"هيرود" بالبحر الميت.. أحد أقدم موانئ العالم يعاني الإهمال

موقع ميناء "هيرود" الواقع على الشاطئ الشرقي للبحر الميت-(الغد)
موقع ميناء "هيرود" الواقع على الشاطئ الشرقي للبحر الميت-(الغد)

 رغم أن ميناء "هيرود" الواقع على الشاطئ الشرقي للبحر الميت، يعد واحدا من أقدم الموانئ التي عرفتها البشرية وما تزال بقاياه موجودة، إلا أنه في المقابل، ما يزال يعاني من قلة الاهتمام لإبرازه كموقع سياحي فريد، وتجاهل المطالب المستمرة باستغلاله وتأهيله.

اضافة اعلان

 

  الموقع الذي يضم بقايا شواهد أثرية كالقصر أو ما يعرف بـ(الفيلا) يمثل حقبة تاريخية مهمة، بحسب أستاذ الآثار في الجامعة الأردنية الدكتور عدنان الشياب، الذي بين أن الفترة الهلنتية في الأردن (332 ق.م –  63 ق. م)، تعد من أكثر الفترات التاريخية إثارة للاهتمام، نظرا للعدد المحدود جدا من المباني التي ترجع إلى هذه الفترة، والمتمثلة بقصر العبد في عراق الأمير، وقلعة مكاور، وقصر هيرود  في عين زارة على الشاطئ الشرقي للبحر الميت.


وأضاف الشياب، "استنادا إلى المؤرخ فلافيوس جوزيفوس، فقد كان هيرود العظيم (27 ق.م – 4 ق.م) يبحث عن دواء أو شفاء لمرضه في هذا المكان، حيث المياه المعدنية الحارة التي تستخدم للعلاج، فقام ببناء الفيلا والتي هي عبارة عن مبنى مستطيل بقياس (25 x 75) مترا، يضم ساحات معمدة تؤدي إلى غرف كبيرة أو مايعرف بالمضافة أو قاعة الاستقبال"، مضيفا، "كذلك تم العثور في الفيلا على بركة أو أحواض مائية ذات علاقة مباشرة بالينابيع الحارة".


ووفقا للشياب، "رغم الوضع السيئ للمبنى بشكل عام، إلا أن الانطباع العام المستقى من قطع الجبص، يشير إلى أنه يعد من المباني ذات المستوى المعماري والفني العالي، إذ عثر في الموقع على قطع تتشابه مع الزخارف الموجودة في قصور هيرود والمباني النبطية المزخرفة في البتراء".


وقال، "أما من ناحية المخطط، وخصوصا وجود الساحات المعمدة فتتشابه مع البيوت اليونانية في الفترة الهلنتية والقصور الملكية المكدونية في بيلا وفرجينا في شمال اليونان وبعض القصور الملكية في روما"، لافتا إلى أن "وجود ينابيع المياه ووقوعه على شاطئ البحر الميت، فيبين التشابه مع أهم المباني التي بناها هيرود في قيصرية في فلسطين ونظام الفلل الرومانية".


ويرى عدد من المهتمين، أن هذه المنطقة بحاجة إلى مزيد من الاهتمام والعناية كونها إرثا إنسانيا تاريخيا، مشددين على ضرورة تحويل المنطقة لمحمية طبيعية تراثية للحفاظ على هذه الآثار واستغلالها الاستغلال الأمثل.


ويشير خبير الآثار الدكتور أديب أبو شميس، إلى أن الموقع الأثري ينقسم إلى قسمين (قصر وميناء)، إذ ذكر المؤرخ يوسيفوس وجود قصر كان يستخدمه هيرود للاستشفاء من مرض جلدي، وكان حاكما في أريحا/ البرية، ويحضر دائما إلى القصر لهذه الغاية، كما كان الميناء المقابل للقصر وسيلة الاتصال السريع لأريحا، إذ يقابله على الجانب الآخر ميناء عين جدي، وهو الأمر الذي يشير إليه وجود رسم لميناء وقوارب محملة على خارطة الأرض المقدسة الفسيفسائية في كنيسة الروم الأرثوذوكس في مادبا، والتي يعود تاريخها إلى 562 ميلاديا.


وترجع أهمية هذا المعلم التاريخي إلى أنه يقع بجانب المياه الساخنة في منطقة الزارة، حيث المياه المعدنية والطبيعة الخلابة والتي تشكل بمجملها وجهة سياحية مهمة إذا أحسن استغلالها.


ويؤكد الرئيس التنفيذي لجمعية أصدقاء البحر الميت زيد السوالقة، أن ميناء هيرود هو واحد من  25 موقعا أثريا يقع على ضفاف البحر الميت، لافتا إلى أن غالبية هذه المواقع غير مستغلة ومهملة، رغم أنها تستقطب أعدادا كبيرة من السياح من مختلف أنحاء العالم.


ويرى السوالقة، أن "قلة الاهتمام بموقع ميناء وقصر هيرود تسبب بتخريبه وأحاله إلى مكرهة صحية"، مشيرا إلى أن "مثل هذا الموقع المهم يحتاج إلى المزيد من الرعاية والتأهيل والتطوير والترويج له كوجهة سياحية كبقية المواقع الأثرية في الأردن".


وقال، "إن بقاء موقع أثري تاريخي وإرث إنساني مهم بوضعه الحالي، أمر غير مقبول"، مشددا على "ضرورة العمل على النهوض بهذا الموقع وتأهيله ووضعه على خريطة السياحة الأردنية، خصوصا أنه يقع ضمن منطقة الزارة التي تشهد إقبالا كبيرا للسياح والزوار".


ووفق السوالقة، فإن "الجمعية تقدمت بطلب للجهات المعنية لتأهيل الموقع وتجهيزه لاستقبال الزوار، إلا أن الطلب قوبل بالرفض"، مبديا استغرابه من قرار الرفض، لا سيما أن الجمعية أبدت استعدادا تاما لتطوير الموقع والنهوض به واستثماره بما يتواءم وأهميته التاريخية والسياحية.


وكانت مديرة آثار البلقاء أروى المساعدة، قد أكدت لـ"الغد" أن موقع الميناء والقصر الهيرودي، يعد أحد أهم الاكتشافات الأثرية في منطقة البحر الميت، لما له من أهمية تاريخية، خصوصا أنه يرتبط بموقع جبل مكاور الأثري ومادبا والمغطس، موضحة أن الموقع معروف للمختصين في الآثار، إلا أنه ما يزال غير معروف سوى لقلة من السياح كمقصد أثري.


وأضافت المساعدة، أن دائرة الآثار العامة تولي المواقع الأثرية أهمية بالغة، ومن ضمنها هذا الموقع من حيث المحافظة عليها وتهيئتها لاستقبال السياح، لافتة إلى أن الموقع محمي من خلال حراس ومحاط بسياج للحيلولة دون العبث به وبموجوداته، إلا أن قرب الموقع الأثري من منطقة المياه الساخنة الذي يرتاده الآلاف خلال العطل يشكل تحديا حقيقيا للعاملين ما يتطلب تضافر الجهود للحفاظ عليه خاصة من قبل المتنزهين.

 

اقرأ أيضا: 

البحر الميت.. غياب فنادق الـ3 نجوم يبطئ الحركة السياحية