السوشال ميديا.. ميدان جديد لمعارك نصرة فلسطين

جانب من فعاليات اعتصام منطقة الرابية بجانب مسجد الكالوتي  - (تصوير ساهر قداره)
جانب من فعاليات اعتصام منطقة الرابية بجانب مسجد الكالوتي - (تصوير ساهر قداره)

مجد جابر

اضافة اعلان

عمان - لم تكن تلك المعارك التي تجري على السوشال ميديا "افتراضية"، إذ إن معركة الدفاع عن فلسطين وحق شعبها ونشر ما يحدث من انتهاكات على أراضيها معركة "حقيقية" يخوض غمارها الكبار والصغار من كافة الفئات العمرية.

السوشال ميديا تحصد نصف مليار مستخدم العام الماضي


مواقع التواصل الاجتماعي تمتلئ بصور وفيديوهات وعبارات تؤكد على أهمية عودة الحق لصاحبه، وتعري فضائح الاحتلال وهو يغتصب أراضي ويشرد عائلات ويحرم الصغار من عائلاتهم ويقتل أرواحاً بريئة لا ذنب لها سوى أنها أرادت البقاء في مكانها دفاعا عن حقها في أراضها.


جاءت منصات التواصل لتتوحد في ما ينشر عليها، اتجاه قضية مركزية، هي "فلسطين"، ونقل كل ما يدور في أراضيها، ليعيش المتابع على فيسبوك، انستغرام، تويتر، سناب شات، وعلى مدار الساعة، الأحداث أولا بأول، ويشعر بحجم الألم والمعاناة والظلم الذي يقع على عاتق عائلات تدافع عن حقها.


لم يكن هذا التكاثف هو الأول من نوعه اتجاه القضية الفلسطينية، إلا أن اللافت هذه المرة هو تحييد كل القضايا الأخرى جانبا، وجعل ما يحصل في فلسطين هو الأولوية.

وايصال الصوت لكل الأهالي بأن هنالك من يشعر بحزنهم وألمهم، ويتضامن معهم من مختلف بلاد العالم وبمشاركة العديد من الجنسيات الذين اتحدوا على نصرة الفلسطينيين إيمانا في حقهم الكامل على أراضيهم.


ويذهب أستاذ الإعلام في جامعة البتراء الدكتور تيسير أبو عرجة، الى أن هذه الحرب التي تشنها دولة العدوان على قطاع غزة ومناطق في فلسطين تأتي في وقت امتلكت فيه جماهير غفيرة وسائل وأدوات تعبيرية الكترونية، تمكنها ان تعبر عن رأيها ومواقفها ومشاعرها المؤيدة للحق الفلسطيني، وتعرية العدوان بأساليبه وانتهاكاته.


ويشير الى أن وسائل التواصل الاجتماعي دخلت الميدان هذه المرة بشكلها الايجابي، وعبر مستخدميها عن آرائهم بفعالية واقتدار من كل مكان في العالم، و"فضح" الاحتلال في صورته الحقيقية التي طالما أخفاها وحاول فيها ممارسة كافة اشكال التضليل.


ويرى أبو عرجة أن هذه الهبة الجماهيرية وما تقدمه من صور وفيديوهات تندد بالجرائم التي ترتكب، وعبارات التأييد للشعب الفلسطيني وكشف أبعاد الحرب ونتائجها ومايقدمه الابطال والنساء من أرض فلسطين؛ ساهم بإعطاء العالم صورة واضحة ومؤثرة، وكشف زيف الدعاية الصهيونية.


ويشير الى أن المواكبة العالمية لهذه الحرب والدور المؤثر الفاعل وغير المسبوق لوسائل التواصل الاجتماعي سيأتي ثماره ولا شك وسيكون له تأثيراته البالغة على مجريات الصراع خصوصا لجهة التأييد العارم للحق الفلسطيني، والدفع باتجاه الوحدة والتلاحم بين مكونات الشعب الفلسطيني وتجمعاته في الداخل الفلسطيني.

وبين أن القضية الفلسطينية تعود بكل زخم وقوة الى الواجهة، وتشهد تعاطفا شعبيا عربيا وعالميا، بما ينعكس ايجابيا على ما نرجوه من تطورات في المرحلة القادمة.


المستشار والمدرب في شبكات مواقع التواصل الاجتماعي خالد الأحمد، يقول إنه ومع اختلاف سياسات الدول، كان الحل باللجوء لمنصات مواقع التواصل الاجتماعي، ومن العوامل التي لعبت دورا في هذا الموضوع، جائحة كورونا وما فرضته من تواجد للناس في البيوت أوقاتا طويلة، وبالتالي متابعة مستمرة لمواقع التواصل الاجتماعي ونشاط كبير أكبر من ذي قبل.


إلى ذلك، هناك عدد من المؤثرين الحقيقيين الذي ساهموا من خلال البث المباشر من الداخل بإيصال كل ما يحدث للعالم الخارجي، كذلك اشتراك أكثر من مؤثر في بث مباشر واحد، ما زاد من أعداد المتابعين ونقل ما يشاهدونه على صفحاتهم.


الى جانب قيام هؤلاء المتابعين باستضافة مؤثرين لديهم قاعدة جماهيرية، ما جعل نسبة الظهور والانتشار في البث الداخلي من القدس ومناطق اخرى في فلسطين حاضرا وبقوة، مبينا أن الكثيرين استخدموا خاصية جديدة على منصة انستغرام وهي تتيح للشخص ان يبث بشكل مباشر ويستضيف ثلاثة ضيوف بدلا من ضيف واحد، وهو ما أوجد فرصا مضاعفة للانتشار.


كذلك، توحيد الهاشتاغ باللغتين العربية والانجليزية، وهو ما جعل مشاهير عالميين يلتفتون للقضية الفلسطينية، ويساندونها ويطالبون بحقوق الفلسطينيين. ووفق الأحمد، فإن اللافت أيضا هو مشاركة اليافعين والشباب والجيل الجديد الذي كان الاعتقاد أنه غير مدرك لما يحصل في فلسطين، لكن أثبت العكس بوعيه وادراكه وثقافته.


ويعتبر الأحمد أن المناصرة "الرقمية" لها أهمية كبيرة وتساهم في ايصال الصوت والانتشار الكبير، وأيضا محاربة ما تلجأ اليه سياسات بعض المنصات الالكترونية بحذف الحقيقة، والتقليل من نسب الانتشار.


وأظهرت بيانات وردت في تقرير عالمي أصدرته شركة “Hootsuite” عن حالة الانترنت حول العالم وانتشر على منصة “سلايدشير” العالمية، أن عدد حسابات الأردنيين على “فيسبوك” بلغ مع بداية العام الحالي قرابة 5.5 مليون حساب.


وذكر التقرير العالمي أن الأردنيين يعتمدون بشكل كبير أيضا على تطبيقات التراسل، وخصوصا "فيسبوك مسنجر" التابع أيضا لشركة “فيسبوك” العالمية، اذ بلغ عدد حسابات الأردنيين على هذا التطبيق قرابة 3.5 مليون حساب. وأكثر من 99 % منهم يستخدمون الشبكة عبر أجهزة الهواتف الذكية.


وقال التقرير إن هذا العدد من الحسابات يشكل نسبة تصل إلى 74.7 % من إجمالي عدد السكان ممن تبلغ أعمارهم 13 سنة فما فوق.


ومن جهة أخرى، ذكر التقرير أن عدد حسابات “فيسبوك” في الأردن شكلت مع بداية العام الحالي حوالي 80.4 % من إجمالي عدد مستخدمي الانترنت في الأردن والمقدر، وفقا للتقرير، بحوالي 6.84 مليون مستخدم.

وأشار التقرير إلى أن 58.2 % من أعداد حسابات شبكة “فيسبوك” في الأردن يستخدمها الرجال، فيما تستخدم النساء النسبة الباقية المقدرة بحوالي 41.8 % من إجمالي أعداد الحسابات.


ويذهب الاختصاصي الاجتماعي الدكتور محمد جريبيع، الى أن الاعلام دائما هو أحد المحاور الأساسية في الحروب والقضايا العامة، وهو جزء من الحرب النفسية، والآن مع تطور السوشال ميديا، فإنها لعبت دورا مهما في الأحداث الواقعة في فلسطين وعززت من موقفهم وصمودهم.

ويشير جريبيع الى أن هذه المواقع ساهمت بأن تبقى القضية الفلسطينية وتاريخها في الواجهة وصدارة الاحداث، وكأنها لم تغب يوماً واحدا.

واعتبر أن الأحداث البطولية والمقاومة التي يقوم بها الفلسطنيين ساهمت في زيادة الوعي وتعزيز صمود المقاومين والشعب بالداخل، وأصبحت السوشال ميديا وسيلة تواصل بين مناطق في فلسطين، وايصال ما يحدث للعالم أجمع.