رمضان شاهد على القهر


يعيش أهل غزة رمضان منذ خمسة أشهر في ضيق وقهر، فهم ممتنعون جبرا عن الطعام والشراب في أغلب ساعات النهار والليل، هذا غير أن دولة الاحتلال كانت قد استهدفت كافة مظاهر الحياة في غزة، ودمرت البنى التحتية فيها فلا ماء للوضوء والطهارة ولا مكان آمنا لأداء الصلاة ولا مساجد ترفع الأذان، فقد سعى الاحتلال لتدمير أغلب ما في غزة بهدف جعلها مكانا غير صالح للحياة، في حرب عقاب جماعي وإبادة جماعية.

اضافة اعلان


انهارت دول العالم الإسلامي أخلاقيا ودينيا، وتبين أن المسلمين ليسوا كالبنيان المرصوص وأن أكثرهم مسلمون بالهوية والشعار والاحتفالات فقط،  فقد خذلوا المسلمات اللواتي انتهكت أعراضهن، ولم تحرك فيهم أشلاء الأطفال تحت الأنقاض حميّة المسلم ولا حتى حميّة الإنسان العادي، وأكاد أجزم لكم أنهم لن يتحركوا قيد أنملة لو هدم المسجد الأقصى غدا - لا سمح الله.


تلك الدول تستغل الدين طريقا لتحقيق مآرب سياسية  للوصول للحكم والثروة والسلطة، باعونا التقوى، في حين كشفت غزة عوراتهم، وهي دول لا وزن لها عالميا وفي مأزق أخلاقي وإنساني عظيم.  


دول العالم العربي على تباين مواقفها، دول مستعمرة بارتباطات مع الحلف الأنجلو-أميركي الاستعماري صاحب مشروع إقامة دولة الاحتلال وصاحب مشروع إدامة هذه الدولة على حساب الفلسطيني أرضا وشعبا، وهي دول لا حول لها ولا قوة، ينتهي أي دور حقيقي لها عند ارتباطات الحماية الاقتصادية والسياسية التي كبلت نفسها بها، حيث تفتت واستبدلت الوحدة والتكامل الاقتصادي بينها، بقروض وبرامج البنك الدولي او بمعاهدات الدفاع والحماية  الأجنبية، خذلت هذه دول مشاريع الديمقراطية ومشاركة الشعب في الحكم للوصول إلى استقرار وطني وذلك عن طريق تحالفات خارجية لاستقرار أنظمتها، وأثبتت الواقع أن ذلك الاستقرار هو استقرار وهمي لأنه يدور وجودا وعدما مع مصالح الحلف الأنجلو أميركي؛ ومن ثم مع مصالح إسرائيل، وقد ثبت أن لا حصانة لأي نظام عربي إن تعارض وجوده في أي مرحلة مع هذا المشروع الصهيوني.  


انهارت دول العالم الغربي أخلاقيا وسياسيا أيضا، وسقط عنها قناع التنوير وحقوق الإنسان، وثبت أنها -وخاصة دول اوروبا- مكبلة سياسيا بتبعية أميركا واصطفافات أميركا السياسة في المنطقة والعالم، وهي دول إما تعاني عقدة اضطهاد تاريخي لليهود وتسعى للتكفير عنها سياسيا على حساب الفلسطيني، أو هي تحت تأثير جماعات الضغط الصهيوني وتمشي في مشروعها القائم على تطهير عرقي  للفلسطيني بطرده من أرضه وتشريده أو قتله.


وجدت هذه الدول نفسها مرتبطة بسيادة القانون والحقوق والحريات وخاصة حرية التعبير، وهي الآن تسير في هذا الصدد نحو أن تكون دول عالم « ثالثا «  تختلق المبررات والأعذار من أجل الإطاحة بتلك الحقوق والحريات واضحت هذه الدول اليوم تحاصر أهم إنجازاتها وهي الجامعات، لتحولها إلى معتقلات تصادر الرأي والحريات الشخصية!  


أغلب الشعوب في العالم ناصرة للحق والإنسانية وللقضية الفسطينية، أكثر من أي وقت مضى، وهي تتحرك وتدين جرائم الاحتلال في غزة، وتحاول صد هذا العدوان ما استطاعت لذلك سبيلا، إلا أن المحبط هو أن هذا العصر ليس عصر الشعوب، بل عصر الأنظمة، وتأثير الشعوب واضح للعيان !


غزة ستلاحقنا على موائدنا الرمضانية وستحاصر تقوانا وتعبدنا، وستحول صيامنا طقسا للقهر وقلة الحيلة وانهيار المعنى والقيمة، أعرف جنابك ماذا تهمس لنفسك الآن فتقول: اللهم إني صائم!  

 

للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنا