"خربة المقاطع" بعجلون.. قيمة أثرية وسياحية طال إهمالها

منطقة خربة المقاطع الاثرية في عجلون-(الغد)
منطقة خربة المقاطع الاثرية في عجلون-(الغد)

عجلون- يمنِّي ناشطون وباحثون في مجال الآثار في محافظة عجلون أنفسهم، بأن يأتي اليوم، الذي تنال فيه مواقع أثرية مهمة، من بين المئات المنتشرة في المحافظة الرعاية والمخصصات الكافية، لإبرازها واستثمارها سياحيا، مؤكدين أن بعضها، وكما هو حال "خربة المقاطع" يمكن استثماره عبر إقامة متنزه وطني، من شأنه أن ينشط الحركة بالمنطقة.  

اضافة اعلان


ويركز هؤلاء على موقع خربة المقاطع، مؤكدين أن الفسيفساء الموجودة في الموقع تعد أقدم فسيفساء مؤرخة في الأردن، وتعود للعصر البيزنطي، مشيرين إلى أن المنطقة تحتاج إلى تأهيل الكهوف وتركيب لوحات إرشادية لها، وتسييج الموقع لحمايته بحيث يصبح من المواقع السياحية التي تستقطب الزوار، لا سيما وأن الكهوف الموجودة في المنطقة الأثرية كانت تستخدم للسكن وتجفيف الأزهار وتحضير العطور من النباتات البرية التي تشتهر بها المنطقة.


وطالب المختص بالآثار الدكتور محمد فاضل الخطاطبة، بضرورة زيادة المخصصات من مجلس المحافظة ووزارة السياحة والآثار لتأهيل عشرات المواقع الأثرية في المحافظة، مؤكدا أن تأهيلها وتحسين البنى التحتية فيها سيساهم في جذب المزيد من السياح لمواقع جديدة في المحافظة، وبالتالي تشجيع أبناء المجتمعات المحلية المحيطة بها على إقامة الاستثمارات السياحية.


وأشار إلى وجود عدد كبير من المواقع يمكن تأهيلها واستغلالها للسياحة، كمسجد لستب وموقع البدية ومنطقة المقاطع الأثرية، مطالبا بإعلان منطقة المقاطع التي تعاقبت عليها عصور مختلفة محمية طبيعية وتراثية، ما يتطلب الاهتمام بها وإعادة تأهيلها وتوفير الحراسة لها واستغلالها كموقع لجذب السياح، لافتا إلى أن الموقع غني بالآثار التي تعود للعصور الرومانية والبيزنطية والإسلامية. 


ويقول الدكتور خليف الغرايبة إن المحافظة تضم زهاء 300 موقع أثري، ما تزال غالبيتها من دون استثمار سياحي، لافتقارها البنى التحتية وحاجتها للتأهيل وإدراجها على الخريطة السياحي، مطالبا الجهات المعنية بتأهيل هذه الكنوز الأثرية والتاريخية وحمايتها من جميع أشكال التعدي عليها، الأمر الذي من شأنه الحفاظ على قيمتها الحضارية وإبرازها واستغلالها في تشجيع السياحة.


ويقول الناشط محمد عناب إن منطقة البدية على طريق عنجرة- راجب بحاجة إلى اهتمام أكثر، إذ يمكن استغلال هذه المنطقة التي تضم عشرات الآبار والمنازل المهدمة وذات الجغرافيا الجميلة لأغراض تشجيع السياحة، بالإضافة إلى استصلاح جميع الآبار فيها في الحصاد المائي وتأهيل الطرق المؤدية إليها.


وأكد أن هناك العديد من المواقع الأثرية والتأريخية في المحافظة التي تحتاج إلى عمليات تنقيب وترميم، ما يتيح للجهات المعنية إدراجها ضمن المسارات السياحية واستثمارها.


ودعا الدكتور رفعت الزغول، إلى ضرورة الاعتناء بجميع المواقع الأثرية في المحافظة، من حيث تزويدها بالطرق والحراسة وشمولها بأعمال الترميم، لافتا إلى منطقة سرابيس الأثرية في منطقة عنجرة ما تزال تعاني من الإهمال.


ويوضح مدير آثار عجلون الأسبق  الدكتور محمد أبو عبيلة، في دراسة له عن منطقة المقاطع أن المساحة الإجمالية للآثار المنتشرة على السطح تقدر بـ 50 ألف متر مربع، مبينا أنه طبقاً للقراءات السطحية والبقايا البنائية فإن تأريخ الموقع يعود للعصور الرومانية، والبيزنطية والإسلامية (الأموي، الأيوبي،


 المملوكي، العثماني)، ومن آثارها البنائية الباقية أساسات لجدران أثرية متهدمة، وكهوف مقطوعة في الصخر استخدمت كمساكن في العصور الرومانية والبيزنطية وآبار جمع مياه الأمطار ومعاصر للعنب، وكنائس بيزنطية تضم أرضيات فسيفسائية ملونة تحوي كتابات يونانية بعض منها مؤرخ الى 482 م، وتعتبر أقدم فسيفساء مؤرخة في الأردن.


وأكد أبو عبيلة أن الموقع حظي بمسوحات وتحريات أثرية أجراها بعض الباحثين في القرن الماضي، كما أجريت حفرية من قبل دائرة الآثار ما بين الأعوام (1970-1971) أسفرت عن الكشف عن كنيسة بيزنطية في الجزء الشرقي من الموقع، بحيث تشير الدراسة التي نشرت في حولية دائرة الآثار الصادرة عام 1972، بأن نقش فسيفساء المقاطع أقدم كتابة فسيفسائية مؤرخة في الأردن ويرجع تاريخها لعام 482 م.


وزاد أن اللافت للنظر أن الكتابة اليونانية التي تزين صحن الكنيسة كتبت بأحرف يونانية وبمكعبات من الفسيفساء السوداء على خلفية من المكعبات البيضاء وهي في غاية الروعة والجمال وسر جمالها وروعتها أنها ذات مدلولات دينية واجتماعية وإدارية ومن مدلولاتها على سبيل الذكر لا الحصر ورود أسماء عربية مثل اسم أيوب وأسماء المتبرعين من رجالات الدين وجمهور المؤمنين، وان إدارة الكنيسة المحلية هي التي أشرفت على التمويل والبناء وان التبرع الجماعي من قبل أهل القرية لإنشاء الأبنية الدينية كان مألوفا وهذا ما نلحظه في نص الكتابة التي عثر عليها وترجمته إلى العربية، مؤكدا أن الأرض الأردنية على وجه العموم ومحافظة عجلون على وجه الخصوص قد شهدتا خلال عصور ما قبل التاريخ والعصور التاريخية استقرارا إنسانيا وازدهارا اقتصاديا ونشاطا عمرانيا تجلى في البناء والعمران وهذا ما تؤكده المظاهر الأثرية في خربة المقاطع التي تعتبر واحدة من المواقع الأثرية المهمة.


من جهتها، تؤكد مصادر الآثار أنها تولي جميع المواقع الأثرية والتاريخية، والتي تعود لحقب تاريخية مختلفة اهتماما كبيرا، ووفق إمكاناتها المتوفرة، بحيث تجري عمليات التنقيب والتأهيل وتوفير الحراسة للمواقع البارزة.

 



وبينت وجود زهاء 300 موقع أثري مسجلا، إلا أن العشرات من تلك المواقع غير معروفة حتى للسكان المحليين، مثل الكهوف والخرب الصغيرة والقبور التي تدل على استيطان بشري، مؤكدة أنها تأخذ على عاتقها المسؤولية الكبيرة لحماية المواقع الأثرية، وتنفيذ عمليات التنقيب والصيانة لها وإجراء الدراسات والأبحاث، والتعاون مع جهات داعمة لحماية التراث الحضاري وتسويق المواقع الأثرية ووضعها على الخريطة السياحية.


من جهته، دعا رئيس لجنة السياحة والآثار بمجلس المحافظة منذر الزغول، الى ضرورة إحياء فكرة إقامة المتنزه الوطني في المنطقة وإتخاذ كافة الإجراءات التي من شأنها الحفاظ على هذه الثروة الوطنية الكبيرة  واستغلالها على الوجه الأمثل، ووضعها على الخريطة السياحية لمحافظة عجلون، وهذا يتطلب تعاون كافة الجهات المعنية من وزارة السياحة والآثار ودائرة الآثار العامة ومجلس المحافظة وبلدية الجنيد والمحافظة.


وأشار إلى أن مديرية ثقافة عجلون، وإدارة عجلون للتراث والثقافة، بصدد توثيق معلومات تاريخية عامة عن بعض المواقع الأثرية في المحافظة ضمن برنامج (على خطى أهل الهمم)، وهو برنامج توثيق تفاصيل الأبعاد الأثرية والتاريخية والتراثية للمكان العجلوني.


وبين أن مجلس المحافظة كان خصص في العام الماضي من موازنته ضمن قطاع الآثار مبلغ 15 ألف دينار لإجراء أعمال ترميم في منطقة المقاطع، ومن المنتظر أن يخصص المجلس مبالغ أخرى لمواصلة أعمال الترميم في المنطقة، مشيرا إلى أن وزير السياحة والآثار السابق نايف الفايز، كان زار منطقة المقاطع  وأوعز حينها بعمل دراسة لإقامة متنزه أثري بالمنطقة وذلك بالشراكة بين الوزارة ودائرة الآثار العامة وبلدية الجنيد.

 

اقرأ أيضا:

"القرى البيئية" بعجلون.. نمط سياحي واعد تحت الاختبار