وادي الأردن.. شح المياه يهدد استثمارات النخيل - فيديو

احدى مزارع النخيل بوادي الاردن-(الغد)
احدى مزارع النخيل بوادي الاردن-(الغد)
بقلب ملأته الحسرة، لا يملك موسى العيدي حيلة سوى الوقوف على أطراف مزرعته يراقب أشجار النخيل العطشى التي أذبل طلعها شح المياه، وبات الأمر الذي سيكبده خسائر فادحة.اضافة اعلان
وللعام الثالث على التوالي، يعاني مزارعو النخيل من تناقص كميات المياه المسالة لأراضيهم خلال فترة ذروة الاحتياج من شهر أيار (مايو) وحتى آب (أغسطس) من كل عام، والذي يحول دون وصول الثمار الى الحجم المطلوب لضمان المنافسة في الأسواق الخارجية وتسويقها وبيعها بأفضل الأسعار محليا. 
"تكاليف زراعة النخيل ورعايته مرتفعة جدا، في حين أن كميات مياه الري الشحيحة تتسبب بتردي جودة ثماره ما يجعل أسعار بيعه متدنية ولا تغطي هذه التكاليف"، بحسب موسى، الذي بين أن تشجيع الحكومة على زراعة المحاصيل المجدية اقتصاديا لم يقابله الاهتمام المطلوب.
ويشارك موسى بهذا الرأي المئات من مزارعي النخيل الذين يرون في شح المياه أكبر التحديات التي تواجه قطاع التمور في وادي الأردن، لافتين إلى أن الحصص المائية لكافة الزراعات واحدة في حين أن كلف إنتاج التمور أكثر بأضعاف مقارنة بالزراعات التقليدية.
ويجمع غالبية المزارعين على أن مياه الري متوفرة وبكميات كافية، إلا إن المعضلة تكمن في سوء إدارتها وتوزيعها بشكل عادل يراعي الاحتياجات المائية للأصناف الزراعية، موضحين أن أكثر من نصف احتياجات النخيل المائية تتركز خلال أشهر أيار وحزيران وأيلول في حين يتوقف الري لفترات طويلة خارج هذه الفترة بشكل كامل أو جزئي.
ويؤكد المزارع عبدالكريم السطري أن كميات المياه المسالة لا تكفي الاحتياجات المائية للنخيل ما ينعكس سلبا على الإنتاج كما ونوعا، مضيفا "منذ عامين ونحن نعاني من مشكلة كبيرة في توفير المياه اللازمة لري النخيل ما تسبب بإلحاق خسائر كبيرة في ظل الكلف المرتفعة التي نتحملها لقاء إدامة العمليات الزراعية اللازمة للوصول بالمنتج إلى أفضل حال".
ويتابع أن معظم مشاكل شح المياه موجودة في مشروع الري الجديد، وقد طالبنا مرات عدة بضرورة حل المشاكل والسلبيات والأخطاء كصغر أقطار الخطوط وتوزيعها ووجود تعديات من قبل البعض، إلا إننا لم نلق أي استجابة، لافتا الى أن هناك خللا واضحا في عملية توزيع المياه خاصة ضمن هذا المشروع إذ إن تصميمه حرم عددا كبيرا من الوحدات الزراعية من الحصول على كامل حقوقها من المياه. 
ويوضح المزارع جعفر عربيات أن أشجار النخيل تحتاج الى رعاية متواصلة وضمن روزنامة محددة لكل عملية بما فيها ري الأشجار أو منع المياه عنها، موضحا أن الفترة الحالية "مرحلة الإثمار والتحجيم" تحتاج فيها أشجار النخيل الى كميات مضاعفة من المياه لتغذية الثمار والوصول بها الى الحجم المطلوب.
ويضيف "للأسف الجهات المعنية قد تدفع عشرات الملايين لبعض المشاريع، إلا إنها تقف عاجزة عن إيجاد حلول المزارعين"، مؤكدا أن قطاع النخيل من أنجح القطاعات التي شكلت نقلة نوعية في الاستثمار الزراعي وخلق فرص عمل للآلاف من أبناء المنطقة.
وينوه آخرون الى وجود عشوائية في برنامج توزيع المياه فلا يوجد انتظام في المواعيد والأوقات ما يجبر المزارع على البقاء بحالة استنفار طوال الأسبوع للحصول على كميات المياه المسالة لأرضه للقيام بالعمليات الزراعية المهمة كالري والتسميد، موضحين أن هناك صعوبة في التواصل مع المعنيين في قطاع المياه لمواكبة أي تغيرات في مواعيد الضخ أو غيره كصيانة المضخات والخطوط وتنظيف القناة.
ويرى المزارع معتز أبو النجا أن المزارع ضاع بين سلطة وادي الاردن وجمعيات مستخدمي المياه، إذ إن كل جهة تلقي باللوم على الجهة الأخرى والضحية هو المزارع، قائلا "البرك الزراعية فارغة والمياه تأتي لساعات محدودة وكميات قليلة لا تلبي احتياجات مزارعنا".
ويقول رئيس جمعية التمور التعاونية الزراعية رائد الصعايدة "نحن الآن في ذروة احتياج قطاع النخيل للمياه، وللأسف هذا الاحتياج لا يصلنا وهي مشكلة نعاني منها كل عام"، موضحا "الأمور تتمحور في أكثر من مشكلة بدءا من عدم انتظام الدور وعدم كفاية الكميات المسالة وعدم التزام السلطة بتوفير ساعات الضخ المخصصة لنا".
وينوه إلى أن "شح مياه الري يهدد استثمارات بملايين الدنانير وحلها يحتاج الى إدارة محكمة ومتفهمة لوضع قطاع النخيل في ظل نقص الكوادر"، لافتا إلى أن "احتياج دونم النخيل يتراوح ما بين 800 – 1200 متر مكعب سنويا إلا إن الكميات المسالة حاليا لا تصل الى 500 متر مكعب فقط".
ويشير الصعايدة الى وجود استثمارات بزراعة النخيل بملايين الدنانير، ناهيك عن العمالة التي يشغلها والقطاعات الأخرى المستفيدة من القطاع الذي يوفر منتجا يعتبر بصمة للأردن في الأسواق العالمية، ويجب على جميع المعنيين الاهتمام به خاصة فيما يتعلق بتوفير المياه الكافية خلال ذروة الاحتياج ولا يمكن المنافسة في الأسواق الخارجية إذا ما تم حل مشكلة المياه، موضحا أن عدد أشجار النخيل يفوق 600 ألف نخلة، في حين يزيد عدد المزارعين الذين يعانون من شح مياه الري على 300 مزارع.
من جانبه، يؤكد مدير مديرية تشغيل وصيانة الأغوار الوسطى والشونة الجنوبية المهندس مأمون الخرابشة أن تقديم الضخ الأسبوع الماضي كان بسبب إفساح المجال لكوادر السلطة بتنظيف مجرى قناة الملك عبدالله بمنطقة الكرامة لزيادة السعة التخزينية وتم خلال اليومين الماضيين ضخ المياه للمزارعين حسب برنامج الري كالمعتاد.
ويوضح أن مزارع النخيل تحتاج إلى كميات كبيرة من المياه والسلطة تقوم بضخ وإسالة المياه إلى الوحدات الزراعية دون استثناء وبغض النظر عن نوع الزراعة فيها وبحصص متساوية، إلا أن ذلك لا يرضي مزارعي النخيل الذين يطمعون بكميات أكبر من الحالية على الرغم من السماح لكل وحدتين زراعيتين أو وحدة تزيد مساحتها على ستين دونما بالحصول على رخصة حفر بئر ارتوازية لزيادة كمية المياه المتاحة وعلى الرغم كذلك من وجود تعهدات من قبل المزارعين بعدم المطالبة بكميات مياه إضافية عند السماح لهم بزراعة النخيل. 
ويلفت الخرابشة إلى أن شكاوى مزارعي النخيل تتكرر كل عام خلال الصيف رغم وجود زراعات أخرى لها استحقاقات مائية، مؤكدا أن السلطة على استعداد تام للاستماع لشكاوى المزارعين ومعالجة مواطن الخلل إن وجدت لضمان وصول المياه لكافة مستحقيها.