الضفة جبهتنا الساخنة

نعم، يجب أن ينطلق الأردن في سياسته الخارجية من مربع مصالحه الذاتية أولا، أهل فلسطين بشكل عام وغزة على نحو خاص يقدرون عاليا مواقف الأردن وشعبه وملكه، ولكن بعيدا عن العلاقات الوثيقة بين الشعبين، فإن من المتفق عليه أن الضفة الغربية تعتبر عمقاً إستراتيجياً للأردن.

اضافة اعلان


الشرخ الفلسطيني الفلسطيني عميق، وهو خلاف سياسي ترجم إلى تحالف اقتصادي تمثل بمصالح وظيفية للناس مع هذا الفصيل أو ذاك، إضافة إلى تحالفات مع «ممولين» من معسكرات دولية متنازعة نقلت نزاعها للعلاقة بين الفصائل الفلسطينية، ناهيك عن هيكل اقتصادي فلسطيني مربوط ومرتبط مع دولة الاحتلال، حيث أن عددا كبيرا من العمال الفلسطينيين يعملون داخل دولة الاحتلال، والذين تم إيقاف التعامل معهم بعد حرب غزة وهو ما يزيد غليان الضفة.  


ويذكر في هذا الصدد أيضا، أن 750 ألف مستوطن مسلح يعبرون عن أنفسهم بأنهم «فدائيون» في 86 مستوطنة إسرائيلية، وهي التجمعات الأكثر تسلحا في دولة الاحتلال، والمعلومات تتوالى عن توجه حكومة الاحتلال لتزويد المستوطنين بصواريخ مضادة للآليات، الأمر الذي يزيد خطر التهجير للأردن الذي يتشدق به وزراء إسرائيل علنا.


أشار الدكتور حسام زملط سفير دولة فلسطين في بريطانيا في لقاءاته المتتالية في الأردن، إلى ضرورة محاصرة دولة الاحتلال ومنع السلاح عنها كوسيلة ضرورية لوقف الحرب على غزة، وأشار أيضا إلى أن دولة الاحتلال باعتبارها مشروعا غربيا فإنه يجب الضغط على دول الغرب للجم إسرائيل وخنق أدواتها في الحرب وذلك بوقف تزويد إسرائيل بالسلاح!


لا يستطيع الأردن أن يغض البصر عمّا يحصل في الضفة الغربية، وإن تدخله السياسي والأمني والاقتصادي مصلحة أردنية عليا، فإن التعويل على علاقاتنا مع أميركا وإسرائيل لم يكن ولم يعد آمنا قط، من الصحيح أن علاقتنا مع أميركا قوية ومن الصحيح أن الحدود الأردنية الطويلة مهمة للكيان، ولكن يمكن لإسرائيل العمل على نقل خطر حدود الأردن عليها إلى الداخل الأردني، وذلك بخلخلة الجبهة الداخلية- لا سمح الله- وبالتهجير الذي ما زال لأغلب المراقبين السياسيين خطرا داهما واحتمالا قائما لا يجوز التقليل من خطورته وإمكانيته.


وعلى الرغم من أن منظومة القانون الدولي خذلت الفلسطيني، وعلى الرغم من أن قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة غير ملزم، إلا أنه يحظى بأهمية سياسية كبيرة، وبما أن الجمعية العامة للأمم المتحدة تبنت المشروع الأردني بشأن وقف الحرب في غزة، فإن الأردن هو الأقدر والأولى ليقود المجموعة العربية لحشد الدعم لإصدار قرار بمنع تزويد إسرائيل بالسلاح، والامتثال لقرار محكمة العدل الدولية بتنفيذ الإجراءات الاحترازية والتي تهدف إلى حد الاقتتال في غزة، في مسعى دولي مماثل للجهد العظيم الذي قاده في الجمعية العامة لاستصدار قرار بوقف الحرب في شهر أكتوبر الماضي.


إن مراقبة ما يجري في الضفة الغربية هو غاية في الأهمية للأردن، والعمل على تثبيت الفلسطيني بالطرق كافة، إضافة إلى توسيع فرجار العلاقة السياسة مع جميع الفصائل الفلسطينية والعمل على تحقيق المصالحة الفلسطينية، كل هذا هو مصلحة أردنية عليا، واستمرار جهود الأردن لوقف الحرب ضرورة ملحة كما أن محاصرة إسرائيل- نعم محاصرة قدرة إسرائيل على الحصول على السلاح- من الأمور العملية الضرورية التي يمارس الأردن فيها جهودا جبارة، ومن هذا المنطلق لا من نشاط دبلوماسي مضاعف يقوده الأردن بمساندة عربية، لاستصدار قرار عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بوقف إطلاق النار ووقف تزويد إسرائيل بالسلاح! هذا ضروري.

 

للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنا