"إخوان" الأردن والنموذج المغربي

لو طبق القانون الأردني في المطبوعات والعقوبات على الصحافة المغربية لندر أن تجد صحافيا مغربيا خارج السجن. فالصحافة في المغرب أصبحت لا يحدها خط أحمر. حتى في التعامل مع ملفات حساسة لا تجدها في الصحافة الأردنية. المقارنة لا تتوقف هنا، الأحزاب في المغرب حقيقية. ولا تحتاج قانون أحزاب، الحزب الحاكم الاتحاد الاشتراكي من أعرق الأحزاب اليسارية وخاض نضالا داميا وحمل السلاح ضد الملكية، قبل أن يندمج في الحياة السياسية في حكومة التناوب في عهد الحسن الثاني.

اضافة اعلان

تداول سلطة في المغرب؟ في الأمر مبالغة. التداول في إطار الحدود التي يضعها القصر أو المخزن بالتعبير المغربي. فالوزارات السيادية (الخارجية والداخلية والعدل والأوقاف) ناهيك عن الجيش من اختصاص المخزن. ذلك كله يعصم البلد من مفاجآت الانتخابات المزمعة في العام المقبل. وبحسب شخصية مقربة من الملك فإن الإسلاميين لو فازوا "يشكلون الحكومة ونصبر عليهم ستة أشهر فإن كان أداؤهم مرضيا يكملون وإن كان غير ذلك الجيش موجود".

لا أحد في المغرب يشكك بفوز حزب العدالة والتنمية في الانتخابات. السؤال المطروح في الأوساط المغربية يتلخص في "كم نسبة الأكثرية التي ستسمح الدولة بها للإسلاميين؟". وهذه النسبة ترتبط بعوامل محلية وإقليمية ودولية، ويترتب عليها تداعيات بالمستويات ذاتها.

الأميركيون أجروا حتى اليوم استطلاعين للرأي أظهرا فوز حزب العدالة والتنمية في الانتخابات المقبلة.  أمين عام الحزب سعد الدين العثماني يستغرب الاهتمام الأميركي ويتساءل إن كان في الاستطلاعين نوع من التحريض المسبق. تساؤلات العثماني لا تجعله في خانة المصابين بالرهاب من أميركا. فهو يتعامل معها كقوة دولية، وإن كانت لها مواقف معادية لتطلعات العرب والمسلمين، وقد زار أميركا والتقى بعدد من الخبراء في مراكز التفكير والدراسات، وهو ما سبق أن فعله مع عدد من الدول الأوروبية المتوجسة، مثل فرنسا وإسبانيا.

سألت العثماني إن كانت زيارته لأميركا تقلل من شعبية الحزب في وسط معاد للسياسة الأميركية. أجاب "حتى داخل الحزب من انتقد الزيارة علانية وأتفهم ذلك، لكنني زرت طهران بعدها"، فالحزب لا يخرج عن جلده، وقد سير أكبر المظاهرات المنددة بالسياسات الأميركية أثناء العدوان على العراق. ويوضح العثماني أن زيارة أميركا ما كانت لتتم لو جاء توقيتها في غضون العدوان على لبنان.

تذكرت موقف الإخوان المسلمين في الأردن عندما رفضوا استقبال السفير الأميركي؛ ذلك الموقف عبر عن مخاوف أكثر منه عن قناعات. خوف من القاعدة الشعبية التي تكن الكراهية للسياسات الأميركية وخوف من الحكومة التي ستشكك في لقاءات من وراء ظهرها.

المقارنة بين الأردن والمغرب لا تتوقف. فالفسحة التي منحتها الدولة في المغرب للديمقراطية أضعاف الفسحة الممنوحة في الأردن. ومع ذلك لم تقنع الفسحة المغربية جماعة العدل والإحسان بالمشاركة. وهي الشق المقاطع للحياة السياسية في الحركة الإسلامية المغربية. الجماعة ترفض الاعتراف بالنظام، وترى في العمل السياسي مجرد تزيين لنظام استبدادي. وكثيرا ما تتعرض الجماعة للملاحقة وتمنع الكثير من نشاطاتها، حتى تلك التي حاولت التظاهر ضد العدوان الإسرائيلي.

المغرب ليس بمنأى عن التيارات الجهادية. الأيام الماضية شهدت الكشف عن تنظيم مسلح اخترق القوات المسلحة المغربية. وشهد المغرب تفجيرات فنادق قبل تفجيرات عمان، حاولت بعض الجهات تحميل مسؤوليتها للتيار الإسلامي العريض دون طائل. ولم تقدم الحكومة المغربية حزمة قوانين الإرهاب التي قدمتها الحكومة الأردنية.

[email protected]