتمناها مصدر فرح للناس، ومبعثا للارتياح، وليس لزيادة الانتقاد، او شعور الناس ان الزيادة كانت كريمة للكبار ومتقشفة باتجاه من يستحقون انقاذ رواتبهم من التآكل.

[email protected]