الإنترنت والثورة الصناعية.. الرهان على الجيل الخامس

رابطة (GSA): 250 شبكة تجارية للجيل الخامس حول العالم
الجيل الخامس من الانترنت

أكد تقرير "حالة البلاد" الذي أصدره المجلس الاقتصادي والاجتماعي مؤخرا، أن الأردن يتمتع ببنية تحتية تكنولوجية "جيدة" من ناحية انتشار الإنترنت جغرافيا واجتماعيا، لكن هذه البنية ما تزال تعاني من الضعف في المناطق البعيدة عن المركز، إضافة لعدم توفرها لعدد ليس بسيطا من السكان.

اضافة اعلان


وضمن توصياته، أكد التقرير أهمية إعطاء الأولوية للتوسع في البنية التحتية للموجات العريضة عالية السرعة وبأسعار معقولة، خاصة في المناطق والمحافظات البعيدة عن المركز، إذ تعد تغطية الإنترنت متطلبا رئيسيا من متطلبات المشاركة بالثورة الصناعية الرابعة.


وأشار التقرير، في توصياته، الى أهمية التوسع في تقديم خدمات الجيل الخامس لباقي مناطق المملكة. 


وبين أن شركات الاتصالات بدأت بتقديم خدمات الجيل الخامس في بعض المناطق، ما يمكن البناء عليه لتشكيل بيئة مناسبة للولوج للثورة الصناعية الرابعة.


وأوضح التقرير أن زيادة انتشار خدمات الاتصالات والانترنت عريض النطاق عالي السرعة، وخصوصا خدمات الجيل الخامس اللاسلكية، هي عمود رئيسي من أعمدة الولوج الى عصر الثورة الصناعية الرابعة، وهو ما أكده خبراء ومتخصصون قالوا "إن السرعات العالية التي توفرها هذه التقنية، الى جانب زمن الاستجابة السريع والسعات العالية والقدرة على التعامل مع كم كبير من البيانات والأجهزة، ستسرع من الاستفادة من تطبيقات ومفاهيم الثورة الصناعية الرابعة".


وقال وزير الاقتصاد الرقمي والريادة أحمد الهناندة "إن البنية التحتية للاتصالات والانترنت عريض النطاق في المملكة "مؤهلة" بشكل كبير لتطبيق مفاهيم الثورة الصناعية الرابعة والتحول الرقمي". 


وبين الوزير، في تصريحات صحفية لـ"الغد"، أن هذه البنية التحتية مميزة في كل الاتجاهات والمحاور من ناحية عدد الشبكات وتنوعها بتقنيات سلكية ولاسلكية ومن ناحية أسعار الخدمات ومن ناحية التغطية التي تصل اليوم الى 97 % من المناطق المأهولة بالسكان في الأردن.


وبين الوزير أن انتشار الجيل الخامس، وهو التقنية التي بدأت بالدخول للسوق المحلية العام الماضي وستشهد انتشارا خلال المرحلة المقبلة، وتقنية "الفايبر" السلكية التي شهدت انتشارا كبيرا خلال آخر ثلاث سنوات حتى وصلت الى أكثر من 60 % من بيوت الأردنيين، سيسهم في دعم تطبيق مفاهيم الثورة الصناعية الرابعة في المملكة بشكل كبير.


وقال الهناندة "إن ما أشار اليه التقرير من ضعف انتشار في بعض مناطق المملكة يعود لضعف التغطية لأن هذه المناطق غير مأهولة بالسكان"، مشددا على أن البنية التحتية للاتصالات في الأردن من الأفضل والأحدث على مستوى المنطقة، وخصوصا مع تبنيها الكثير من الأجيال الحديثة للاتصالات، على رأسها تقنية "الجيل الخامس" التي حرصت الحكومة على ترخيصها للشركات والمضي في تقديم الخدمة التي ما تزال في طور الانتشار.


ومن المتوقع أن تحدث تقنية "الجيل الخامس" ثورة حقيقية في عالم الاتصالات، مع توفيرها سرعات تحميل وتنزيل أعلى، واتصالات أكثر اتساقا، وقدرة محسنة مقارنة بشبكات الجيل الرابع الشائعة حاليا، وهي المزايا التي تدعم كل مفاهيم وتطبيقات الثورة الصناعية الرابعة في مختلف القطاعات: مثل مفهوم "المدن الذكية"، "إنترنت الأشياء"، "الصحة الالكترونية"، "الذكاء الاصطناعي"، "الواقع الافتراضي" وغيرها من التطبيقات. 


ويؤكد الخبراء أن ما ستوفره التقنية، بقدراتها الهائلة، سيتجاوز بأضعاف ما تقدمه تقنيتا الجيلين الثالث والرابع، والتالي ستشكل إضافة مهمة للبنية التحتية للاتصالات وستخدم القطاعات جميعها، مع تميزها بتوفير سرعات فائقة وغير مسبوقة تزيد بنحو عشرة أضعاف على سرعات الجيل الرابع، وتوفيرها ميزة زمن الاستجابة (Latency) المنخفض جدا، إذ يعرف زمن الاستجابة بأنه (التأخير بين إرسال المعلومات وتلقيها) الذي سيقل ليصبح جزءا من الثانية، فضلا عن أهمية التقنية في سرعة التنزيل والقدرة على تقسيم الشبكة بحسب شرائح وحاجات المستخدمين، فضلا عن القدرة الكبرى على ربط عدد كبير من الأجهزة في الوقت نفسه.


آخر الأرقام الرسمية تظهر أن عدد مستخدمي الإنترنت بكل تقنيات الخدمة اليوم في المملكة يتجاوز 11 مليون مستخدم، أكثر من 7.5 مليون منهم يستخدمون الانترنت المتنقل اللاسلكي بتقنيات الجيل الثالث والرابع والخامس.


وأظهرت آخر البيانات الصادرة عن هيئة الاتصالات، أن خدمات الإنترنت السلكي "الفايبر"، سجلت مع نهاية الربع الثالث من العام الماضي أكثر من نصف مليون اشتراك (قرابة 514 ألف اشتراك).


وأظهر مسح رسمي، مؤخرا، أن 92 % من الأسر الأردنية يتوفر في منازلها خدمات الإنترنت بمختلف تقنياتها مع نهاية العام الماضي.


وبين المسح الذي أنجزته وزارة الاقتصاد الرقمي والريادة، بالتعاون مع دائرة الإحصاءات العامة، أن نسبة الأسر التي يتوافر لديها خدمات الإنترنت في منازلها في الأردن وبمختلف التقنيات قد تجاوزت المعدل العربي في المنطقة والذي يبلغ 62.3 %، والمعدل العالمي الذي يبلغ قرابة 65.7 %.


وأكد الخبير في مجال الاتصالات والتقنية وصفي الصفدي، أن تقنيات الاتصالات الحديثة عريضة النطاق السلكية مثل "الفايبر" و اللاسلكية وخصوصا "الجيل الخامس"، تلعب دورا حاسما في تنفيذ وتحسين الثورة الصناعية؛ حيث من المتوقع أن وجود وانتشار هذه التقنيات يعد عاملا رئيسيا في تمكين قدرات الاتصال ومعالجة البيانات والأتمتة المتقدمة المطلوبة للتنفيذ الناجح وتحسين تطبيقات ومفاهيم الثورة الصناعية عبر مختلف القطاعات الصناعية.


وبين الصفدي أن تقنيات الانترنت عريضة النطاق، وخصوصا الجيل الخامس، توفر ميزة (الاتصال المحسن)، كونها تتيح اتصالا أسرع وأكثر موثوقية مقارنة بالأجيال السابقة من شبكات الهاتف المتنقل.


وقال "يعد هذا النوع من الاتصال عالي السرعة ضروريا لدعم نقل البيانات على نطاق واسع ومتطلبات الاتصال في الوقت الفعلي لتطبيقات الثورة الصناعية".


وأكد الصفدي أن تقنية الجيل الخامس تدعم الزيادة الهائلة في عدد الأجهزة وأجهزة الاستشعار المتصلة التي تشكل العمود الفقري للنظام البيئي لإنترنت الأشياء؛ حيث يتيح ذلك الاتصال السلس وتبادل البيانات بين الآلات والأنظمة والعمليات، مما يسهل الأتمتة والتصنيع الذكي.


وأشار الى أن مزايا الجيل الخامس هي دعم إجراء معالجة البيانات وتحليلها بالقرب من مصدر توليد البيانات، وهذا يقلل من زمن الوصول ويتيح اتخاذ القرارات في الوقت الفعلي، وهو أمر بالغ الأهمية للتطبيقات الحساسة للوقت في بيئات الثورة الصناعية.


وأكد الصفدي أهمية هذه التقنية في دعم العمليات عن بعد، لأنه بفضل النطاق الترددي العالي، يمكن التشغيل عن بعد للآلات والمعدات في البيئات الصناعية، وهذه الإمكانية ذات قيمة خاصة للمهام التي تتطلب تحكما دقيقا ويمكن أن تعزز سلامة العمال من خلال تمكين المراقبة عن بعد والتحكم في العمليات الخطرة.


وبين أن من التقنيات الحديثة التي يدعمها الجيل الخامس؛ الواقع المعزز (AR) والواقع الافتراضي (VR)، إذ تعد سرعات البيانات العالية للجيل الخامس وزمن الوصول المنخفض مثالية لتقديم الواقع الافتراضي والواقع المعزز، لافتا الى أنه في القطاع الصناعي يمكن استخدام هذه التقنيات للتدريب والصيانة والمساعدة عن بعد، وتحسين الإنتاجية وتقليل وقت التوقف عن العمل.


وأكد الصفدي أن نشر وتوفير تقنية الجيل الخامس يسهم في تحسين سلسلة التوريد وتتبع البضائع ومراقبتها في الوقت الفعلي في جميع أنحاء سلسلة التوريد، ما يؤدي إلى تحسين الخدمات اللوجستية وإدارة المخزون، وذلك يمكن أن يؤدي ذلك إلى توفير التكاليف وعمليات أكثر كفاءة للصناعات التي تعتمد على سلاسل التوريد المعقدة.


وقال ممثل قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في غرفة تجارة الأردن م.هيثم الرواجبة "البنية التحتية للاتصالات والانترنت في الأردن مؤهلة بشكل كبير لتطبيق مفاهيم الثورة الصناعية الرابعة، ولكن يجب العمل اليوم بجد لنشر خدمات الجيل الخامس وتحديث شبكاتها باستمرار حتى نزيد من اندماجنا بعصر الثورة الصناعية الرابعة والتحول الرقمي".


وأكد الرواجبة أن تقنية الجيل الخامس سيكون لها أثر إيجابي على تنشيط الاقتصاد الوطني وتعزيز تنافسيته وجلب الاستثمارات وتطبيق كل مفاهيم الثورة الصناعية الرابعة، ومنها انترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي وتحليل البيانات الضخمة والتجارة الالكترونية، وجميعها ستحرك قطاعات اقتصادية متنوعة، ما سيكون له أثر كبير وإيجابي في الاقتصاد بشكل عام.


وقال "شبكات الجيل الخامس توفر سرعة عالية وإمكانية التعامل مع كم هائل من البيانات في وقت أقصر من الأجيال السابقة، وهذا سيسهم في تشكيل وتطبيق الأنظمة الذكية في كل القطاعات الاقتصادية".

 

اقرأ المزيد : 

"حالة البلاد": تحديات عديدة أمام الأردن للانخراط بالثورة الصناعية الرابعة