حين يكون القلق خيارك

الخوف يجعل من المستحيل على الفرد التقدم خطوة واحدة إلى الأمام- (أرشيفية)
الخوف يجعل من المستحيل على الفرد التقدم خطوة واحدة إلى الأمام- (أرشيفية)

إسراء الردايدة

عمان-  المتطلبات والتوقعات التي تحمل بها نفسك تنعكس عليك وتولد مزيدا من الضغط في بعض الأحيان، والتي تجعل من الصعب عليك الخروج منها وتصعب من مجرى حياتك وتؤخرك عن الانجاز، ومن هنا فإنك تحتاج لطريقة للخروج من دوامة القلق التي تعتريك وتغير طريقة استجابتك مع التوتر.اضافة اعلان
فالتوتر هو حالة يخلقها الفرد لمواجهة عدم اليقين، بحسب مدير العلاقات والقيم الروحية والنفسية ديباك شوبرا وهو مؤلف العديد من الكتب في الصحة والنجاح واعادة الصفاء للروح والتناغم بين الروح والجسد، ومشارك فاعل في برنامج اوبرا وينفري الشهير.
والتوتر يعزز الحاجة لمزيد من التفكير فيما سيحدث واتخاذ قرار مبني على تنبؤات وتوقعات افضل، وفقا لشوبرا.
 ولكن الشخص المتعب والمنهك لا يمر بتلك المرحلة وانما يقفز مباشرة لدائرة الشعور بالخوف  وينتابه احساس بعدم اليقين، والتي لا يتمتع بها أحد على الطلاق بل تولد مزيدا من التوتر والتعب.
وهناك دائما طريقة لمعرفة ما هو الافضل في القادم القريب والخوف هو أسوأ طريقة للتعامل مع الحالة، وتجعل الفرد يقع في فخ المبالغة في التحليل والخوف من المخاطر والمبالغة في ردود الفعل وحتى التوقعات.
وإن كنت من الأفراد الحريصين جدا وتبالغ في التفكير والتوقع فانت تحتاج إلى التوقف عن الخوف المبالغ فيه، فالحياة دائما ما يصاحبها عدم اليقين  وحتى تتقبل هذه الحقيقة عليك تخيل الاخطار والتهديدات التي فكرت فيها ولم تتحقق، فكل تلك الأفكار موجودة في المخيلة. والتعامل مع  الأزمات أسهل من الانتظار والتوتر.
تعذيب النفس وجلدها
قد تجد نفسك في حالة من عدم اليقين وتشعر بالذنب طوال الوقت وجزء منك يحارب الخير والأخر يحارب الشر وكأنك في حالة انقسام وحرب داخلية.
وبحسب شوبرا حين تكون قادرا على التعامل مع مثل هذه الحالات وتتولى امرها وتحسم ما تشعر به، فانت تشعر بانك واثق وقوي وتتوق للسيطرة والتحكم ولكن حين ينتابك شعور بعدم اليقين يتعزز الشعور بالضعف والخوف في داخلك وتمر بحالة من اليأس وتتوق لتسوية هذا الصراع الداخلي.
 وفي حالة الصراع الداخلي تنقسم بداخلك الى قسمين كل قسم يحاول ان يلقى اللوم على القسم الأخر لايجاد بديل ومع تعمق الصراع يبدو كل شيء مسدودا وضيقا ما يجعل الغالبية تلجأ لجلد الذات احيانا وفقا لشوبرا، ما يجعلهم يشعرون بعدم الأمان  ويطلقون احكاما مثل " الشعور بالضعف، وكأنك طفل عاجز، أو تسمع صوتا من  داخلك يقول: أنت لست ذكيا كما يجب، ولست جيدا بما يكفي".
وأسرع طريقة للتخلص من هذا الانقسام هو أن تتعرف على حقيقتك والكف عن جلد ذاتك حينها تتوقف الحرب الداخلية التي تقودها بنفسك لأنك ستدرك أن ليس كل الأمور التي تريد يجب ان تكون على النحو المخطط له.
 فحقيقتك مختفية تحت اوراق القلق التي غلفتها بها ودفنتها تحتها وتتخفى تحت زخارف الحياة اليومية التي تمر بها، والجميع يمر بحالات الانفصال عن الذات ولكن يمكنك على الأقل ان تحدد مصدر القلق بدلا من العيش في حالة من الفوضى الداخلية.
وما تحتاحه هو ان تكون أكثر حزما بدل من الفوضى ولا يعني ان تجلد نفسك وتردد على مسامع نفسك عبارات تنقص من نفسك وتعذبها ما يزيد الطين بلة.
كيف تجد طريقك؟
 لن تجد شيئا إن كنت تبحث في المكان الخطا، وهذا ينطبق على حقيقتك الداخلية ومن تكون، وفالكل يبحث عن حلول لكن لم يدرك اي شخص ان الشعور بالخوف جزء من الحل، فهو يوفر اختصارا لما يجب فعله وما تخاف منه ويجعلك أكثر يقظة وحذرا، ولكن المبالغة في كل هذا يولد  القلق ويدفعك للشعور بالانهزامية والالتهاء والتسليم بما تملكه وكأنك غير قادر على المضي قدما في الحياة.
 وهذا يعني أنك أنت من دفع بنفسه للهاوية ولا عجب ان الملايين تمضي وقتها بقتل ذاتها خوفا وقلقا من عدم القدرة على تحقيق ما تريده، فينتهي بها المطاف سجينة داخل أسوار خوفها وقلقها حول  تحقيق اي شيء.
 ويتحقق الشفاء حين تقتنع وتتقبل حقيقة أن اي فرد قد يمر في حالة من عدم الشعور بالأمان والخوف واللجوء لمن هم أقوى منك، وهو امر عادي ولكن لا يجب ان يكون هو الخيار والحل الوحيد وكانك غير قادر على حل او إدراة ما تمر به. فمساندة الصديق والأحبة امر مهم ولكن هذا لا يعني أنهم هم من سيحل مشاكلك بل هم أشبه بمنارة ترشدك لما يجب أن تقوم به بنفسك.
والإبقاء على قدر من الواقعية طريقة فعالة للخروج من حالات القلق والمبالغة في ردة الفعل والتوقعات الوهمية التي تحيط بها نفسك.    
 وليس من السهل اخبارك ان تتوقف علن القلق ولكن حوال على الأقل ان تكف عن جلد ذاتك، فالتوقف عن القلق: ليس بالأمر السهل بالتأكيد، ولكن إلى أي مدى سيفيدك هذا القلق، وهل سيمكنك من إيجاد حل وحتى مواجهة ما هو آت، الإجابة هي لا، ولكن الأولى بك هو أن توجه تفكيرك وطاقتك على ما تملكه اليوم، مع العلم أن التوقف عن القلق لا يعني أن لا تفكر، وإنما يعني أن تفكر بطريقة مختلفة، لأن الخوف الناجم عن هذه المصادر المقلقة يصبح أشبه بحدود تحيد بنا على شكل جدران تمنعنا من رؤية ما وراءها وتبقينا محصورين خلفها.
فالخوف يجعل من المستحيل على الفرد التقدم خطوة واحدة إلى الأمام حين يسيطر على تفكيره، ما يجعله يشك في قدراته ويشل من تقديره لذاته وتتعاظم مصادر الشك في كل ما يدرك أنه قادر على تحقيقه، لتصبح الأمور غير واقعية، علما أن التعامل مع كل هذا مرتبط بإرادة الفرد ورغبته بالتخلص من هذه القيود التي تسكن عقله، فما من فرد مثالي، ولكن هناك طاقة وقوة تميز كل واحد على حدة في قدرته على إدارة هذه الأمور وهزيمتها واختراق الدروع الوهمية للقلق.