الأردن أمام سيناريوهات رام الله

يهدد مسؤولون في السلطة الوطنية الفلسطينية برد غير مسبوق في حال أعلنت إسرائيل عن ضم مناطق من الضفة الغربية، وفي حال جاءت صفقة القرن، معاندة لمصالح الفلسطينيين، والتلميحات حول شكل الرد، متنوعة، ومختلفة.اضافة اعلان
اللافت للانتباه هنا، ان السلطة الوطنية الفلسطينية، ما تزال في حالة توجيه التهديدات اللفظية، برغم كل الذي جرى على صعيد اتفاقية أوسلو، التي كانت بوابة للاعتراف بثلاثة ارباع فلسطين، باعتبارها إسرائيل، فوق اخراج القدس، على يد الأميركيين والإسرائيليين، من خريطة الحل النهائي، واستمرار مشاريع تهويد المدينة، ومصادرة ارض الضفة الغربية، وبناء المستوطنات، وإعلان نتنياهو وأد مشروع الدولة الفلسطينية، وغير ذلك، وكأن كل هذه البلاءات لا توجب ردا من السلطة الوطنية الفلسطينية التي تنتظر فقط ضم أجزاء من الضفة الغربية، او اعلان صفقة القرن، حتى تعلن عن رد فعلها، إزاء الولايات المتحدة وإسرائيل.
على الاغلب كل تلميحات الرد الفلسطيني تتحدث عن اعلان الفلسطينيين الغاء اتفاقية أوسلو، او حل السلطة الوطنية الفلسطينية، ولا حديث أساسا عن اطلاق انتفاضة ثالثة، او أي حل آخر، مع الإقرار هنا، ان سلطة رام الله، قد لا تكون قادرة على اتخاذ أي من القرارين السابقين، وستواصل ألمها على انقاض المشروع الفلسطيني، وعلى اطلال الدولة الفلسطينية، التي لن تقوم، مثلما اعلن ذلك رئيس الحكومة الإسرائيلية، خلال حملته الانتخابية.
نحن هنا، امام وضع يقول ان سكوت السلطة على ضم أجزاء من الضفة الغربية، او السكوت على صفقة القرن، سيؤدي الى نتائج وخيمة، على الرغم من ان عواصم عدة، تعتقد ان مجرد الصمت، وإعلان الرفض للقرار الإسرائيلي، او الصفقة الأميركية، كاف من اجل افشالها، لكن لا احد يقول لك، اذا كان الاعتراض او الصمت، هنا، سيؤدي الى نتيجة، او سيمنع الإسرائيليين، من إتمام مخططهم في الضفة الغربية.
من جهة ثانية فإن الإعلان عن الغاء اتفاقية أوسلو، او حل السلطة الوطنية الفلسطينية، على افتراض حدوثه، وهو امر قليل الاحتمال، سيؤدي الى تداعيات واسعة، لن تقف عند حدود الضفة الغربية، بل ستضع الضفة ذاتها، امام سيناريو مفتوح ومكلف على صعيد الفلسطينيين، وعلى صعيد الأردن، من حيث تأثر الأردن، بأية مستجدات في الضفة الغربية، لاعتبارات كثيرة، وهذا يعني ضمنيا، ان الأردن ليس من مصلحته حل السلطة الوطنية، ولا الغاء اتفاقية أوسلو، وفي الوقت ذاته، فإن بقاء السلطة بذات دورها، في حال تم ضم أجزاء من الضفة الغربية، او تم الإعلان عن صفقة القرن، سيؤدي فعليا، الى تكريس الحال القائم، بما يعنيه من ازمة مزمنة، لها تداعياتها البعيدة أيضا، على الفلسطينيين وعلى الأردن.
ماذا يمكن ان ينصح الأردن الفلسطينيين في هذه الحالة، خصوصا ان علينا ان نسأل اذا ما كان هناك تنسيق أردني - فلسطيني، إزاء رد الفعل الواجب اتخاذه في حال أعلنت إسرائيل عن قرارها بضم أجزاء من الضفة الغربية، او أعلنت واشنطن عن صفقتها، والسؤال هنا، مهم من ناحية استراتيجية، ومن ناحية حسابات المصالح الأردنية والفلسطينية، التي تتقاطع بشكل او آخر، خصوصا في هذا التوقيت!.
اذا فحصنا كل الخيارات المتاحة امام الفلسطينيين، من زاوية أردنية بحتة، نجد ان كل خيار له تقييماته، سواء عدم الرد على أي تطورات، بغير التنديد، والشجب، او قبول رام الله، مرغمة، للإجراءات الإسرائيلية والأميركية أحادية الجانب، او حتى خيارات الغاء أوسلو، او حل السلطة الوطنية الفلسطينية، او حتى اندلاع انتفاضة ثالثة، او أي سيناريو آخر.
هنا يتبدى السؤال حول منسوب التنسيق الأردني - الفلسطيني هذه الأيام، إزاء ملف له تداعياته شرقا وغربا، ولا يمكن اعتباره، مجرد ملف مرتبط بالفلسطينيين، فرادى، ونحن ندرك اننا امام مرحلة تصفية لكل الملفات، من القدس، مرورا باللاجئين، وصولا الى الضفة الغربية، والسكان، والحدود، وحتى ملف وكالة الغوث الدولية.
الملف الفلسطيني، عبر كل الزوايا السابقة، يعد ملفا أردنيا، في حسابات الجوار والاقليم، وفي حسابات الداخل الأردني، وعلينا ان نستبصر جيدا، اذا ما كانت سلطة رام الله، ستتصرف وحيدة، في هذا الملف، ام ان هناك ثنائية أردنية فلسطينية، تقرأ كل السيناريوهات معا، وتضع خطة مشتركة، في توقيت عاصف.