عاصفة إلكترونية وحراك لا يتوقف لسحب مشروع قانون العمل

عامل بناء يزاول عمله في إحدى البنايات قيد الإنشاء في عمان- (تصوير: أمير خليفة)
عامل بناء يزاول عمله في إحدى البنايات قيد الإنشاء في عمان- (تصوير: أمير خليفة)

رانيا الصرايرة

عمان- لم يتوقف حراك مدني محلي عن المطالبة بسحب مشروع قانون العمل، الذي أقرته لجنة العمل النيابية مؤخرا، ومن المنتظر مناقشته من قبل مجلس النواب، لتكون آخر الفعاليات المطالبة بسحب القانون عاصفة إلكترونية نفذتها مجموعة من منظمات المجتمع المدني مساء أول من أمس أكدت رسائلها ان التعديلات "قاصرة ومنقوصة".اضافة اعلان
وكانت الحكومة فتحت 8 مواد من قانون العمل للتعديل وأرسلتها إلى البرلمان لمناقشتها وإقرارها، لتنحصر هذه التعديلات بالسماح لوزارة العمل بالتعاقد مع أي شخص أو جهة خارج المملكة لغايات تشغيل الأردنيين وفق تعليمات يصدرها الوزير، وكذلك السماح بترخيص شركات متخصصة في نشاط معين تستخدم عمالا أردنيين وتتعاقد مع أصحاب العمل لتزويدهم بهؤلاء العمال.
وألغت التعديلات كلمة "استخدام" والإبقاء على "استقدام" في مهام المكاتب التي ترخص لتشغيل عمال المنازل وغيرهم، ويقصد بذلك أن يقتصر دور المكاتب في استقدام العمال من الخارج من دون التدخل بعد الانتقال من صاحب عمل إلى آخر، أو أي إجراءات أخرى تلي الاستقدام.
كما زادت قيمة الغرامة المفروضة على من يمارس أعمال التوسط في تشغيل العمال داخل المملكة أو خارجها من دون ترخيص لتتراوح بين 3000- 5000 دينار بدلا من 500 – 1500 دينار.
وأضافت نصا يعطي وزير العمل صلاحية إصدار تعليمات تتضمن المهن التي يحظر على العمال غير الأردنيين العمل بها والنسب المسموح باستخدامها من العمالة غير الأردنية لدى أصحاب العمل، والضمانات الواجب عليهم تقديمها لهذه الغاية، كما أعطت وزير العمل صلاحية تحديد قطاعات وأنشطة معينة لتكون مدة تصريح العامل فيها سنتين.
ونصت على إصدار نظام خاص برسوم تصاريح العمل وأنواعها والغرامات التي تفرض على العمال وأصحاب العمل عن المخالفات الخاصة بتصاريح العمل.
كما تمت اضافة حالة "ترك العامل عمله" كسبب لتسفيره بقرار من وزير العمل، وزيادة المدة التي يحظر على العامل الذي تم تسفيره من العودة إلى المملكة من 3 سنوات إلى 5 سنوات.
وتمت إضافة حالة "تعرض العامل للتحرش" إلى الحالات التي يحق للعامل بسببها ترك العمل من دون إشعار، والاحتفاظ بحقه بالمطالبة بحقوقه القانونية وتعويضات العطل والضرر، وأعطت وزير العمل صلاحية إصدار أسس خاصة بالمصادقة على شهادة الخدمة للعامل، وأضافت نصا يؤكد أن الأجر عن العمل الإضافي يجب أن يدفع خلال مدة لا يزيد على 7 أيام من تاريخ استحقاقه أسوة بالأجر المعتاد.
وتم الغاء المادة 69 كاملة، وهي المادة التي تسمح لوزير العمل بتحديد الأعمال والأوقات التي لا يجوز تشغيل المرأة فيها، وزيادة الغرامة على الأفعال المخالفة لأحكام قانون العمل التي لم تحدد لها عقوبة خاصة، لتصبح ما بين 500 – 1000 دينار بدلا من 50 – 100 دينار.
وفي هذا الصدد يؤكد مدير بيت العمال حمادة ابو نجمة أن عملية إصلاح قانون العمل يجب أن تكون شاملة في إطار مراجعة وطنية شاملة للقانون مبنية على حوار وطني يضمن مصالح الأطراف والمتطلبات الوطنية، ويراعي المعايير الدولية والحقوق الأساسية في العمل، ويستهدف توفير شروط العمل اللائق لجميع العمال، وشموله لكافة قطاعات العمل وفئات العمال من دون أي استثناء، ومنهم العاملون في القطاع غير المنظم، والقضاء على التمييز في الاستخدام والمهنة بكافة أشكاله.
كما طالب بالقضاء على جميع أشكال العمل الجبري أو الإلزامي؛ وعلى عمل الأطفال، وتطوير وتعزيز آليات الحوار الاجتماعي والمفاوضة الجماعية، وحماية الحق في التنظيم النقابي، وزيادة معدلات المشاركة الاقتصادية للمرأة، إلى جانب احترام معايير العمل المتعلقة بساعات العمل والإجازات الأسبوعية والرسمية والسنوية والمرضية وشروط السلامة والصحة والمهنية، بالإضافة الى تضمين القانون أدوات فعالة لإنفاذه من خلال تعزيز قدرات أصحاب المصلحة في إنفاذه عمالا وأصحاب عمل.
ويرى ابو نجمة ان التعديلات المقترحة والمعروضة على مجلس النواب حاليا "لا تلبي أيا من هذه الشروط وجاءت قاصرة عن مواكبة ظروف سوق العمل والتطورات التي طرأت عليه خلال الفترة من وضع القانون العام 1996 إلى الآن، وآخرها ما عكسته الجائحة من آثار على طبيعة علاقات العمل، فاقتصرت التعديلات المقترحة على مواد محدودة معظمها لم يكن قد مضى على تعديلها سوى بضعة أشهر في القانون المعدل رقم 14 للعام 2019، كما تم إعدادها من دون حوار ثلاثي ووطني، ولم تستند إلى نظرة شاملة للقواعد الأساسية لمتطلبات عملية إصلاح تشريعات العمل".
وقال إن قانون العمل ذو تأثير مباشر على مصالح مختلف شرائح المجتمع ويستحق أن يحظى باهتمام خاص في طريقة تطويره، وأن تحترم فيه القواعد المعتمدة دوليا في إصلاح تشريعات العمل التي التزم بها الأردن من خلال مصادقته على مجموعة واسعة من الاتفاقيات والصكوك الدولية ذات العلاقة، وعضويته في منظمتي العمل العربية والدولية، بما يضمن أن يحظى بأوسع قبولٍ ممكن من الشركاء الاجتماعيين والمجتمع المدني ككل قبل عرضه، بحيث يوفر الحمايات الاجتماعية الضرورية المتعارف عليها والتعامل معها باعتبارها حدودا دنيا من الحقوق والحمايات والالتزامات للعاملين وأصحاب الأعمال، والتي تشكل الأرضية اللازمة لتحقيق التوازنات في علاقات العمل.
كما طالب بأن تتوقف الحكومة عما انتهجته في السنوات القليلة الماضية من انفراد في طرح تعديلات على مواد من قانون العمل لا تعكس سوى وجهة نظر قاصرة عن مواكبة الاحتياجات الوطنية الفعلية وتعالج مشاكل سوق العمل، وتواكب تطوراته وتوفر الحمايات القانونية اللازمة للعاملين، الأمر الذي تسبب في فوضى تشريعية وتشتت في الأحكام القانونية وتناقضها.
بدورها، قالت إحدى رسائل العاصفة الإلكترونية التي نظمها كل من جمعية تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الانسان، وبيت العمال للدراسات، ومركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية: "يفترض في أي توجه لإجراء تعديلات على قانون العمل أن يراعي القواعد الأساسية لحقوق العمل التي ضمنها الدستور الأردني ومعايير العمل الدولية التي التزم بها الأردن واتفاقيات العمل الدولية، وهذا ما لم يحصل عند تعديل قانون العمل".
وقالت رسالة اخرى: "المطلوب أن تكون التعديلات مبنية على دراسة شاملة وفي إطار حوار وتشاور حقيقي، وعلى مستوى ثلاثي (بين ممثلي العمال وأصحاب العمل والحكومة)، ومن ثم على مستوى وطني يشمل الجهات والفئات المتأثرة ومنظمات المجتمع المدني والخبراء".
فيما قالت رسالة أخرى: "التعامل مع قانون العمل بتعديله بالتجزئة جعل من معالجته لقضايا العمل قاصرة عن تحقيق الحماية المطلوبة للعمال، ولا تشتمل على آليات فعالة للتطبيق، وكثير من أحكامه لا تحقق التوازن في العلاقة بين العمال وأصحاب العمل"، و"ندعو الحكومة لفتح حوار اجتماعي شامل مع مختلف الأطراف الفاعلة في قطاع العمل لتطوير مسودة قانون تتناسب ومعايير العمل الدولية الحديثة المتعارف عليها عالميا".