طبول الحرب

عكيفا الدار: هآرتس

الحادثة الأخيرة على حدود لبنان تبين أن شجرة واحدة قد تنقض التهدئة في المنطقة الشمالية. في هذه المرة، كلفت المواجهة حياة ضابط إسرائيلي، وجنديين لبنانيين وصحافي. يحذر تقرير جديد كتبه خبراء من "مجموعة الازمات الدولية" (اي سي جي)، من أن الأمر قد ينتهي في المرة القادمة على نحو مختلف تماما. وقد خلصوا الى استنتاج ان الهدوء السائد في الساحة الاسرائيلية - اللبنانية منذ نهاية حرب لبنان الثانية يقوم على أسس هشة. مع عدم وجود جهد لعلاج جذور الصراع، يكفي خطأ في تقدير أحد الطرفين ليفضي الى انفجار كثير المصابين. وعلى ذلك اختاروا تتويج تقريرهم المهم الشامل بعنوان "طبول الحرب: إسرائيل ومحور المقاومة".

اضافة اعلان

كشف الباحثون بمقابلات أجروها في الاشهر الاخيرة مع مسؤولين كبار من حزب الله ومن سورية واسرائيل، أن السد الرئيس امام حرب أخرى هو خوف كل واحد من اللاعبين من أن تكون المواجهة القادمة أوسع من سابقاتها وأكثر دمارا. قال مسؤولون من حزب الله لهم إن الصواريخ التي يمتلكونها ستصد اسرائيل عن مواجهة اخرى، لانها تثبت لها الكلفة العالية لهجوم عسكري على لبنان.

مع ذلك قدر عنصر في المنظمة ان "الحرب محكومة. فالجيش الإسرائيلي يجب ان يعيد بناء صورته على أنه لا يهزم. وقال سيتوجب على اسرائيل في حرب في المستقبل أن تخرج لعملية برية واسعة النطاق، عميقة في أرض لبنان:"إنهم يدركون أن التوجه الذي يعتمد على سيطرة جوية وتقنية متقدمة، فشل فشلا ذريعا. سيضطرون في المرة القادمة الى معاودة العمل بطريقة أكثر تقليدية تشبه غزو لبنان في سنة 1982". وأكد ذلك الرجل أن هجوما اسرائيليا ضيقا أيضا سيجر ردا مضادا قويا. "اذا هاجمت اسرائيل هدفا ما في لبنان، فلن نغض الطرف. ستضطر اسرائيل الى مواجهة آثار افعالها".

يوصي خبراء مجموعة البحث بألا يرى هذا الكلام مجرد تبجح يرمي الى تشجيع الروح المعنوية للمقاتلين والى ردع اسرائيل. وهم يذكرون ان زعيم حزب الله حسن نصرالله أثبت على السنين أنه يفي بوعوده. تبين لفريق الباحثين في مقابلات أجروها في اسرائيل، ان الواقع في الشمال يبدو من القدس على عكس ما يرى من بيروت: كلما تسلح حزب الله بدا ذلك في نظر اسرائيل تهديدا أشد. والاستنتاج: "يجب فعل شيء ما". قال مسؤول اسرائيلي كبير إن "المدنيين سيكونون في المواجهة القادمة معرضين للاصابة، وانا أومن بأن حزب الله سيوجه ضربة مؤلمة إما في بدء القتال وإما في أثنائه. وقد تزعم اسرائيل ردا على ذلك أن عليها أن ترد الصاع صاعين، وأن تستعمل ضغطا على حكومة لبنان وعلى السكان المدنيين ايضا".

عبرت عناصر أميركية على مسامع الباحثين عن خوف من أن "تآلفا لم يسبق له مثيل" بين الأجهزة العسكرية لسورية وحزب الله وايران، سيجر دمشق الى مواجهة بين اسرائيل وحزب الله في المستقبل. قال رجل أعمال بارز في سورية، يتمتع بعلاقات وثيقة بقيادة الحكم، لباحثي المجموعة "في الحقيقة، من المفارقة الشديدة أننا دافعنا عن اسرائيل على مر السنين بأننا كبحنا حلفاءنا. إنهم خطرون في الحقيقة؛ وهم لا يشمئزون من مواجهة حاسمة. لكن معنى مواجهة شاملة عند اسرائيل وعندنا دمار عظيم". وعبر عن الخوف من أن تدفع الحرب سورية دفعا أعمق الى حضن ايران بل وأن تفضي الى سيطرتها على الدولة.

عبرت عناصر اسرائيلية، تخطئ أحيانا في رأي الباحثين بتبسيط رؤيتها لحزب الله على أنه ليس أكثر من ذراع لإيران، عبرت عن خوف من أن تضغط طهران على حزب الله ليهاجم كي يصرف الانتباه عن برنامجها الذري ويقلل الضغط الدولي. قال مستشار لحكومة اسرائيل في نيسان (إبريل) الماضي لأناس الفريق، إنه اذا اشتدت العقوبات أو حدث حتى حصار بحري جزئي لإيران، فستفضل مهاجمة حيفا بواسطة حزب الله على مهاجمة أهداف أميركية.

الباحثون لاحظوا اختلافا في اسرائيل حول سؤال، "في النظرية على الأقل"، ما هو الوقت الأشد ملاءمة لإحباط ترسانة حزب الله العسكرية التي توصف أحيانا بأنها قدرة ايران على "الضربة الثانية": أيحسن الهجوم في أجل قريب من هجوم ممكن على منشآت ايران الذرية، أو قبل ذلك ببضعة أشهر - على أن يكون ذلك مقدمة للهجوم على المنشآت. وجد الخبراء أن بعض أعضاء المجلس الوزاري الاسرائيلي المصغر ظلوا متشككين في توجه باراك اوباما في شأن ايران، ويخافون من أن الولايات المتحدة تقود آخر الأمر الى استراتيجية احتواء - العيش مع القنبلة بدل القضاء عليها.

من المحقق أن اولئك الوزراء سيجدون التأييد بالكلام الذي قاله عنصر أميركي لكتاب التقرير: "ظن كثيرون أن 2009 ستكون سنة الحسم، وقالوا بعد ذلك انها ستكون سنة 2010. لا أعتقد ان هذا سيقع هذه السنة لكن سيكون دائما 2011 بطبيعة الأمر..." على حسب أكثر الشهادات التي جمعوها، لن يغرى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في رأيهم بأن يحبط محاولة أوباما تليين ايران بوسائل دبلوماسية وعقوبات اقتصادية.

قدرت عناصر أميركية رسمية أن طهران ستبحث في الأيام القريبة عن كل طريقة لحل الأزمة حول مائدة التفاوض. وتقدر مجموعة الأزمة أن محادثات سلام جوهرية بين اسرائيل وسورية ولبنان هي أفضل طريق لضمان ألا تشعل الشجرة القادمة جميع غابات الجليل ولبنان. وحتى ذلك الحين يجب على الجماعة الدولية ان تجند نفسها لتحسين الاقتصاد بين الاطراف، وتثبيط التوترات ومنع أخطاء قد تجبي ثمنا ليس أي طرف معني بدفعه.