شركة الخوف: شبكة رهاب الإسلام الأميركية

أميركيات يتظاهرن ضد بناء مسجد ومركز إسلامي في مدينة نيويورك - (أرشيفية)
أميركيات يتظاهرن ضد بناء مسجد ومركز إسلامي في مدينة نيويورك - (أرشيفية)

جورج زورنيك - (ذا نيشن) 29/8/2011

ترجمة: علاء الدين أبو زينةاضافة اعلان


في مثل هذا الوقت من العام الماضي، وبينما كانت تقترب الذكرى التاسعة لهجمات 11 أيلول (سبتمبر)، كانت البلاد تواجه جدلاً مستعراً خبيثاً حول إقامة "مسجد" (في الحقيقة، مركز ثقافي إسلامي) بالقرب من المنطقة صفر في مدينة نيويورك.
وقد بدأ الدفع ضد المشروع فعلا قبل أشهر سابقة، وكانت تقودها مجموعة تسمى "أوقفوا أسلمة أميركا"، التي أطلقت "الحملة الهجومية: أوقفوا بناء المسجد 911!" في شهر أيار (مايو) 2010. وادّعت مؤسسة الجماعة، باميلا غيلر بأن "هذا توسع وهيمنة إسلامية. ولم يكن اختيار الموقع من قبيل الصدفة. تماماً كما شيد المسجد الأقصى فوق الهيكل في القدس". وقد قدم مدير الجماعة المشارك، روبرت سبنسر، المساعدة لغيلر في تنظيم مسيرات وحملات الاحتجاج التي تستهدف مجلس المجتمع مانهاتن الأدنى، الذي أبلغ عن استلام "المئات والمئات" من المكالمات ورسائل البريد الإلكتروني من مختلف أنحاء العالم نتيجة لحملة ممولة جيداً ومنسقة للغاية.
وقد لقيت قضية غيلر وسبنسر التهليل والترحيب من وسائل الإعلام اليمينية، وخصوصاً صحيفة نيويورك بوست، وقناة فوكس نيوز، وكلاهما من أملاك مؤسسة "نيوز كورب". وسرعان ما انضم اليمين الديني بسرعة، ووصف الدكتور ريتشارد لاند من المؤتمر المعمداني الجنوبي المشروع بأنه "غير مقبول"؛ لأن "الناس الذين ارتكبوا الهجوم 11/9 كانوا مسلمين، وأعلنوا أنهم قد فعلوا ما يفعلونه باسم الإسلام". وسرعان ما التحق الساسة أيضاً بالركب: فقد ندد نيوت غينغريتش بهذا الاقتراح، وقال إنه رغم أن المركز الثقافي حميد على ما يبدو، فإن "بعض الإسلاميين المتطرفين يستخدمون الإرهاب كتكتيك لفرض الشريعة الإسلامية، لكن آخرين يستخدمون أساليب لا عنفية -جهاد ثقافي وسياسي وقانوني، والذي يسعى إلى تحقيق الهدف الشمولي نفسه حتى في الوقت الذي يدعي فيه نبذ العنف".
وبحلول نهاية الصيف، وبينما كان 11 أيلول (سبتمبر) يقترب، كان "الجدل" قد أصبح في التيار الرئيس تماماً -تمت دعوة غيلر للظهور على شاشة (سي إن إن)، وأُجبر الرئيس أوباما على اتخاذ موقف. (في الواقع، موقفين: فقد أعرب عن دعمه لهذا المشروع، قبل أن يعود سائراً نصف المسافة بعد ذلك).
وعند نقطة معينة في شهر آب (أغسطس)، أصبح أكثر من ثلثي الأميركيين يعارضون المشروع. وكان ذلك انتصاراً مذهلا لغيلر، وسبنسر، واليمين المصاب برهاب الأجانب، لكنه كان أيضاً دراسة حالة ممتازة للكيفية التي يعملون بها. فوفقاً لتقرير جديد شامل صدر عن مركز التقدم الأميركي، فإن جهود معاداة الإسلام من هذا القبيل ليست مؤامرة يمينية واسعة: وإنما هي بدلاً من ذلك، "مجموعة شبكية صغيرة نوعاً ما، من خبراء التضليل المعلوماتي"، الذين يعملون بمبلغ 40 مليون دولار من التمويل الذي تقدمه سبع منظمات فقط.
ويسمّي التقرير المعنون: "شركة الخوف" خمسة من "الخبراء" الذين يولدون كمية هائلة من المعلومات الخاطئة عن الإسلام. وهم:
• فرانك جافني Frank Gaffney من مركز السياسة الأمنية.
• ديفيد يروشالمي David Yerushalmi من جمعية "أميركيين من أجل الوجود القومي".
• دانيال بايبس Daniel Pipes من منتدى الشرق الأوسط.
• سبنسر Spencer، من "الجهاد ووتش وأوقفوا أسلمة أميركا".
• ستيفن إيمرسون Steven Emerson، من "مشروع التحقيق عن الإرهاب".
وفي الوقت نفسه، قد تبرعت سبع مؤسسات بما لا يقل عن 40 مليون دولار لمؤسسات الفكر والرأي التي تروج رهاب الإسلام "الإسلاموفوبيا" مثل هذه على مدى السنوات العشر الماضية. وهي:
• صندوق رأس المال للجهات المانحة.
• مؤسسات ريتشارد ميلون سكيف.
• مؤسسة ليندي وهاري برادلي.
• مؤسسة دي. نيوتن وروشيل إف بيكر والصندوق الخيري.
• مؤسسة راسيل بيري.
• صندوق المرسى الخيري وصندوق عائلة ويليام روزنفالد.
• مؤسسة فيربوك.
وبتفصيل واسع كثيف، يصف التقرير كيف أن هذه المجموعة الصغيرة من المانحين تمول مجموعة من مؤسسات الفكر والرأي التي تعزز تعميق الإسلاموفوبيا، وكيف يتم نشر المعلومات المضللة من خلال شبكة من وسائل الإعلام المحافظة والمنظِّمين الشعبيين مثل غيلر. والسياق المهم هنا هو أن المشاعر المعادية للإسلام ظلت في تزايد طوال السنوات العشر الماضية منذ هجمات 11 أيلول (سبتمبر): وقد أظهر استطلاع أجرته شبكة "ايه بي سي نيوز"، والذي أجري في العام الماضي في أعقاب جدل مسجد المنطقة صفر أن 49 % من الأميركيين كان لهم رأي سلبي من الإسلام، مقارنة مع
 39 % فقط في شهر تشرين الأول (أكتوبر) من العام 2002.
وكان أكبر مساهم في هذه الجهود، حتى الآن، هو صندوق رأس المال للجهات المانحة the Donors Capital Fund، الذي منح أكثر من 20.7 مليون دولار لجماعات مثل مشروع إيمرسون للتحقيق بشأن الإرهاب وصندوق كلاريون -في واقع الأمر، موّل صندوق رأس المال للجهات المانحة بالكامل توزيع صندوق كلاريون للقرص المدمج (دي. في. دي) "هوس: حرب الإسلام الراديكالي ضد الغرب"، والذي وصل إلى أكثر من 28 مليوناً من الناخبين المترددين قبل الانتخابات الرئاسية للعام 2008.
وصندوق رأس المال للجهات المانحة هو منظمة خيرية تديرها عدد من كبريات الشركات المحافظة ثقيلة الوزن. ويضم مجلس إدارته أعضاء من معهد أميركان إنتربرايز، ومؤسسة هيريتيج (التراث)، وستيفن مور من صحيفة وول ستريت جورنال.
ولا يكشف التقرير النقاب عن بعض الحقائق الجديدة حول شبكة الرهاب من الإسلام، لكن أجزاء أخرى كثيرة كانت معروفة بالفعل -كانت صحيفة نيويورك تايمز، على سبيل المثال، قد فصلت بالفعل جهود يروشالمي الرامية إلى الحصول على قانون "مكافحة الشريعة" الذي مرر في برلمانات الولايات عبر كامل البلد. لكن نقطة القوة الحقيقية للتقرير هي إظهاره بالضبط كم هي هذه الشبكة صغيرة وفعالة.
"إنهم ليس الكثير من الناس، إنها ليست الكثير من المنظمات، إنها ليست الكثير من المال. ومن المدهش ما أنجزه هؤلاء الناس،" قال إيلي كليفتون، أحد واضعي التقرير، في مكالمة صحفية مؤخراً.
وقال فايز شاكر، نائب رئيس مركز التقدم الأميركي "كاب" وكذلك المؤلف المشارك، إن التقرير هو "محاولة لإنهاء ظاهرة كراهية الإسلام. وإذا أردنا وضع حد لها، فإن علينا أن نحدد من هم الدافعون والمحركون الرئيسيون لصناعة الكراهية هذه. إن علينا أن نوفر طريقاً لأولئك الذين يريدون لأنفسهم الطلاق من صناعة الإسلاموفوبيا ونمنحهم الفرصة للقيام بذلك".
وعندما تم إصدار التقرير قبل أيام، ردت الجهات الأهداف بحماسة مشهدية وبطريقة شبه كرتونية؛ وقال هورويتز إن مركز التقدم الأميركي "قد انضم إلى جماعة الإخوان المسلمين"، واتهم سبنسر الكُتّاب بالانتماء إلى "آلة الدعاية الإسلامية ذات النزعة التفوقية".
(اعتراف كامل: لقد عملت في مركز التقدم الأميركي من آب-أغسطس 2010 وحتى نيسان-أبريل 2011).

*نشر هذا التقرير تحت عنوان: Fear, Inc.: America's Islamophobia Network

[email protected]