أزمة اللجوء السوري.. هل يتحمل العالم مسؤولياته؟

عبدالرحمن الخوالدة - في الوقت الذي أكدت فيه الحكومة أخيرا على لسان رئيس وزرائها بشر الخصاونة أن الأردن ما يزال يعاني من تداعيات أزمة اللجوء السوري، دعا خبراء إلى ضرورة توجيه الدفة ليتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته تجاه المملكة مقابل استضافتها للاجئين منذ أكثر من عقد.

وشدد الخبراء على أن الحكومة نفسها مطالبة بالضغط أكثر على المجتمع الدولي ليتحمل مسؤولياته حيال هذا الملف إضافة إلى ضرورة تنظيم مؤتمر يجمع الجهات المستضيفة للاجئين السوريين بهدف تشكيل قوة ضغط على المانحين للالتزام بتعهداتهم. وإلى جانب ذلك، لفت الخبراء إلى أهمية مطالبة المجتمع الدولي بإقامة مشاريع تشغيلية كبرى لتشغيل السوريين والأردنيين. وبدأ اللجوء السوري إلى الأردن بعد بدء الحرب التي دارت رحاها في الجارة الشمالية من أكثر من 10 سنوات أدت إلى تهجير ملايين السوريين داخل البلاد وخارجها منهم زهاء 1.3 مليون لاجئ في الأردن نصفهم غير مسجلين في مفوضية الأمم المتحدة. واعتبر خبراء اقتصاديون بأنه من المستبعد أن يكون هناك حل قريب لأزمة اللجوء السوري وأن هذه الازمة وضعت الاردن أمام معضلة لا يملك الكثير من حلولها، مشيرين إلى أن الأزمات التي يشهدها العالم قلصت حجم الإهتمام بها. ويذكر أن تمويل خطة الاستجابة الأردنية للأزمة السورية قد تراجع خلال السنوات الماضية مقارنة مع أعلى قيمة دعم حصل عليها الأردن عام 2017 وبلغت قيمتها 1.7 مليار دولار إذ تلقي في عام 2018 حوالي 1.5 مليار دولار بنسبة 64 % من حجم هذه الخطة ، وفي 2019 تلقى 1.2 مليار دولار بنسبة 50 % من الاحتياجات، وفي 2020 تلقى 1.1 مليار دولار بنسبة 49 %، وعام 2021 تلقى 744 مليون دولار فقط وبنسبة تمويل قدرت بـ30.6 % عن الاحتياجات المقدرة، وحصل العام الماضي على نحو760.3 مليون دولار، أي ما نسبته 33.4 %، من حجم تمويل متطلبات هذه الخطة، علما بأن متوسط حجم احتياجات خطة الاستجابة سنويا تقدر بـ2.5 مليار دولار. وقال نائب رئيس الوزراء الأسبق جواد العناني إن “الأزمات المتعددة التي تعرض لها العالم تسببت في إرهاق المجتمع الدولي وتركيز جهوده على أزمة مقابل أخرى، ففي سنوات مضت كان التركيز على الازمة السورية وجاءت الازمة اليمنية وعقدت لها المؤتمرات بهدف تحشيد الدعم الإنساني لها بشكل أكبر من غيرها، وحاليا الأزمة الاوكرانية الروسية هي من تحظى بالاهتمام، وهذا قد ما يفسر تراجع دعم المجتمع الدولي للأردن في ما يخص أزمة اللجوء السوري”. وبين العناني أن الحكومات الأردنية، أهدرت فرصة اتفاقية تبسيط قواعد المنشأ مع الاتحاد الأوربي التي كانت تسعى لإزالة تصدير المنتجات الأردنية إلى الأسواق الأوربية مقابل الالتزام بتشغيل اعداد من السوريين، حيث كان يمكن لتنفيذ هذه الاتفاقية أن يساعد في رفع حجم الصادرات الأردنية إلى دول الاتحاد وفي ذلك عائد اقتصادي مهم، وهذا فيه دعم. ويشار إلى أن الأردن قد وقع مع الاتحاد الاوربي اتفاق تبسيط قواعد المنشأ في تموز(يوليو) من عام 2016 إذ تضمن الاتفاق تسهيل شروط تصدير المنتجات الأردنية إلى الأسواق الأوروبية، مقابل التزام الأردن بتشغيل 200 ألف لاجئ سوري خلال عدة سنوات في القطاع الصناعي، بما يصل إلى 25 % من إجمالي عدد العمالة في المصانع التي يتم تصدير منتجاتها وفق القواعد الميسرة لأوروبا. ولفت العناني إلى أن حل أزمة اللجوء السوري لا يبدو لها حل قريب خاصة وأن 70 % من هؤلاء من اللاجئين تعرضت بيوتهم وممتلكاتهم للهدم والتدمير وليس لهم الآن أي مأوى إضافة إلى أن هناك من اللاجئين من نقل املاكه ورؤس أمواله إلى الأردن ويفضل الاستقرار فيها على العودة إلى بلادهم، مبينا أن التقديرات كانت تشير في بداية الأزمة إلى إمكانية استمرارها إلى أكثر من 17 عاما. وأكد الخبير الاقتصادي حسام عايش أن المجتمع الدولي لم يعد يفي بالتزاماته تجاه خطة الاستجابة الاردنية للازمة السورية، وأن تراجع الدعم المقدم للأردن في هذا الملف بات واضحا ، مرجعا ذلك إلى تحول اهتمام المجتمع الدولي نحو الأزمات الاخرى التي يشهدها العالم كالأزمة الروسية الاوكرانية إضافة إلى وجود قناعة عند بعض الدول المانحة بأن هناك مبالغة في الكلفة التي يتحملها الأردن جراء هذه الأزمة. وأوضح عايش أن التزام الأردن مع الدول المانحة وخاصة الالتزام باتفاقيات مؤتمر لندن وبروكسل، وفتح المجال أمام السوريين في الحصول على فرص عمل في الاردن وتقديم تصاريح لهم بذلك، بهدف تطوير مجتمع اللاجئين وإدماجه مع المجتمع الاردني، جعل الدول المانحة والمجتمع الدولي يطمئن إزاء تجذر هؤلاء اللاجئين في الأردن وتقبل المجتمع لهم، وبالتالي ركن إلى هذا الواقع، وعليه تراجع الدعم من قبلهم للأردن. واعتبر عايش أن استمرار أزمة اللاجئين، يؤثر على عجز الموازنة، وعلى مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين ويستنزف موارد الدولة المختلفة ويرتب أعباء إضافية على خزينة الدولة. وأوضح أن المجتمع الدولي ما لم يرفع الأردن صوته في وجهه لن يبالي للمشاكل، وهذا ما ينطبق على أزمة الوجود السوري في الأردن. ودعا عايش إلى ضرورة ضغط الحكومة الأردنية على المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته حيال هذا الملف إضافة إلى ضرورة تنظيم مؤتمر يجمع الجهات المستضيفة للاجئيين السوريين بهدف تشكيل قوة ضغط على المانحين للالتزام بتعهداتهم بتقديم الدعم اللازم لذلك، إلى جانب أهمية مطالبة المجتمع الدولي بإقامة مشاريع تشغيلية كبرى تهدف إلى تشغييل السوريين والأردنيين فيها، علاوة على ضرورة مطالبة المجتمع الدولي بتأمين حماية للاجئين الراغبين في العودة إلى بلدهم. إلى ذلك، قال المختص بالاقتصاد السياسي زيان زوانة أن الحكومات التي تعاملت مع هذا الملف، تأخرت في المراحل الأولى من الأزمة عن تنظيم وتقدير احتياجاتها لإدارة هذه الأزمة، وكانت كل وزارة من الوزرات المختصة في هذه الازمة تعمل بشكل غير منظم ومنسق، مشيرا إلى أن تقاعس المجتمع الدولي عن الدعم المطلوب للأردن بات اليوم واضحا، حيث يجد الأردن نفسه أمام معضلة لا يملك الكثير من حلولها. وأوضح زوانة أن آثار هذه الأزمة تتضاعف على الأردن وبشكل مستمر ما يستدعي العمل على مواجهتها، إضافة إلى تزايد عدد اللاجئين خلال سنوات الأزمة بفعل الولادات الجديدة في أوساطهم، ما يزيد كلف ذلك على الاقتصاد الأردني خاصة في ملف البطالة، ويفاقم من الضغوط على البنية التحتية والخدمية. وطالب زوانة بضرورة استمرار الحكومة بطرح المشكلة على المجتمع العربي والدولي البعيد مثل كندا واليابان وكوريا الجنوبية إلى جانب استمرار الضغط على كافة الدول المانحة التي تخلفت عن الوفاء بتعهداتها.

اقرأ المزيد : 

اضافة اعلان