جذور الاستياء الجديد في الجنوب العالمي‏

‏عاملة رعاية صحية تعد حقنة من لقاح "كوفيد 19"، أبوجا، نيجيريا، آذار (مارس) 2021 – (المصدر)‏
‏عاملة رعاية صحية تعد حقنة من لقاح "كوفيد 19"، أبوجا، نيجيريا، آذار (مارس) 2021 – (المصدر)‏

‏مارك سوزمان‏ - (فورين أفيرز) 2023/9/8
‏أذكت الاستجابات الأنانية للدول الغنية في الشمال العالمي لجائحة "كوفيد 19" انعدام الثقة والاستياء لدى دول الجنوب.‏
                                  *   *   *
في ‏‏حزيران (يونيو) الماضي، في الحفل الختامي للقمة الجديدة من أجل "ميثاق التمويل العالمي" في باريس، طرح رئيس جنوب أفريقيا، سيريل رامافوزا، موضوعا يبدو في ظاهره قليل الصلة بالتمويل الدولي.

اضافة اعلان

 

وفي ملاحظات أدلى بها أمام العشرات من قادة العالم، أثار قضية لقاحات كوفيد 19. وقال رامافوزا أنه في العام 2021، عندما تم طرح أول لقاحات كوفيد 19، "شعرنا (في جنوب أفريقيا) وكأننا متسولون عندما يتعلق الأمر بتوافر اللقاح.

 

كانت دول نصف الكرة الشمالي... تعانقها وتتشبث بها، ولم ترغب في إطلاق سراحها عندما كنا نحن في أمس الحاجة إليها". وتابع: "لقد ولَّد ذلك وعمَّق مشاعر خيبة الأمل والاستياء من جانبنا، لأننا شعرنا بأن الحياة في نصف الكرة الشمالي أهم بكثير من الحياة في الجنوب العالمي".‏


وليس رامافوسا وحده في رؤية الأمور بهذه الطريقة. في العام 2021، قال ستريف ماسييوا، رجل الأعمال والمُحسن من زيمبابوي -وهو الآن عضو في مجلس أمناء "مؤسسة بيل وميليندا غيتس"- أن سلوك الدول الغنية أثناء تفشي الوباء أدى إلى إدامة "بنية عالمية متعمَّدة من الظلم". وقد أدى هذا الشعور العميق بالخيانة والخذلان إلى تآكل الثقة بين البلدان، كما أن آثاره الجيوسياسية كبيرة.‏


بطبيعة الحال، تضمن عصر ‏كوفيد 19‏ عددا قليلا من سلسلة الوعود التي تم نكثها بين شمال العالم وجنوبه. ولكن، بينما تكافح الدول الأكثر ثراء لفهم الجنوب العالمي -وخاصة مسألة رد فعل الدول الأفريقية المتناقض على الحرب الروسية في أوكرانيا- لا يحظى التأثير الباقي للخذلان أثناء الوباء بما ينبغي من التقدير.

 

ثمة نوعان من الإخفاقات ‏‏حدّدا حقبة كوفيد 19 بالنسبة للبلدان منخفضة الدخل: تردد الشمال العالمي في تقاسم الموارد بشكل منصف، وعدم رغبته في معاملة دول الجنوب العالمية كشركاء متساوين في معالجة أزمة مشتركة. وإلى أن تتخذ الدول الغنية خطوات ملموسة نحو إصلاح هذا الخلل، فإن الصدع سيزداد عمقًا فحسب.


‏واحد لك وتسعة عشر لي‏

 

خلال جائحة كوفيد 19، تركت أغنى دول العالم إلى حد كبير البلدان الأكثر فقرًا لتتدبر أمورها بنفسها. ولكن لم يكن من الضروري أن تكون الأمور على هذا النحو -وللحظة، لم يبد أن الأمور ستكون كذلك. ‏‏

 

في نيسان (أبريل) 2020، أطلق ائتلاف من حكومات مجموعة العشرين ‏‏والمجموعات الخيرية والمنظمات المتعددة الأطراف مبادرة "تسريع إتاحة أدوات مكافحة كوفيد 19"، وهي عبارة عن تعاون لتسريع تطوير اللقاحات وضمان الوصول العادل إلى الاختبارات والعلاجات واللقاحات.

 

وتم إنشاء برنامج التطعيم (كوفاكس) التابع للبرنامج بقيمة 19 مليار دولار لضمان حصول كل بلد، بغض النظر عن موارده، على لقاحات كوفيد 19 بطريقة عادلة.‏‏


منذ بداية الوباء، جادلت "مؤسسة غيتس" بأنه يجب توزيع اللقاحات والاختبارات والعلاجات المنقذة للحياة على أساس الحاجة وليس الثروة، وساعدْنا في تأسيس وتمويل ‏‏مبادرة مسرِّع الوصول إلى أدوات كوفيد 19‏‏ وبرنامج (كوفاكس) انطلاقًا من هذه القناعة.‏‏

 

و‏‏كان الهدف هو تمكين جميع البلدان من تطعيم عشرة بالمائة من سكانها الذين يواجهون أعلى مخاطر فيروس كورونا الجديد -مثل كبار السن والأشخاص الذين يعانون من أمراض مصاحبة كبيرة- قبل أن يقوم أي بلد بتطعيم الأفراد الأقل عرضة للخطر من مواطنيه.

 

وكان برنامج (كوفاكس) يهدف إلى تقديم ملياري جرعة من لقاحات كوفيد 19 على مستوى العالم بحلول نهاية العام 2021 بحيث تذهب 1.3 مليار جرعة منها إلى البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل. وكانت روسيا، والولايات المتحدة، بقيادة الرئيس ‏‏دونالد ترامب‏‏ آنذاك، غائبتين بشكل واضح عن قائمة الموقعين، لكن أكثر من 180 دولة وقعت عليها.‏


من أجل التحضير لتقديم لقاحات كوفيد 19، درَّبت الحكومات الأفريقية وغيرها من الحكومات منخفضة ومتوسطة الدخل العاملين في مجال الرعاية الصحية لديها، وعملت مع المنظمات العالمية لتحضير الأدوات والمعدات المناسبة لهذا الغرض.

 

وكانت لدى العديد من هذه البلدان خبرة سابقة في إطلاق حملات تطعيم جماعية سريعة وناجحة بفضل خبراتها في مكافحة الأمراض المعدية، مثل الحصبة وشلل الأطفال وفيروس نقص المناعة البشرية.‏‏


وكان بإمكان برنامج (كوفاكس) أن ينجح، فقط لو البلدان الغنية تعاونت وخصصت موارد معقولة لإنجاحه. لكنها كانت مقصِّرة في الحالتين. لكي ينجح نموذج تمويل (كوفاكس)، كان على الدول الغنية شراء بعض إمدادات لقاح كوفيد 19 على الأقل من البرنامج، مما يوفر لـ(كوفاكس) الإيرادات اللازمة للتوسط في صفقات ميسورة التكلفة للبلدان منخفضة الدخل.

 

ولكن، بعد أن بدأ المنظمون في الموافقة على هذه اللقاحات في نهاية العام 2020، أخّرت الدول الغنية تقديم مساهماتها المالية الموعودة، وأبرمت صفقات جانبية مع الشركات المصنِّعة، واشترت معظم‏‏ ‏‏إمدادات اللقاح لنفسها قبل أن يحصل أي شخص على حقنة.‏


كانت العواقب السلبية لهذه الإجراءات واضحة بشكل خاص في ‏‏أفريقيا‏‏، حيث تمارس "مؤسسة غيتس" بمعظم نشاطها.‏‏ في ‏‏شباط (فبراير) 2021، وصلت أولى جرعات لقاحات (كوفاكس) إلى غانا وساحل العاج -بعد ثلاثة أشهر من بدء دول مثل المملكة المتحدة في تطعيم مواطنيها- لكن هذه الجرعات لم تشكل سوى جزء ضئيل فقط مما تحتاجه البلاد. وبحلول شهر أيار (مايو)، كان قد تم تحصين 35 في المائة من الناس في الولايات المتحدة بشكل كامل، مقارنة ب 0.3في المائة من الناس في أفريقيا.

 

ووفقًا لتقرير صدر عن الموقع الطبي المتخصص في الأخبار الطبية، ‏‏STAT‏‏، فقد تعهدت الدول الغنية –بما فيها الولايات المتحدة التي انضمت إلى (كوفاكس) في العام 2021، بعد فترة وجيزة من تولي جو بايدن الرئاسة- بالتبرع بـ785 مليون جرعة من لقاحات كوفيد 19 لبرنامج (كوفاكس). ولكن بحلول أيلول (سبتمبر) 2021، لم يكن قد وصل سوى 18 بالمائة من هذا العدد فقط.‏

 

‏‏لم يقتصر تأخر التسليم على حجب اللقاحات عن ملايين الأشخاص فحسب. لقد أعطى المعلومات المضللة ونظريات المؤامرة المزيد من الوقت لترسيخ نفسها، مما أدى إلى نقص في الاستيعاب. وبحلول الخريف، عندما كان الناس في الولايات المتحدة والمملكة ‏‏المتحدة قد تلقوا الجرعات الأولى وأصبحوا يتلقون‏‏ الجرعات المعززة، لم يكن 98 في المائة من الأشخاص في البلدان منخفضة الدخل قد تلقوا حتى جرعة واحدة.

 

كان الظلم فاضحًا: في الولايات المتحدة، حصل ابني البالغ من العمر ثماني سنوات، مثل العديد من الأطفال الأميركيين الآخرين، على أول جرعة من لقاح كوفيد-19 قبل أن يتلقاها 97 في المائة من سكان ملاوي، على الرغم من أنه كان يواجه خطرًا منخفضًا للغاية من الإصابة بحالة شديدة من المرض.‏
مخلفات سيئة‏
لم تكن الحكومات الأفريقية تجلس وتنتظر المساعدة. في تشرين الثاني (نوفمبر) من العام 2021، نبه علماء جنوب إفريقيا العالم إلى متغير"أوميكرون". وكشكر على ذلك، حظرت الدول الغنية مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة الرحلات الجوية من جنوب إفريقيا. حتى عندما قاد الأفارقة العالم في التأهب للأوبئة، ‏‏عوملوا بازدراء‏‏.‏


‏كانت ‏‏لبرنامج تسريع الوصول إلى أدوات كوفيد 19‏ آثار منقذة للحياة. بحلول تشرين الثاني (نوفمبر) 2022، كان البرنامج قد سلم 1.8 مليار جرعة من لقاحات كوفيد19 إلى 146 بلدًا. كما أرسل ما يقرب من 180 مليون مجموعة اختبار للكشف عن كوفيد 19 إلى البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، كما تابع وحلل أكثر من 1.000 تجربة سريرية في إطار البحث عن علاجات جديدة واعدة. ولكن، ‏‏كان من الممكن تجنب الكثير من انعدام الثقة لو‏‏ أن الدول الغنية أوفت بوعودها.‏


‏الآن، يبدو أن المرحلة الأكثر فتكًا من جائحة كوفيد 19 قد ولت. لكن البلدان منخفضة الدخل ما تزال تعاني من الهزات الارتدادية. ‏‏خلال الجائحة، قدمت البلدان مرتفعة الدخل تمويلاً تحفيزيًا لدعم اقتصادات تلك البلدان وتوفير الخدمات الاجتماعية.

 

وفي المتوسط، التزمت بلدان مجموعة العشرين بنسبة 20 في المائة من إجمالي ناتجها المحلي لهذه الأولويات. لكن البلدان منخفضة الدخل استطاعت الالتزام بنسبة ثلاثة في المائة فقط. ولتمويل الخدمات الأساسية‏‏ في العام 2020، اقترضت البلدان منخفضة الدخل مليارات‏‏ الدولارات ‏‏من أجل إبقاء المصابيح مضاءة‏‏ بينما كانت احتياجاتها الملحة العاجلة تزداد فحسب‏‏.‏


‏وحتى‏‏ مع ‏‏انحسار أسوأ تهديدات الجائحة، ‏‏ما يزال يتعين على البلدان منخفضة الدخل أن تنفق مبالغ كبيرة لخدمة هذه الديون بدلاً من الاستثمار في الصحة والتنمية والتعليم والقدرة على التكيف مع تغير المناخ. في العام 2021، من بين أكثر من 70 بلدًا منخفض الدخل مؤهلة للحصول على مساعدة "المؤسسة الدولية للتنمية" التابعة للبنك الدولي، قفزت خدمة الدين كحصة متوسطة من الناتج المحلي الإجمالي إلى مستوى لم نشهده منذ العام 1997.‏‏

 

ووفقًا لتقرير صدر مؤخرًا ‏‏عن الأمم المتحدة‏‏، فإن ما يقرب من نصف سكان العالم يعيشون الآن في بلدان تنفق على خدمة الديون الخارجية أكثر مما تنفقه على الرعاية الصحية، بزيادة‏‏ ‏‏قدرها 25 في المائة منذ ما قبل العام 2020. وتؤدي مخلفات الديون هذه إلى إعاقة النمو. وهي تسهم في خلق شعور بين سكان البلدان منخفضة الدخل بأن العالم يتعامل بمعايير مزدوجة.‏


عجز في الثقة‏

 

‏ما تزال عدم رغبة الشمال العالمي في الوفاء بوعوده خلال جائحة كوفيد 19 عاملاً لا يحظى بالتقدير الكافي بشكل خاص لدى تحليل مسببات الصدع المتنامي بين الشمال والجنوب. لكنها ليست الوحيدة في ذلك بأي حال من الأحوال. ثمة خرق مماثل للثقة يتعلق باستجابة العالم لأزمة المناخ.‏


‏في ‏‏قمة المناخ التي عقدت في العام 2015 في باريس، التزمت الدول المتقدمة بإنفاق 100 مليار دولار سنويًا لدعم إجراءات التخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف معه في البلدان النامية. لكن هذه الدول المانحة أخفقت في تحقيق هذا الهدف بعشرات المليارات من الدولارات كل عام منذ ذلك الحين. والأسوأ من ذلك أن القروض شكلت 70 في المائة من التمويل الذي وعدت به الدول الغنية في باريس.‏‏ وتقترض البلدان منخفضة الدخل المال فعليًا -بفائدة- لدفع ثمن الأضرار التي تسببها البلدان الغنية.‏


‏في ‏‏مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ الذي عقد في العام 2021 في غلاسكو، قدمت الدول الغنية مرة أخرى وعدًا قويًا: هذه المرة، مضاعفة إنفاقها على التكيف مع المناخ بحلول العام 2025، مع تخصيص الجزء الأكبر من الأموال لمساعدة البلدان التي لا تفعل سوى القليل نسبيًا لدفع تغير المناخ، لكنها هي التي ستعاني من أشد عواقبه. سوى أن العديد من البلدان ذات الدخل المرتفع لم تصدر بعد إعلانات محددة بشأن ما ستساهم به، مما يضيف إلى الشكوك المبررة في وفائها بهذا الوعد. ومن المؤكد أن كل تأخير سيجعل الحلول أكثر تعقيدًا وتكلفة.‏


مع ذلك، تم إحراز بعض التقدم. في حزيران (يونيو)، أبرمت السنغال صفقة للطاقة الخضراء بقيمة 2.7 مليار دولار مع كندا ‏‏والاتحاد الأوروبي‏‏ وفرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة، من أجل دعم ‏‏الانتعاش الاقتصادي في السنغال وجعلها أكثر قدرة على الصمود في وجه الصدمات المستقبلية. ‏‏وفي الشهر نفسه، حصلت زامبيا -التي تخلفت عن سداد ديونها السيادية ‏‏خلال جائحة كوفيد 19 على اتفاق لإعادة هيكلة ديونها بعد مفاوضات مطولة. لكنّ المساعدة تبقى بطيئة ومجزأة، وليست قريبة من النطاق الذي يضاهي شدة الأزمات التي تواجهها البلدان منخفضة الدخل من تغير المناخ.‏


كسر النمط‏

 

الآن، تجد العديد من البلدان منخفضة الدخل نفسها وهي تبحث عن شركاء جدد أو تتساءل عما إذا كان مسار العمل الوحيد القابل للتطبيق هو محاولة حل مشاكلها بمفردها. لكن مصائر الشمال العالمي والجنوب العالمي تظل مترابطة. ‏


في ما يعود في جزء منه إلى أزمة الديون والقيود المالية المفروضة على ميزانيات البلدان بسبب الجائحة، تشكل هذه الأوقات أصعب لحظة في عمر جيل بالنسبة للصحة والتنمية العالميتين. ثمة على المحك عقود من التقدم المحرز في مكافحة الفقر المدقع ووفيات الأطفال في معظم أنحاء أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية. ويجب على البلدان أن تعمل معًا لمواجهة هذه التحديات، ولكن لن يكون من الممكن إحراز تقدم يُعتد به في أي مكان من دون بذل جهود متضافرة لرأب الصدع بين شمال الكرة الأرضية وجنوبها. ولا يقتصر الأمر على أن لدى الدول الغنية واجب أخلاقي للعمل فحسب. إن من مصلحتها الذاتية أن تفعل ذلك، لأن عدم المساواة في أي مكان سيقوض الأمن والرخاء في كل مكان آخر في عالم تسوده العولمة.


‏سوف يكون الاعتراف بالخروق في الثقة التي حدثت في عصر الوباء خطوة أولى جيدة. لكن إصلاح الأضرار سيتطلب أكثر من مجرد الاعتذارات أو الوعود بأداء أفضل في المرة القادمة. بشكل ملموس أكثر، يتعين على القادة في الشمال العالمي أن يضمنوا وصول المساعدات التي تعهدوا بتقديمها مسبقًا وعلى الملأ إلى متلقيها في الوقت المناسب.

 

ومن شأن توسيع القدرة الإقراضية لمصارف التنمية متعددة الأطراف أن يساعد أيضًا: ينبغي لهذه المؤسسات أن تعطي الأولوية لتقديم المنح والتمويل الميسر للبلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، حيث من غير المرجح أن تتوفر أنواع أخرى من رأس المال.‏


‏كانت قمة "ميثاق التمويل العالمي" الجديد التي عقدت في باريس في حزيران (يونيو) خطوة مهمة نحو تلبية حاجة البلدان منخفضة الدخل الملحة إلى التمويل. ولكن لم يكن يُقصد منها أبدًا أن تكون نقطة نهاية. وكانت أكبر مساهمة لها هي خلق مساحة قيّمة لقادة البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل لتأكيد توقعاتهم.

 

وبعيدًا عن الوفاء بوعودها المادية للبلدان المنخفضة الدخل، يتعين على البلدان الغنية أن تتعلم كيف تعامل زعماء البلدان منخفضة الدخل باعتبارهم شركاء حقيقيين.

 

في قمة باريس، قال الرئيس الكيني، وليام روتو، أنه كان يجب أن يُنظر إلى الدول الأفريقية منذ فترة طويلة على أنها "جزء من الحل" للمشاكل العالمية، وليس عبئًا على حلها.‏


إذا تخلت الدول الغنية عن تصوراتها بأن البلدان منخفضة الدخل تبقى مجرد متلقين لأعمالها الخيرية، فإن هذه البلدان ستجد حلفاء أقوياء‏‏ يتمتعون ‏‏بالخبرة للمساعدة في ‏‏مواجهة ‏‏بعض التحديات الصحية والمناخية الأكثر إلحاحاً.

 

ويتلخص أحد الأطر الواعدة في نموذج رأس المال الهجين الذي تبناه بنك التنمية الأفريقي، وهو طريقة جديدة تسمح للبلدان بإعادة توجيه احتياطياتها غير المستخدمة من أصول صندوق النقد الدولي نحو بنك تنمية متعدد الأطراف، وبالتالي مضاعفة قدرة البنك على مساعدة الاقتصادات المتعثرة في تحمل ديونها وتمويل مشاريع التنمية والاستدامة بالغة الأهمية.‏


ينبع هذا النموذج الإبداعي من مؤسسة تقودها أفريقيا ويمكن أن يشكل سابقة مقنعة لبنوك التنمية الأخرى وصناع السياسات في جميع أنحاء العالم. ومن خلال التأكيد على مثل هذه‏‏ ‏‏الأشكال من التعاون، ستكون هناك في المرة القادمة التي يتعرض فيها العالم لتهديد جائحة المزيد من البلدان المستعدة للاستجابة وإعادة البناء. ولن يفيد ذلك الشمال العالمي أو الجنوب العالمي فحسب -سوف يكون فوزًا للجميع.‏


*مارك سوزمان Mark Suzman: الرئيس التنفيذي لـ"مؤسسة بيل وميليندا غيتس".‏


*نشر هذا المقال تحت عنوان: The Roots of the Global South’s New Resentment: How Rich Countries’ Selfish Pandemic Responses Stoked Distrust

 

اقرأ المزيد في ترجمات