زريق ابن بغداد

تريث، وقل للمليحة، إنك ذئب جريح
ستستيقظ الآن في هدأة الليل
وترخي ذبالة ضوئك نائسة
ثم تلهث خلف قطيع الغياب
وتترك بغداد
تترك دار السلام الحزينة اضافة اعلان
تائهة في رماد الصور
تريث إذا ما تلعثمت قبل البكاء
وقل للعيون بأنك آت إلى الجسر
آت الى "دجلة الخير" تسأل عن حزنها
في نهار الكوليرا
وقبل انتهاب الشوارع بالخوف
والعابرين الى تيههم والضجر
تريث، فبغداد ليست لهم
وبغداد داخت على رسلها
في مساء غريب عن الوجه واليد والعنفوان
وبغداد سحبة توق شفيف 
تعتق أحلامها في جرار الزمان
فقل أنها ستعود وتركض في البر
لتهمي بحاناتها في عقيق الدنان
وسرِّح لها شعرها ذات فجر
وخذها على بغتة ثم قبِّل هواها
وقل لابنها يا زريق تمهل
ستأتي ولو مرة في الندى
ستحملها فوق ظهرك ثم تغيب طويلا
وتأتي على سرج خيل الحزين
لترسل أشعارها في الحنين
وبغداد صورة قلبك
وهو يدقق في الحب والحرب
تنتظر الماء والزهر والتمر
وتحدب كي يتمهل عشاقها في اقتناص الأنين
وقل، كيف ستورق حين يضج بها العابرون
وحين ستجلس خائفة من اصابع ابنائها التائهين
على رسله مر في مائها الليل والويل
مر الغزاة، الطغاة، الحفاة، العراة،
ومر الجنون
فيا ليل، يا ويل
يا تائها في التحام الصدى بالصدى
بغداده ها هنا سوف تأتي
وتحمل ما خلفته الضواري على سورها
لتوقظ أبن زريق من الموت
تمنحه جوعه للعناق
وتعطيه سيفا وبيتا جميلا
وأحلام تركض في سهوها
وهنا، سوف يستيقظ القمح والسفح والجرح
في تيهها
ويستيقظ الضوء والفيء في نخلها
ويستيقظ المتعبون
ستخرج هذا المساء الى خبزها
وتمنحنا قلبها في صلاة الهزيع الأخير من الليل
فلا تتركوها معلقة في قوافي الجراح
ستاتي محملة بالاغاني
ويأتي الى نارها الهائمون
وابناؤها العائدون الى ظلها في الصباح
فكن يا ابن زريق هناك
اذا ندهتك الى قلبها في النشيد صواري الرياح.