حكومة أشخاص وليست حكومة برامج

من كان يعتقد ان هذه الحكومة (وأنا أحدهم) بحكم رئيسها هي حكومة برامج وليست حكومة أشخاص ليضع اعتقاداته جانبا" لأن الاعتقادات وحتى الأحلام تتبدد يوما" بعد يوم لنصل للواقع المؤلم بأن هذه الحكومة لا تختلف عن سابقاتها بشيء، لا أريد ان أقول على العكس، لأنني أريد أن أحتفظ لنفسي بنوع من العقلانية والأمل في نفس الوقت.اضافة اعلان
ما خرجت علينا به اليوم دائرة الاحصاءات العامة بأن معدل البطالة قد ارتفع في الربع الأول من هذا العام عن الربع الأول من العام الماضي لتصل معدل 19 % وخاصة بين الفتيات ليصل معدلا غير مسبوق في الماضي 28.9 %.
من السهل القول ان المشكلة الأكبر التي تواجهها هذه الحكومة هي مشكلة البطالة وكان واحداً" من اهم الأسباب التي كلف بها الدكتور الرزاز هي الحد من هذه المشكلة التي تؤرق الأردنيين وابناءهم وكان واضحا" من رسالة التكليف السامي الحث على العمل في هذا المجال، لكن ما الذي يحدث بعد عام من تواجد هذه الحكومة؟، هذا الارتفاع لنسبة البطالة ليس بالأمر السهل الذي يمكن قبوله خاصة بعد النفخ الذي حدث لـ 30 ألف فرصة عمل خارج المعهود والتي يثبت يوميا أنها ما كانت إلا إبرا للتخدير.
الآن وبعد نحو عام من وجود هذه الحكومة، كان بودي الحديث عن الاستراتيجية التي تمت لمواجهة معضلة البطالة، ولكن يتضح جليا" غياب ما هو ابسط من ذلك وأعني اي مشروع او أي خطة للتخفيف من معاناة ابنائنا وبناتنا.
في عهد هذه الحكومة تم مناقشة قانون العمل في مجلس الأمة ومناقشته كانت فرصة فريدة بحد ذاتها، كون هذا القانون لم يناقش تحت القبة منذ أكثر من 23 عاماً، قانون 96، وقانون العام 2010 كان قانوناً مؤقتاً ولم يشرع تحت القبة، وكون هذا القانون له أهميته الكبيرة في منظومة الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي، أمام هذه الفرصة ماذا تفعل الحكومة؟ المأساة أن الحكومة قد واجهت هذه الفرصة دون اي تحضير ولم تقدم أي مقترح من طرفها وكأنه امر لا يعنيها والآن وبعد أسبوعين بالكاد من إقراره تنتبه بأنها فقط قد عظمت من سلطة الوزير وأنها تعرض الاردن لمساءلات منظمة العمل الدولية، لم تفطن الحكومة لذلك اثناء النقاش ولم تقدم شيئا" فيما يخص المواد المتعلقة بسوق العمل المحلي ولم تنتبه ان مشكلة البطالة لها علاقة كبيرة بالقانون المعمول به، هل هذا معقول أو مقبول؟.
الآن تنتبه وبعد أسبوعين من إقراره تريد إعادته للمجلس لتعديل بعض المواد، طبعا" هذا يحدث لغياب البرنامج ولأن كل وزير يصل له برنامجه ولا يوجد اي برنامج للرئيس يمشي عليه الوزراء حتى وإن تغيروا، او حتى برامج للوزراء تتناغم مع ما يفكر به الرئيس وما أمطرنا به الرئيس من فكر لمواجهة كافة المشاكل التي نعاني منها في الأردن هي مجرد أفكار ولا تتعدى ذلك، للأسف ماتزال الشخصنة هي الطابع الغالب.
مشكلة البطالة يجب مواجهتها ببرنامج واسع يشمل التعديلات على بعض التشريعات، قانون العمل، قانون الخدمة المدنية، قانون الضمان الإجتماعي، لإشعار ابنائنا بجدوى العمل في القطاع الخاص وأنه العمل به مثله مثل العمل في القطاع العام ويعطي نفس الامان الاجتماعي، وتحويل ديوان الخدمة المدنية إلى ديوان للتشغيل وبناء علاقة جيدة مع القطاع الخاص ومنحه بعض التحفيزات لإقحامه في حل هذه المشكلة الوطنية وتفعيل مكاتب العمل المنتشرة لتصبح فروعا" لديوان التشغيل.
جميع هذه الأمور مرتبطة معا" تسمى برنامج او استراتيجية وهذا ما لا تعرفه حكومتنا او بالأحرى ما يغفل عنه رئيسها.