حل شيفرة الاتفاق النووي الإيراني

فنيون في مرفق نووي إيراني - (أرشيفية)
فنيون في مرفق نووي إيراني - (أرشيفية)

إي. جيه. ديون جيه. آر* – (الواشنطن بوست) 5/4/2015

ترجمة: علاء الدين أبو زينة

عادة ما تكون الاتفاقيات التي تتضمن وضع قيود على الأسلحة، أو القنابل النووية أو ما شابه، معقدة وتقنية، ولا يستطيع سوى عدد محدود من الناس من بين خبراء الحد من التسلح فهم معنى كل تفصيل فيها بشكل كامل.اضافة اعلان
مع ذلك، تشكل هذه الأمور في الدول الديمقراطية -بل وينبغي أن تكون- موضعاً للنقاش. وفي بعض الأحيان، يتظاهر بعض المنخرطين في النقاش بامتلاك معرفة أكثر من التي يمتلكونها فعلاً، ويقذفون بمجموعة من الأرقام -التي تتيحها لك بسهولة صحيفتك المفضلة- حول أجهزة الطرد المركزي، والتخصيب وما شابه. والبعض الآخر يكونون أكثر صراحة إلى حد ما، فيعترفون بأن وجهة نظرهم تشكلت على أساس ما كانوا يعتقدونه حتى قبل نشر حقيقة واحدة، رغم أن هؤلاء أيضاً سيعرضون بعض النقاط والأفكار المتصلة بالبيانات، فقط من أجل تعزيز مصداقيتهم.
هكذا كان واقع الحال مع إطار عمل الاتفاق الذي أعلن عنه في الأيام الأخيرة، والمصمم لمنع إيران من تطوير أسلحة نووية؛ أو على الأقل، ضبط احتمال ظهور إيران نووية مستقبلاً لمدة عقد أو نحو ذلك. وتتيح حقيقة أن ما تحقق هو "إطار عمل"، وأنه لن يتم التوصل إلى اتفاق نهائي قبل بضعة أشهر مقبلة، مساحة كبيرة للمناورة أمام الجميع. وفي أعقاب الإعلان، كانت الولايات المتحدة أكثر استعداداً بكثير من إيران للكشف عن مزيد من التفاصيل، فيما يقترح أن هناك أجزاء من الاتفاق ما يزال يكتنفها الغموض.
حتى أكون واضحاً، أعترف بأنني لست في مأمن من تعرض وجهة نظري للنقد. إنني أرحب بهذا الاتفاق -أو ما قبل الاتفاق- لأنني منذ البداية أيدت فكرة محاولة الضغط على إيران من أجل تأجيل حصولها على سلاح نووي. ذلك أفضل من البدائل الأخرى، بما فيها شن حرب أو بذل جهود للإبقاء على العقوبات قائمة مع حلفاء ليس من المرجح أن يدعموها، خاصة إذا قامت الولايات المتحدة بتخريب المفاوضات.
كما أنني أرى الإمكانية -ليس الاحتمالية، وإنما الفرصة- التي يمكن أن تجعل إيران تنفتح، ويمكن أن تقوي أولئك الذين يدفعون في داخلها من أجل تحصيل المزيد من الحريات. وما لم تكن تعتقد بأن في هذا حماقة، فلك أن تفكر بأن كلاً من رونالد ريغان ومارغريت تاتشر اعتقدا بأن المراهنة على ميخائيل غورباتشوف يمكن أن تفضي إلى إحداث تغيير في الاتحاد السوفياتي. (قالت تاتشر: "أنا أحب السيد غورباتشوف. يمكننا القيام بأعمال معاً"). وقد ظن الكثيرون من مؤيديهما التقليديين أنهما كانا مخطئين بشكل خطير، وربما ساذجين. لكنهما كانا على حق.
بالإضافة إلى ذلك، لا أعتقد أن علينا أن نمنح العربية السعودية أو أي دولة سنية أخرى حق النقض عندما يتعلق الأمر بقرارات سياستنا الخارجية، كما أعتقد أن إسرائيل، على المدى الطويل، سوف تكون أكثر أمناً وليس تحت خطر أكبر، إذا تمكنا من احتواء إيران بهذه الطريقة. وفي حين يعارض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هذه الفكرة بشكل قاطع، فإنني أعتقد بأنه في حال حصلت الولايات المتحدة على الصفقة التي تريدها، فإن الكثير من المناصرين الأميركيين لإسرائيل سوف يختلفون معه.
لكن هناك شيئاً آخر مطمئناً بخصوص هذه الجولة الأولى: إن المخطط يبدو أكثر صرامة وأكثر تقييداً مما اعتقد الكثير من المتشككين أنه سيكون عليه. نعم، لقد أدار وزير الخارجية جون كيري وإدارة أوباما التوقعات بطريقة جيدة. لكن الانعطافة في أوساط المتشككين المنفتحين، كانت في اتجاه مفاجأة سارة.
صحيح أن الحقائق كما نعرفها تُقرأ بطريق مختلفة، اعتماداً على توجهات القارئ. ويقول الرئيس أوباما إن عمليات التفتيش المستشرفة ستكون "قوية واقتحامية". ويقول منتقدوه إنها ليست قريبة من أن تكون اقتحامية بما يكفي. ويلاحظ مؤيدو الصفقة أن عدد أجهزة الطرد المركزي التي سوف تشغلها إيران لتخصيب اليورانيوم قد خُفضت من 19.000 جهاز إلى 5.000 فقط. ويقول المنتقدون إن إيران ستظل تشغل 5.000 جهاز، وإنه لم يُطلب منها تدمير البقية. ويعرب هؤلاء عن خشيتهم من أن إزالة العقوبات المفروضة على إيران ستتم بسرعة كبيرة جداً، وليس على مراحل.
مع ذلك كله، يعترف حتى بعض البعيدين عن شراء اتفاق الإطار بأنه يحتوي على بعض التدابير المفيدة: الحد من تخصيب اليورانيوم؛ تحويل منشأة فوردو النووية تحت الأرض إلى "مركز للأبحاث"، والحيلولة دون أن يتمكن المفاعل الإيراني في آراك على إنتاج بلوتونيوم بدرجة تصنيع الأسلحة. ولست أعرض هذه المادة لأزعم لنفسي أي خبرة في هذه الشؤون، وإنما لكي أشير إلى فائدة منطقية: إذا كان حتى أولئك الذين يميلون إلى الشك في التوصل إلى اتفاق يعتقدون بأن هذه عناصر إيجابية، فإنها تشكل على نحو شبه مؤكد خطوات إلى الأمام.
سوف تود أن تعتقد أنه في عندما يتعلق الأمر بمسألة بمثل هذه الأهمية، فإن المشاركين في النقاش سوف يعترفون بوجود نقاط للغموض ومواطن للشك، وبأن على كل طرف الاعتراف بأنه يضع الآن رهاناً –على الأمل، أو على الشك. لكنني لا أحبس أنفاسي. وعادة ما يكون السيناتور مارك كيرك (الجمهوري من ألينوي) من النوع المنطقي، لكنه قال في إشارة إلى كبيرة مفاوضي وزارة الخارجية الأميركية في إحدى المقابلات "إن نيفيل تشامبرلين حصل من هتلر على ما هو أكثر بكثير مما حصلت عليه ويندي شيرمان من إيران". وفي الحقيقة، ليست هذا طريقة واعدة للبدء منها.

*يكتب عمودين أسبوعيا عن السياسات الحزبية الأميركية. وهو أيضاً زميل رفيع في دراسات الحكم في معهد بروكينغز، وأستاذ الحكم في جامعة جورجتاون، ومعلق سياسي للراديو الوطني العام، وعدة منافد إعلامية أخرى.
*نشر هذا المقال تحت عنوان:
? How to read the Iran debate