السيارات الكهربائية وفرص إعادة تدوير البطاريات


يسعى الأردن على تطوير إستراتيجية التخلص من النفايات وذلك لدعم بناء اقتصاد دائري يشمل مختلف القطاعات لتعزيز مساهمات المملكة في استعادة المواد وتدويرها في قطاع المركبات الكهربائية وهي مسألة بالغة الأهمية بهدف تحقيق الحياد الكربوني، حيث إن فتح آفاق تشييد منشآت صناعية جديدة لإعادة تدوير بطاريات المركبات الكهربائية والتي لن تدعم النمو المستدام لصناعة السيارات الكهربائية فحسب، بل تساعد أيضاً على بناء شبكات نقل خالية من الانبعاثات، حيث تعد إعادة تدوير بطاريات السيارات الكهربائية، خطوة أساسية من أجل جعل هذه السيارات أكثر صداقة للبيئة.

اضافة اعلان


يكتسب الاتجاه العالمي نحو كهربة النقل زخما سريعا، حيث يمثل قطاع النقل مصدرا لـ30 % من الانبعاثات الكربونية في العالم؛ لذلك يُعول على كهربته في تحقيق مساهمة رئيسة لعلاج أزمة تغير المناخ، والاحترار العالمي، وما ينجم عنهما من كوارث طبيعية. ويتطلب هذا التحول المتسارع الى زيادة كبيرة في البطاريات الصديقة للبيئة، والتي تلبي احتياجات متنوعة مثل المركبات الكهربائية (EVs) وتخزين الطاقة المتجددة المتولدة من مصادر مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.

ومع ذلك ، فإن الرحلة نحو صناعة بطاريات مستدامة تشمل أكثر من مجرد إعادة تدوير للإنتاج كعامل محوري لإنشاء سلسلة قيمة دائرية قوية. وهنا فرصة كبيرة للأردن بتطوير مصانع اعادة تدوير البطاريات، للارتقاء كمثال إقليمي للاستدامة والابتكار.


وتُقدِّر وكالة الطاقة الدولية أن طلب القطاع على النحاس والمعادن الأرضية النادرة سيرتفع بأكثر من 40 % في العقدين المقبلين، وأكثر من 60 % على النيكل والكوبالت، وما يقرب من 90 % الليثيوم، أن يصل عدد السيارات الكهربائية في العالم إلى ما يزيد على 115 مليون سيارة في عام 2030، وسيصبح تحوّل الطاقة معرّضا لخطر التباطؤ دون إمدادات ثابتة، ولذلك يُعدّ تأمين الوصول إلى المواد الخام الثانوية من خلال إعادة التدوير أحد الإجراءات ذات الأولوية في الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة الأميركية.

 

وتعتبر بطاريات السيارات الكهربائية منجما من المعادن الأكثر أهمية في التحول العالمي للطاقة النظيفة، وإعادة تدويرها صناعة تلقى اهتماما لدى الدول، وتتصاعد المنافسة بينهم في السيطرة على سلاسل التوريد، وهي سوق عالمية من المتوقع أن تنمو إلى قرابة 20 مليار دولار بحلول عام 2028، حيث يمكن إعادة تدوير بطاريات السيارات الكهربائية المستعملة أو المعيبة، لاستعادة ما يصل إلى 95 بالمائة، من النيكل والمنجنيز والكوبالت والليثيوم والجرافيت، وبذلك ستسهم بإعادة استخدام ما يسمى بالمعادن الحرجة، وهي مكونات أساسية في العديد من تقنيات الطاقة النظيفة لصنع بطاريات جديدة، وتعمل على تعزيز الانتقال إلى الاقتصاد الخالي من الكربون.


يمر قطاع السيارات الكهربائية الأردن بمرحلة نمو هائلة ، حيث يضم أسطولًا يتجاوز 1.8 مليون سيارة، 18 % منها هجينة أو تعمل بالكهرباء بالكامل، وتؤكد التوقعات أن معدل نمو مبيعات السيارات الكهربائية السنوية بنسبة 10.4 % بين عامي 2023 و 2032 ، لتتجاوز أحجام المبيعات 40.000 وحدة بحلول عام 2032، بما يمثل انتشارا بنسبة 85.4 %، ارتفاعا من 58.7 % في 2022. وبالنظر إلى هذه الإحصائيات، لابد من وضع إطار تنظيمي شامل لاستيراد وإعادة استخدام وإعادة تدوير المركبات الكهربائية المستهلكة، مع التأكيد على الأهمية الاستراتيجية لاعتماد منظور استشرافي تجاه مستقبل البطاريات الكهربائية المستهلكة في الأردن.


بالإضافة إلى ذلك، من المتوقّع أن يوفر قطاع تصنيع المركبات الكهربائية النامي، في منطقة الشرق الأوسط، مزيدًا من السيارات الكهربائية للمستهلك الأردني بأسعار في متناول اليد، كذلك تسعى الأردن لإنتاج أول سيارة كهربائية عربية مشتركة، من خلال اللجنة العليا للشراكة الصناعية المتكاملة، كذلك، وجود توجه في الأردن نحو تطوير البنية التحتية لشحن السيارات الكهربائية، وتعمل شركة eCharge الألمانية مع الحكومة لتركيب 10.000 محطة شحن عامة على مدى السنوات الثلاث المقبلة، ضمن الخطة التنفيذية الوطنية للنمو الأخضر 2021-2025.


هذا الطلب المتزايد على المركبات الكهربائية بات يشكل تحديا أمام الحكومة في ضوء الحاجة لتطبيق مبادئ الإدارة المستدامة في التعامل مع البطاريات المستهلكة، التي شارف عمرها الافتراضي على الانتهاء، كما يجب وضع السياسات واللوائح المدعومة بنظام للحوافز من قبل الحكومة لتشجيع القطاع الخاص لإنشاء مصانع لإعادة تدوير ومعالجة البطاريات المستهلكة لإعادة تصنيعها، مع إمكانية ان تكون المملكة مركزا عالميا لهذه الصناعة، مع الأخذ بعين الاعتبار للسياسات والقوانين بشأن استيراد بطاريات المركبات الكهربائية، تهدف إلى جعل البطاريات أكثر استدامة وقابلة لإعادة التدوير بسهولة.


على الصعيد العالمي، يوجد ما لا يقل عن 80 شركة تشارك في إعادة تدوير بطاريات السيارات الكهربائية، مع أكثر من 50 شركة ناشئة تجتذب ما لا يقل عن 2.7 مليار دولار، وجميعها تقريبًا من مستثمري الشركات؛ بما في ذلك شركات صناعة السيارات وصانعو البطاريات وعمالقة التعدين مثل غلينكور البريطانية، ومن المفترض أن يصل العالم إلى 138 غيغاواط/ساعة من البطاريات التي سينتهى عمرها الافتراضي في عام 2030، أي ما يعادل 1.5 مليون تقريبا، مما يعني أن 40 % من مواد البطاريات المستعملة في السيارات الكهربائية الجديدة يمكن أن تأتي من المخزونات المعاد تدويرها بحلول عام 2040.

 

للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنا