المنح والمساعدات الأخيرة دفعة قوية لرؤية التحديث الاقتصادي

مدخل مبنى صندوق النقد الدولي في واشنطن -(أرشيفية)
صندوق النقد الدولي

يشكل تمكن الحكومة مؤخرا من حصولها على مجموعة من المنح والمساعدات من قبل بعض الدول الصديقة والشقيقة إضافة إلى توصلها لاتفاق مع صندوق النقد الدولي للحصول على برنامج تمويل جديد،  دفعة مهمة لضمان ترجمة الخطة التنفيذية لرؤية التحديث الاقتصادي على ارض الواقع، وتجاوز التحديات التي قد تواجه تنفيذها، لاسيما تحدي التمويل.

اضافة اعلان


ويتضح ذلك من خلال تخصيص جزء من هذه المنح والمساعدات والاتفاقيات لتمويل المبادرات التي تضمنها البرنامج التنفيذي لرؤية التحديث الاقتصادي 2023 - 2025.


وتعد رؤية التحديث الاقتصادي التي تم إطلاقها العام الماضي كجزء من مســـار التحديث الشـــامل الـذي نادى به جلالة الملك عبدالله الثاني بمساراته الثلاثة: السياسي، والاقتصادي، والإداري، بمثابة خطة عشرية إصلاحية للاقتصاد الوطني تسعى إلى معالجة التحديات والمشكلات المزمنة التي تواجه الاقتصاد الاردني منذ فترة طويلة كتواضع معدلات النمو الاقتصادي، وتفاقم مشكلتي البطالة والفقر.


وكان قد تم على هامش زيارة الملك عبدالله الثاني الأخيرة إلى دولة الامارات العربية المتحدة، تحديد فرص استثمارية بين البلدين بقيمة 6 مليارات دولار تشتمل على مشاريع استثمارية وتنموية من خلال 3 مذكرات رئيسية، حيث تم توقيع مذكرة تفاهم بين صندوق الاستثمار الأردني وشركة أبوظبي التنموية القابضة، وتشمل مشاريع تشغيل الميناء متعدد الأغراض للبضائع بالعقبة، وتطوير محطة تحويل النفايات إلى طاقة، واتفاقية مشروع مشترك مع شركة تطوير العقبة لإنشاء نظام مجتمع الموانئ (PCS) للإشراف على اتصالات الموانئ، واتفاقية مشروع سكة الحديد العابرة للحدود، وتطوير محطة معالجة مياه الصرف الصحي في وادي الزرقاء


كما وتم على هامش زيارة الملك إلى بروكسل اخيرا، ولقائه قيادات من الاتحاد الأوروبي الاعلان عن حزمة مساعدات أوربية للاردن بقيمة 902 مليون يور، حيث إن هذه الحزمة التي سيتم الانتهاء من توقيع الاتفاقيات الخاصة بها في نهاية العام القادم، قد أدرجت بقيمة (105.4) مليون يورو لمشاريع وبرامج تتماشى مع البرنامج التنفيذي لرؤية التحديث الاقتصادي.


وفي الاثناء كان قد أعلن أيضا عن توصل خبراء صندوق النقد الدولي والسلطات الأردنية إلى اتفاق على مستوى الخبراء بشأن برنامج للإصلاحات الاقتصادية والهيكلية، مدعومًا ببرنامج جديد للصندوق الممدد (EFF) مدته أربع سنوات، بقيمة تبلغ حوالي 1.2 مليار دولار.


حيث أن السياسات التي يقوم عليها برنامج تسهيل الصندوق الممدد EFF الجديد مستوحاة من رؤية التحديث الاقتصادي في الأردن. والهدف من ذلك هو تسريع النمو الاقتصادي على المدى المتوسط لمعالجة الارتفاع المستمر في البطالة، مع ضمان استمرار استقرار الاقتصاد الكلي. وستواصل السلطات إعادة بناء هوامش مالية وقائية وتلك الخاصة بالاحتياطيات الاجنبية، وكذلك إنشاء قطاع خاص أكثر ديناميكية قادر على خلق المزيد من فرص العمل


وقال الخبير الاقتصادي مفلح عقل "للغد" إن التمويل الذي خصصته هذه المنح والمعاهدات لدعم برامج رؤية التحديث الاقتصادي من شأنه أن يرفع ويعزز من فرص تنفيذ المبادرات الخاصة برؤية التحديث وضمان تنفيذها في الموعد المحدد، مبينا بأن هذه المنح جزء من الموارد والاحتياجات التي تتطلبها الرؤية.


ويشار إلى ان البرنامج التنفيذي لرؤية التحديث الذي تم وضعه للاعوام 2023-2025 والذي يشكل المرحلة الاولى من تنفيذ هذه الرؤية، قد قدر كلفة تنفيذ هذه المرحلة بنحو 2.297 مليار دينار، إذ سيتم تمويلها بما مقداره 1.734 مليار دينار من خلال الموازنة العامة بواقع 1.205 دينار من خلال موازنة الوزارات والدوائر الحكومية، وما قيمته  529 مليون دينار من خلال موازنة الوحدات الحكومية والتمويل الذاتي، في حين سيتم تمويل باقي البرنامج من خلال المساعدات الخارجية وبما مقداره 563 مليون دينار


وأوضح عقل بأن التمويل والعنصر البشري من أهم التحديات التي كان ينظر إلى أنها ستواجه الرؤية، حيث إن توجيه جزء من المنح والاتفاقيات التي تعقدها الحكومة لمصلحة الرؤية يعطي مؤشر بأن التعامل مع تحدي التمويل، يتم على أحسن وجه، وبأن تنفيذ الرؤية يسير كما هو مخطط له.


ولفت عقل بأن الاضطراب الذي تشهده المنطقة حاليا قد يلقي بظلاله على تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي وتوفير التمويل اللازم لها خاصة مع احتمال إطالة أمد الحرب، ما قد يدفع الحكومة إلى اعادة النظر بتوجيه  بعض النفقات الخاصة  بالموازنة لسد فجوة تقلص الإيرادات المتوقع أن تتراجع نتجة تأثر النشاط السياحي والتجاري بهذه الأزمة.


من جانبه أكد الخبير الاقتصادي حسام عايش أن تحديد جزء من المنح والمساعدات التي حصلت عليها المملكة مؤخرا لرؤية التحديث الاقتصادي، سيساعد في تمهيد الطريق لتنفيذ البنية التحتية اللازمة، التي تضمنها البرنامج التنفيذي المحدد للاعوام 2023-2025.


وأشار عايش إلى أن البرنامج الجديد الذي تم التوصل اليه بين الحكومة الاردنية وصندوق النقد الدولي على مستوى الخبراء، مصمم بشكل واضح من اجل دعم غايتيين هما معدلات النمو الاقتصادي ورؤية التحديث الاقتصادي، مبينا بأن هذا البرنامج يمنح الطمأنينة حول توفير جزء من الموارد والتمويل اللازم لتنفيذ مبادرات وبرامج رؤية التحديث الاقتصادي، إضافة إلى انه يعد بمثابة دعوة مطمئنة لاستقطاب الاستثمارات.


ويرى عايش بأن الحكومة مطالبة من الآن وضع الخطط اللازمة لضمان الحصول على منح مخصصة لرؤية التحديث، إضافة إلى وجوب استعدادها لتوفير النفقات اللازمة لتمويل الاستثمارات والمشاريع التي تستهدفها رؤية التحديث في المراحل اللاحقة، لا سيما في ظل عدم ضمان استمرار تدفق المنح والمساعدات من الدول والمؤسسات المالية. 


إلى ذلك قال الخبير الاقتصادي موسى الساكت "للغد" إن تخصيص جزء من المنح التي يتلقاها الأردن لرؤية التحديث الاقتصادي، يصب في مصلحة تنفيذ الرؤية وتسريع ترجمتها على أرض الواقع، موضحا أن مجموعة المنح والمساعدات التي حصلت عليها الحكومة مؤخرا تصب ايضا في مصلحة تحسين مؤشرات الاقتصاد الوطني لا سيما تعزيز مؤشر النمو الاقتصادي الذي تستهدفه رؤية التحديث الاقتصادي.


وأكد الساكت بأن المنح والمساعدات التي تم توفيرها مؤخرا إضافة إلى توقيع برنامج جديد مع صندوق النقد الدولي سيكون لها دور في دعم الاستقرار الاقتصادي والمالي للمملكة، وتعزيز فرص اجتذاب الاستثمارات ورفع الثقة بالبيئة الاستثمارية في الأردن. 

 

اقرأ المزيد : 

أهمية إبراز عوائد "رؤية التحديث" لضمان توفير التمويل