الحجاب التركي نهاية صراع أم بداية ؟

تشكل قضية الحجاب في تركيا حيزا كبيرا للسجال السياسي بين العلمانيين من جهة وبين حزب العدالة والتنمية الحاكم من جهة أخرى ، وتبرز بشكل اكبر عندما تكون هناك قرارات تتعلق بفتح طريق المحجبات للدراسة الجامعية أو عندما تقف الحكومة بجانب الحجاب ما يدفع بالنخبة العلمانية إلى إشهار أسلحتها لحماية علمانية البلاد. وتمثل مسألة الحجاب في تركيا واحدة من المسائل الحساسة والخلافية في البلد فعلى الرغم من أن 64 % من الأتراك يؤيدون إلغاء القانون الذي يحظر ارتداء الحجاب في الجامعات إلا أن قرابة 35 % من الأتراك يرفضونه بل ويعتبرونه مسألة تتعلق بهوية البلد العلمانية.

اضافة اعلان

وبات من المؤكد في خضم السجال السياسي الدائر في تركيا أن الحجاب لم يعد مجرد مبدأ للتقيد بتعاليم الشريعة الإسلامية بتغطية رأس المرأة بل تحول إلى مواجهة سياسية بين من يرون فيه رمزا سياسيا ومن يرونه أحد متطلبات الإيمان، فالجهات العلمانية ترى في حجاب الطالبات الجامعيات وطالبات مدارس الثانوية إعلان دعم للأصولية الإسلامية لا يتلاءم على حد زعمهم مع علمانية الدولة على الرغم من أن الغالبية الساحقة من الأتراك مسلمون.

 ويتكرر المشهد في التعبير السياسي لهذا الصراع  القائم بقيام تظاهرات شبيهة بتلك التي حصلت في نيسان الماضي  لما عرف بالتظاهرات العلمانية، رفضا لترشيح عبد الله غول لرئاسة الجمهورية، إذ يحاول متشددو العلمانية في تركيا تكرار السيناريو ذاته، بعد  افشال مشروع قانون لتعديل الدستور، يقضي بالسماح بارتداء الحجاب في الجامعات، دون غيرها من المؤسسات الرسمية.

واللافت في تلك التظاهرة العلمانية، أنها كانت بدعوة من جمعية نسائية، تدعى "نساء الجمهورية"، وأخرى تدعى "جمعية دعم الحياة المعاصرة"، وشاركت فيها 58 منظمة مدنية.

وكانت غالبية المشاركين في التظاهرة من النساء كما لو أن معركة الحجاب، هي معركة نسائية، في حين أنها معركة تتصل بصميم معركة الحريات والديمقراطية، التي قادها رئيس الحكومة رجب طيب اردوغان منذ وصوله إلى السلطة، وقادت بدورها إلى فتح أبواب تركيا أمام مفاوضات العضوية مع الاتحاد الأوروبي، وإنجاز ما عجز عنه العلمانيون على امتداد العقود الماضية.

وعندما اتخذت  المحكمة الدستورية التركية قرارها ببطلان التعديلات القانونية والتي تسمح للطالبات بارتداء الحجاب في الجامعات فان مثل هذا الحكم سيعزز لا محالة قضية المطالبين بإغلاق حزب العدالة والتنمية الحاكم بتركيا ويدخله في معركة قضائية أخرى يواجه فيها خطر الحظر ومنع عدد كبير من قيادييه من ممارسة العمل السياسي ومن بينهم رئيس الوزراء رجب طيب اردوجان ورئيس الجمهورية عبد الله غول بسبب رفع دعوى ضد الحزب أمام المحكمة العليا في تركيا بتهمة القيام بنشطات تقوض النظام "العلماني" في تركيا.

وينظر حزب العدالة إلى هذا القرار باعتباره إشارة إلى إن المحكمة تتجه إلى إصدار قرار بحظره في وقت لاحق من هذا العام. ويخشى إن يؤدي هذا القرار إلى تسريع انقسام المجتمع التركي على أسس دينية ويضع أنقرة  من جديد أمام امتحان الالتزام بالقواعد الديمقراطية المدعو للالتزام بها صفوف العلمانيين قبل الإسلاميين. وسيكون من شأن القرار إعادة فتح ملف الصراع على السلطة بين العلمانيين والحزب المحسوب على التيارات الإسلامية، بعد سبعة أشهر على الانتصار الواضح للحزب في الانتخابات النيابية التي سمحت له بإيصال أحد أبرز أركانه، وزير الخارجية السابق، عبدالله غول، إلى سدة الرئاسة.

[email protected]