حبل نجاة

معاريف
معاريف

 د. موشيه العاد

 

مصر، زعيمة العالم العربي سابقا تعيش في أزمة اقتصادية عسيرة ومتواصلة. محافل اقتصادية في العالم حسبت الكلفة المالية لاستعادة قدرة مصر لرعاية سكانها بكرامة في العقد القادم تقدر بان 70 – 80 مليار دولار ستتيح لـ 110 مليون مصري منح وجبة لكل مواطن. منذ زمن بعيد والرئيس المصري السيسي ينتظر هذه التبرعات لكن لا يوجد من يتبرع بها. غياب السياحة في بلاده والتدخل الزائد في ليبيا هما فقط جزء من الأسباب التي تقتطع المزيد فالمزيد من التمويل من ميزانيتها الضحلة.اضافة اعلان
صحيح حتى الان، في مصر يعبرون عن القلق لما يجري في قطاع غزة، مثل كل الدول العربية. مرة بين الحين والآخر، يسأل صحافيون عرب رؤساء الدول: فضلا عن الإعراب عن القلق، هل أنتم تعملون على التغيير؟"، والأجوبة عديدة ومتنوعة أساسا من جانب دول غير قادرة على العمل.
السعودية وأن كانت تشعر بمسؤولية كزعيم العالم السُني لكنها تكتفي بالتبرعات المالية، مثل دول النفط والغاز الغنية أيضا: اتحاد الإمارات، البحرين وعُمان. وبالنسبة لقطر فهي تتوسط بين إسرائيل وحماس التي لا تزال تتحكم بما يجري في القطاع وفي نفس الوقت تدعمها ككيان  وتمنح ملجأ لمسؤولي المنظمة، وعليه فهي مستبعدة من الحكم في غزة. السلطة الفلسطينية؟ نعم، لكن ليس الان. سيتعين على هذه أن تعمل بكد كي تنظم صفوفها، تدرب كتائبها الأمنية، تُهدأ التوتر والعداء بين الفصائل المختلفة، وتغرس أنماط شفافية ونجاعة بين مؤسساتها وأساسا – أن تكف عن التحريض ضد إسرائيل.
بقينا مع مصر. من غير المستبعد أن يكون حافزا بمئات ملايين الدولارات التي تعد بالنسبة للدول العربية الغنية، الدول الغربية والمؤسسات الدولية "فراطة" كفيلة بأن تدفع مصر لأن تتبنى تحدي غزة وإن كان لفترة محدودة حتى ثلاث سنوات. في هذا الزمن، تأخذ مصر على أيديها السيطرة في غزة وتؤتمن على مراحل الأعمال الأولية، حتى تسلمه إلى أيدي "السلطة الفلسطينية المحسنة". في إطار مقابلاتي الأخيرة مؤخرا في شبكات التلفزيون العربية، هذه الخطة ليس لا تلقى الرفض بل وتترك مادة للتفكير يجب النظر فيها بعناية.
من بداية المعركة تلعب مصر لعبة مزدوجة في محاولة لأن تبث تجاه الخارج "وحدة صف" – اصطلاح في العالم العربي أقوى من كل المصالح. من جهة هي تحذر من عملية إسرائيلية في رفح وتطلق صرخات النجدة خوفا من تدفق جماهيري للغزيين إلى شمال سيناء – ومن جهة أخرى تعمل بتعاون كامل مع إسرائيل وتحافظ بشدة على التنسيق الأمني معها. صحيح أن السيسي يتذكر جيدا المساعدة التي قدمتها له إسرائيل في حربه ضد داعش في شبه جزيرة سيناء.
من خلال الجنرال محمود السيسي، ابن الرئيس، وزعيم البدو في سيناء إبراهيم العرجاني نجحت مصر في تثبيت استقرار سيناء بل والتنمية والازدهار الاقتصادي. النموذج الذي تخلصت فيه مصر من الإرهاب الاجرامي لتنظيم الدولة الإسلامية في سيناء يمكنه أن يسمح لها بأن توقف القطاع على أرجله أيضا.
صحيح ما كان مراقب الدولة عندنا ليشرعن الطرق والوسائل التي اتخذت هناك لكن هذه بالضبط هي المشكلة: كل الحكومات الأجنبية، ابتداء من حكومة إسرائيل في المناطق وحتى العراق وأفغانستان للأميركيين، توجهت إلى السكان بالعبرية المحلية او بالإنجليزية، إذ إن المصريين تحدثوا مع البدو بلغة شرق أوسطية معروفة. يجب الاعتراف بأن دولة ديمقراطية لا يمكنها أن تحكم شعبا أجنبيا.
الآن، حين تكون مصر تواقة لأنبوب أكسجين اقتصادي، توجد لحظة مناسبة لمنح المصريين ما يحتاجونه جدا ومن ناحيتهم هو ربح للجميع: منحة غير مسبوقة بسخائها وكذلك ضمانة ألا ينتقل أي غزي الى سيناء. إسرائيل والأسرة الدولية يجب أن تخرجان إلى حملة تربط بين تجنيد الأموال وتخويل المصريين لتحقيق هذا الهدف.