مخالفات الجامعات بين الخاص والعام

مع الإقرار بوجود مخالفات في بعض الجامعات الخاصة بحسب خبر "منح 4 جامعات خاصة مهلة لتصويب أوضاعها" للزميل محمود الطراونة (الغد/28/6/2008) الذي جاء في أن هيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي قامت بـ"سلسلة متابعة وتفتيش على الجامعات الخاصة، حول أعداد هيئات التدريس والطاقة الاستيعابية للجامعات".

اضافة اعلان

فهذا صحيح، والصحيح ايضا ان هناك جامعات رسمية مخالفة لمعايير الاعتماد وهو أمر لا يخفى على عاقل حين يجد في مدرج محاضرات نحو ثلاثمائة طالب يدرسهم استاذ لا يصل صوته إلى ما بعد الصف الخامس من مقاعد الطلبة، في حين تشترط المعايير على الجامعات الخاصة أن لا يزيد عدد الطلبة على أربعين طالبا في ذات المادة وذات التخصص في الجامعات الخاصة!! وفي الجامعات الرسمية ما هو اكثر من ذلك، لكن نحن مع الحفاظ على المؤسسات الوطنية ولا نطالب الحكومة بالضغط على جامعاتها التي تبدو مرهقة بالديون وتشكو هجرة كفاءاتها، كما لا نأمل أن تصبح هيئة الاعتماد أشبه بمحكمة للجامعات الخاصة.

نريد عقلنة المسألة، والمطلوب من قبل الجامعات الخاصة تحقيق أعلى درجات الضبط والالتزام بالمعايير الوطنية، ونريد من الجامعات الخاصة تحقيق الأمان الوظيفي لأعضاء هيئة التدريس، ونريد من الحكومة ممثلة بمؤسساتها ومجالسها المرتبطة بالتعليم العالي التدقيق في غايات مالكي الجماعات الخاصة، وهنا لا مانع من الربح والاستثمار لكن يجب أن لا يكون الاستثمار في التعليم العالي سهلا متاحا لأي كان، فيجب أن يكون لكل كار أهله، فكيف نقبل مثلا بأن يتحول تاجر كوشوك إلى مالك جامعة؟ فالجامعة مؤسسة تربوية ذات رسالة، وهنا يمكن أن يكون هناك شروط جديدة على طالبي التراخيص في أمر اقامة جامعات جديدة.

مؤخرا، حدث ما يشبه المأساة، فقد قررت بعض الجامعات الخاصة، الاستغناء عن عدد كبير من أعضاء هيئة التدريس فيها، وكل ذلك جراء الانفراد والهيمنة من قبل المالكين على قرارات تلك الجامعات ومن اجل توفير راتب الصيف،  وبسب عدم وجود نقابة او رابطة تدافع عن حقوق هؤلاء الأساتذة فلا خيار لهم إلا الانصياع لقرار مالكي تلك الجامعات والبدء برحلة معاناة، وبحث عن فرص عمل. وهنا على وزارة التعليم ومجلس التعليم العالي اتخاذ اجراءات حاسمة لضمان عدم تكرار ذلك الموقف.

يشكو الزملاء اعضاء هيئة التدريس في الجامعات الخاصة من غياب الحق، في بعض الجامعات الخاصة وليس كلها، لا بل ان بعضها صار مطمحا لأساتذة يعملون في جامعات حكومية، ولا ننكر ان بعض الجامعات الخاصة تملك رؤية ومالكيها يتمتعون برؤية تربوية ولجامعاتهم فلسفة مميزة، لكن للأسف فإن ما يحدث في البعض من الجامعات الخاصة جعل صورة التعليم العالي الخاص في أدنى مستوياتها ورتب ذلك على بعض الجامعات الخاصة المعنية ببقاء صورتها ايجابية الكد من أجل استعادة صورة مشرقة أو دور وطني مميز لها.في ظلال التصريحات التي أشار إليها خبر الغد أعلاه، فإن المأمول من هيئة الاعتماد العالي نشر أسماء الجامعات الخاصة المخالفة وبيان مدى جسامة تلك المخالفات، وأن  لا يترك الأمر معمما لأن المخالفة قد تكون ناتجة عن عدم توفر رتبة أو كفاءة معينة في حقل أو اختصاص معين، وقد تكون المخالفة جسيمة الأثر، مثل تجاوز حدود التسجيل في تخصص ما،  ولكن يجب ان لا يترك الأمر معمما، لأن بعض المخالفات في الجامعات الخاصة قد لا ترقى إلى كوارث موجودة في جامعات رسمية، تحاول هيئة الاعتماد عدم التعرض لها أو انها تقف تجاهها موقفا محايدا نظرا لامكانيات الجامعات الحكومية.

في هذا المشهد، للأسف اوجدت السياسات التعليمة فروقا بين الجامعات الاردنية، وصار ينظر إلى الجامعات الخاصة بأنها شركات تجني الربح، وهذا ليس عيبا في أن يجني من تعبوا ومن غامروا ارباحا، لكن وإن كنا مع ذلك، يجب ان تكون ارباح الاستثمار في التعليم العالي شرعية، بلا شبهات، ويجب ان تكون هناك عوامل ضبط ومسؤولية تجاه العاملين في تلك الجامعات.

في النهاية لدينا الكثير من الانجازات التي ساهم بها الاستثمار في قطاع التعليم الخاص، ولدينا كفاءات تخرجت ورفدت السوق من الجامعات الخاصة، ولدينا عملة صعبة تدر دخلا من تلك الجامعات لوجود طلبة وافدين بها، لكن لدينا سمعة متراكمة في قطاع التعليم العالي يجب الحفاظ عليها، ويجب ان لا يسمح لمستثمر من هنا او هناك أو رجل مقاول في قطاع معين بان يدخل قطاع الاستثمار في التعليم العالي، وبذات الوقت يجب تحقيق عدالة في النظر للجامعات من زاوية واحدة دون تفريق بين ما  هو رسمي وما هو خاص.

[email protected]