صدور الطبعة الثانية من "اللغة والجنس.. حفريات في الذكورة والأنوثة"

1687688045111050400
غلاف الكتاب
عمان- صدر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، ببيروت الطبعة الثانية من كتاب (اللغة والجنس..حفريات في الذكورة والأنوثة)، لأستاذ اللسانيات التطبيقيّة في الجامعة الهاشميّة، الدكتور عيسى برهومة.اضافة اعلان
كتب تصديرا للطبعة الثانية الدكتور فيصل دراج بعنوان "مواجهة الفكر الاتباعي بالإبداع"، حيث يرى أن المؤلف في هذا الكتاب مزج "بين إضاءة المفاهيم النظرية التي أقام عليها بحثه، والتأسيس النظري، ذلك أن القارئ العربي تنطقه لغته، أمدرسية كانت أم عامية، يستظهر موقع المرأة فيها، دون أن يتوقف أمام دلالة المرأة في اللغة، ومعروفة أن الكلمات "مفاهيم"، وأنه لا انفصال بين اللغة والفكر، ولا بين الكلمات وتصور العالم".
ويشير دراج، إلى أن برهومة انتهى إلى عمل نظري مركب، يعطف اللغة على علم الاجتماع، وعلم الاجتماع اللغوي، إن صح القول، على تاريخ العقلية العربية الذي يدثر الذكر بصفات الفعل والسيطرة، ويختصر الأنثى في وظيفتي الإنجاب والإمتاع، كما لو كانت كائنا يولد منقوصا ويرحل منقوصا. ومع أن نقد المجتمع العربي يرتاح إلى مقولة "المجتمع الذكوري"، الذي يضع الذكر فوق الأنثى مطمئنا إلى بداهات عامة.
ويلفت دراج إلى أن المؤلف اتكأ على تحليل اللغة، سواء أكانت "دينية المرجع"، أم امتدت إلى المخيل الشعبي والثقافة المتوارثة. حيث برهن معتمدا على مراجع كثيرة أن الاختلاف بين الجنسين مبعثه قيم المجتمع، وأن تفاصيل اللغة، في علاقتها بالذكر والأنثى معا، تكشف عن تقليدية المجتمع وإعاقة "حداثته الممكنة".
ويعبر دراج، أن المؤلف نفد إلى السؤال الذكر والأنثى في وجوهه المختلفة. حيث قرأه في ثلاثة أبواب "الأثر المتبادل بين العامل الاجتماعي والسلوك اللغوي، إذ اللغة ظاهرة اجتماعية في التحديد الأخير، ونظرة اللغة إلى الجنس، حيث حيز الأنثى، عربيا، من الوظيفة الجنسية التي تؤديها، والخصائص اللغوية للجنسين، أكان ذلك على مستوى النحو والنطق أم على مستوى الكلام والخصائص الأسلوبية".
وخلص دراج، إلى أن هذا الكتاب هو مرآة للتجديد الفكري، وشهادة على العلاقة بين الظواهر الاجتماعية وأصولها اللغوية، وبحث أكاديمي طليق عن أسئلة تصرح بها الحياة وتعلن عنها "الدراسات الأكاديمية الزائفة"، فهو يعمل على أبعاد السببية اللغوية، وقارب موضوعا يدافع عن كرامة المرأة وحقوقها الإنسانية الاجتماعية.
فيما كتب تصدير الطبعة الأولى الراحل الدكتور نهاد الموسى، الذي كتب تحت عنوان "اللغة مرآة المجتمع"، وفيها يشير إلى أن اللغة هي "مرآة المجتمع، والمرأة نصف المجتمع، فهل كانت اللغة مرآة للمرأة؟ وهل أنصف المجتمع نصفه؟ اللغة مرآة، والمجتمع كيان إنساني مثقل بالإرث الثقافي وصيرورة البنى الفوقية كالاقتصاد والتشريع. قد تبدو اللغة محايدة إذ تجعل (الجبن)، مذكرا وتجعل (الشجاعة)، مؤنثا، كما تجعل (السفاهة)، مؤنثا و(الحلم) مذكرا".
ويرى الموسى أن اللغة مؤنثة، والثقافة مؤنثة، والمجتمع مذكر، فإيها محايد؟ وأيها متحيز؟ وهل من سبيل إلى التدخل في اللغة لنفي التحيز الخارج عن مقتضى الإبانة؟ وهل يكون التدخل في النظام اللغوي وحده تدبيرا كافيا لنفي التحيز الثقافي أو الاجتماعي؟، مبينا أن هذا الكتاب يأتي رحلة شائقة في عوالم الاجتماع الإنساني عبر الزمان والمكان يتحرى صورة المرأة في تلك العوالم، ولغاتها، وثقافاتها، ويقف باعتناء خاص إلى صور المرأة في العربية وثقافتها.
وخلص الموسى، إلى أن هذا الكتاب هو رائد في حقل بيني ما يزال في الدراسات العربية بكرا، وهو يجري، في صورة التعبير، ببيان يليق به من الألق والأناقة، وينطلق في مضمونه، بجرأة حذرة متوازنة الخطى على هذا الدرب السديمي الذي تتدافع فيه الرؤى وتتقاطع المنى.
أما المؤلف برهومة، فقد كتب مقدمة جديدة للكتاب بعنوان "اللغة والجنس في الأنظار اللسانية الحديثة"، يوضح فيها أن التقديم للطبعة الجديدة يبدو محفوفا بخصوصية لا تتأتى لغيره من الكتب، إذ يمثل هذا الكتاب "اللغة والجنس"، البذر الأول للمرء، والتجربة البكر التي تتجلى خلالها لحظة انبجاس فعل الكتابة بين يديه، فضلا عن أنها تمثل مفتتحا لمشروع المنهجي الذي يتوخى المرء بوصفه باحثا.
ويشير المؤلف، إلى أن المنهجية التي في هذا الكتاب تقوم في أصلها على المزاوجة بين المعرفة التراثية العميقة، وامتلاك الأدوات اللسانية الحديثة، ودراسة اللغة بوصفها تجليا من تجليات المجتمعات الإنسانية، أو بوصفها ظاهرة كونية وقومية واجتماعية في الآن عينه.
ويقول برهومة: "إن اللغة كانت ولم تزل ابنة المجتمع، الذي تستقيم قواعده باستقامة الذكورة والأنوثة، بكل ما ينطويان عليه من إشكاليات وجدليات وتمثيلات، إذ إنهما أي الذكورة والأنوثة ما تزالان مجتمعتين مع بعضهما البعض يمثلان نواة لموضوعات بحثية خصيبة، تظل على الدوام مشروعة أبوابها أما الحفر المعرفي بناءات اللغات الإنسانية عامة، والعربية على وجه التعيين".
وخلص برهومة، إلى أن كتابه يسعى إلى أن يسهم في التأسيس المنهجي لدراسة الاختلاف اللغوي بين الجنسين، وجاء في ثلاثة فصول حاول المؤلف في الفصل الأول أن يستجلي مكانة اللغة في المجتمع، وأن يلتمس مسوغا منهجيًّا للعلاقة المتحصلة بين العامل الاجتماعي والسلوك اللغوي، فيما يعرض الفصل الثاني لنظرة اللغة إلى الجنس، فعاين المسألة في النظام اللغوي، لاستجلاء تصنيف الجنس في العربية، وهل كان هذا التصنيف متسقًا والجنس الطبيعي؟ وتتبع موقف الباحثين في هذه المسألة التي أَشكلت عليهم قديمًا وحديثًا.
وفي الفصل الثالث، تناول المؤلف الخصائص اللغوية للجنسين، فعرض لمستويات اللغة؛ لاستقراء الخصائص اللغوية، وقد صدر في استصفاء هذه الخصائص عن الفرضيات التي أودعها الدارسون والدارسات في موضوع البحث.