القلق السياسي والوطنية الأردنية

عند الحديث عن ارتباط الأردنيين بوطنهم وهويتهم واعتزازهم بقيادتهم وجيشهم فهذه من المواد الأولية في تركيبة الأردني التي لم تتغير حتى في أصعب المراحل من أنواع المد القومي أو الناصري أو غيره من التنظيمات، ورغم كل محاولات إضعاف علاقة الأردني بذاته الأردنية كانت الأزمات تُعيد شحن الحالة الأردنية إيجابيا لمصلحة الحفاظ على بلدهم والإيمان بدولتهم، وكل المراحل الصعبة التي عاشها هذا البلد وكان جوهرها مؤامرات "أشقاء" ومحاولات عبث بتركيبة الأردن السياسية والوطنية كانت نهايتها أردنية، وكانت كل مرحلة درسا للدولة قبل أن تكون للناس؛ بأن عليهم ألا يثقوا إلا بمن يستحق، وإن كميات الاسترضاء نحو أي جهات لا تجلب ولاءً، بل هي حالة استئجار ولاء وينتهي عقد الاستئجار مع نهاية المصالح والمنافع والمناصب، والأمثلة كثيرة حتى ممن أعطتهم الدولة أكثر مما أعطت عشرات العشائر مجتمعة، لكن عندما انتهت المنافع تحول المنتفعون إلى شيء آخر وكأنهم لم يشربوا من ملايين الدولة وألقابها، وبعدها لم تجد الدولة من يحمل همها ويدافع عنها إلا المؤمنين بالأردن.

اضافة اعلان


المرحلة الحالية مثل كل المراحل الصعبة لم تحمل جديدا من الدروس المستفادة فهي تكرار لما كان منذ سبعين عاما وأكثر، لكن أجمل تلك الدروس أو النتائج حالة الشحن الوطني رفيعة المستوى التي كانت تتزايد مع كل حملة منظمة من داخل الجغرافيا الأردنية أو من خارجها من جهات وفئات وتنظيمات وقوى اجتماعية مستعدة لتكون تابعة ومرتزقة لأي دولة أو تنظيم، لكن عندما يتعلق الأمر بالأردن فإن الحقد وسوء النوايا يظهر، لكن هذه الحملات وهذه الأحقاد ليست جديدة لكنها في هذه المرحلة مثل كل المراحل عززت اعتزاز الأردنيين بأنفسهم وبلدهم وقيادتهم، وأدرك بعضنا أن ما يجري ليس حبا بغزة وليس وطنية بل هو استغلال لمرحلة صعبة لرمي كل أنواع الحقد على الأردن.


المرحلة الصعبة عززت بناء الحالة الوطنية الأردنية بشكل أكثر وضوحا، فلا تعارض بين موقف كل أردني ومعه الدولة الأردنية في أداء الواجب تجاه فلسطين وأهلها، وهو واجب لم يبدأ مع العدوان على غزة بل منذ أن كان هناك مشروع صهيوني، وبين أن تكون المصالح الأردنية أولوية.


ومع أن من نظموا حملاتهم ضد الأردن كانوا يريدون شيئا شيطانيا إلا أن قدر الله تعالى كان كله خيرا فتتابع الإساءات والافتراء والشتائم صنع حالة وطنية أكثر وضوحا وقوة، فيها اعتزاز بالنفس والأهم إدراك أكبر وتفصيلي لقائمة الأعداء والمرتزقة ومدعي كل شيء إلا حب هذا البلد.


رغم قسوة آثار العدوان على غزة وأهلها إلا أن ما كان يريده بعض "الأشقاء المتآمرين أو الحاقدين" ومعهم الكيان الصهيوني من تشويه صورة الأردن وقيادته وأهله كانت نتائجه عكسية على صعيد تعزيز الانتماء للأردن وهويته وقيادته، وحتى العناوين السياسية فإنها أصبحت واضحة مثل خطورة التهجير والتوطين وفكر الوطن البديل الذي لو كان من يحمله هو الاحتلال لكان الأمر أسهل، لكن من يسعى إليه آخرون من حولنا.


أخيرا فمن رأى الأردنيين بعد نتائج منتخب الكرة في الشوارع والملعب وكل مكان يدرك أن ذلك الفرح والحب ليس فقط لما فعله الفريق بل لهويتهم وردا على كل من أساء وتآمر على بلدهم.

 

للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنا