"الهيئات المستقلة" والحقوق الضائعة

محمود خطاطبة ما تزال الحُكومة تعمل على استحياء فيما يتعلق بموضوع الهيئات والمؤسسات المُستقلة، والذي كان من المُقرر أن تكشف عن دراستها حول ذلك في شهر نيسان الماضي.. فتراها تارة تقول إن من أبرز أولويات عملها، وفق رؤية تحديث القطاع العام، والتي أعلنت عنها الحكومة قُبيل عام، دراسة هيكلة تلك الهيئات والمؤسسات، بينما تؤشر إحدى أذرعها، في تصريح آخر، على أن هُناك توجهًا لتقييم 26 فقط من أصل 60 هيئة ومؤسسة مُستقلة. وعلى الرغم من أننا نستشف من هذه التصريحات أن العملية ككُل تقتصر على دمج بعض الهيئات، في حين أن هُناك استبعادًا تامًا بشأن “الإلغاء”، إلا أنه وفي نهاية المطاف هي تصريحات لا تُسمن ولا تُغني من جوع، ولا تضع حدًا أو حلًا لما تُعاني منه مؤسسات الدولة من ترهل إداري، الهيئات المُستقلة ليست منه ببعيد، فضلًا عما يشعر به موظفو القطاع العام من هضم لحقوقهم، إذا ما قورنوا بأقرانهم في المؤسسات المُستقلة. بعد مرور كُل هذه الأعوام، وتصريحات مسؤولي الحُكومات المُتعاقبة على مدار عقدين من الزمان، فإنه بات من الضروري وضع حل لموضوع هدر أموال الأردنيين، وإسباغ العدالة على موظفي الدولة، أكانوا في الهيئات أو مؤسسات الدولة العادية.. فتلك هيئات يبلغ عددها 60 إن لم يكن أكثر بقليل، ويقرب حجم موازنتها السنوية من 1.5 مليار دينار، أي نحو 125 مليون دينار شهريًا. تلك هيئات وعلى الرغم من أنها تتمتع باستقلال مالي وإداري، لكنها باتت مع مرور الزمن تُعاني من ترهل إداري، على غرار ما يُعانيه القطاع العام، إلى درجة أصبح ينطبق عليها المثل الشعبي: “كأنك يا أبو زيد ما غزيت”. حل هذه المُعضلة، ليس مُستحيلًا ولا صعبًا، إلا أنه يحتاج إلى قرار وإرادة.. لقد وُضعت حلول كثيرة لحل مُشكلة “الهيئات المُستقلة”، إلا أن جُلها إن لم يكن كُلها، كانت تصطدم بـ”مُرافعات” و”تحفظات” و”نظريات” و”تخوفات” المُستفيدين منها، وجمعيها يتمحور حول “الحقوق المُكتسبة”، و”إشكالات” قانونية تتعلق بما أصبح حقًا من الحقوق. “الحقوق المُكتسبة”، في حال كانت تُسبب شرخًا كبيرًا بين أبناء المُجتمع، فإنه باستطاعة الدولة مُعالجة ذلك وقانونيًا أيضًا، خصوصًا إذا ما علمنا أن هُناك ظلمًا ظاهرًا للعيان واقعًا على موظفي الهيئات المُستقلة، فعندما يبلغ عددهم حوالي 25 ألف موظفة وموظفة، حسب الأرقام المُتداولة، فإن ذلك يعني أن المُتوسط الحسابي لراتب كُل موظف من الموظفين يبلغ 5 آلاف دينار شهريًا.. وهذا المُستحيل بعينه. صحيح أن تلك الهيئات تُشغل ذلك الرقم الكبير من الموظفين، لكن أكاد أُجزم بأن جُلهم لا يتعدى راتبه الشهري الألف دينار، أما الرؤساء التنفيذيون والمُديرون العامون فيستحوذون على نصيب الأسد من الرواتب، ذلك يعني أن عدد المُتضررين من الحل المُقترح لحل هذه “المُعضلة”، والذي يتضمن إلغاء جميع الهيئات المُستقلة، هو قليل جدًا، وهؤلاء تم تعيين جُلهم بعقود مُحددة المُدة. ذلك حل قد يعتبره البعض ضربًا من الجنون، لكنه في النهاية حل، يضمن نسبة كبيرة من العدالة لموظفي الجهتين (القطاع العام، والهيئات المُستقلة)، خصوصًا أن الحُكومة تُمطر الشعب الأردني ليلًا نهارًا، بأن الأوضاع الاقتصادية صعبة، والوضع المالي أكثر حرجًا.. فالموظف الحُكومي لم يتم إجراء أي زيادة على راتبه منذ نحو 14 عامًا. المقال السابق للكاتب  اضافة اعلان

عصا وجزرة واشنطن لمعالجة أزمة المناخ