التشكيلية الناصر: الفن جسر متين يربط الحضارات عبر الأزمنة

1716729464115978800
الفنانة التشكيلية نعمت الناصر-(من المصدر)

تثري الفنانة التشكيلية الأردنية نعمت الناصر، الساحة الفنية، بأعمالها التي تنفذها بعمق وتجديد مستمر، مشكلة بذلك حالة من الوعي ومفهوماً خاصاً عن الفن التشكيلي. أعمالها تعكس عشقاً للون والريشة، مما صنع لها أسلوباً فنياً جميلاً يعتمد على التجديد المستمر على مدى أكثر من أربعة عقود.

اضافة اعلان

 

  وفقاً لرؤيتها حول أهمية الفن التشكيلي، أكدت الفنانة الناصر، أن هذا الفن يعبر عن ارتقاء الذوق العام والمستوى الثقافي لأي بلد. كما أشارت إلى ارتباطه الوثيق بمستوى التعليم وجودته، وتصف هذا الفن بـ"عالمها الجميل"، مشددة على دوره العلاجي المهم للإنسان.


وتتسم أعمال الفنانة الناصر بمواضيع هادفة ورسائل ذات معنى، مما يضفي على لوحاتها حياة بكل مكوناتها ويجعلها مؤثرة على المتلقي. وتستخدم ألواناً مليئة بالتعبيرات والدلالات، وتظهر رؤيتها المدروسة وإتقانها الفني. تعتمد في لوحاتها على اقتباس التفاصيل من الواقع وتحويلها إلى مشاهد بصرية غنية بالتقنيات التشكيلية، مما يعكس شغفها بتمازج الألوان؛ إذ تسعى الناصر إلى إضفاء طابع خاص على الألوان لتحقيق توازن لوني وصفاء في لوحاتها.


لا تغيب عن لوحات الناصر عناصر الإنسان والمكان والطبيعة، حيث توظف التأثيرات البصرية من خلال الأشكال والتصاميم والملامس والتباينات التشكيلية. وتركز في مواضيعها على هموم الإنسان وقضاياه، بما في ذلك معاناة المرأة، كما في معرضها "عشرون عاماً مع فن الغرافيك".


وتتناول أيضاً الظلم في زمن الحروب، مثل الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين والاحتلال الأميركي للعراق، وأثر هذه الأزمات على الأطفال الذين يتحملون أدوار الكبار والسياسيين في مقاومة الاحتلال، وينسون ألعابهم، وفق ما ذكرته في حديثها لـ"الغد".


وترتكز أعمال الناصر على المواد التعبيرية المستقاة من مقومات العمل الفني المليء بالشخصيات والطبيعة والأماكن ذات الأبعاد الرمزية والعلامات اللونية.

 

وتتحكم في هذه الأعمال مجموعة من العوالم التعبيرية. لتصوغ أعمالها في ألوان وأشكال متعددة وفقاً لتصوراتها ورؤاها الفنية، وتحمل عدداً من الدلالات.


وتشكل أعمال الناصر بمفهومها الفكري والإبداعي نسيجاً تعبيرياً من العلاقات الحوارية داخل فضاءات العمل، التي تفصح عن جملة من التداخلات الرمزية والعلامات التي تأتي ضمن آفاق تعبيرية تقدم المادة التشكيلية في نسيج فني ينطق بالعديد من المعاني، وتبث شعورها من خلال أعمالها بطريقة فنية متعددة الرؤى والدلالات، ذات أشكال تعبيرية تشكل أنساق دلالية متلائمة ومنسجمة في اللوحة، والتي أيضاً تخضع لكل التصورات التي يحملها اللون والشكل والتعبير وأسلوب التوظيف.


وتتمسك الناصر بروح البحث، وتريد لتساؤلاتها أن تتسلل إلى قلب الناظر، مستخرجة من ألواح اللينوليوم تناقضات تعبيرية بالأبيض والأسود، لاجئة إلى تحريض طاقة التنظيم الهندسي، فتذهب الأشكال المغمورة بهاجس زخرفي جلي بحسب وصف الناقد والفنان التشكيلي السوري يوسف عبدلكي، مؤكداً أن الناصر تتناول اللدائن الحديثة وما توفره باللعب اللوني ومن طبيعة إلى أخرى، لتتوصل إلى ملامس نافرة شكلت في منتصف القرن الفائت عامل إثارة كبيرا للعديد من الحفارين المرموقين.

 

ويمكن بشيء من التبصر إدراج الانتقالات التقنية والأسلوبية.


ولا تنكر الناصر، الحاصلة على درجة البكالوريوس من كلية الفنون الجميلة- قسم الحفر من جامعة دمشق 1981، اتخاذها هموم الإنسان وقضاياه محورا لأعمالها. لكن تظل المرأة والطفل الأكثر حضورا في لوحاتها، رغم أنها تتجاهل في أحيان كثيرة إظهار جنس أبطالها، سواء أكانوا رجالا أو نساء، حيث تغيب التفاصيل ويبقى الإنسان وحركة الجسد، في حين تحضر الطبيعة كشيء مكمل لأعمالها، مشيرة إلى أن التنوع مرتبط باختلاف المواضيع التي تعبر عنها، فالموضوع نفسه يفرض طريقته في التعبير، ويصيغ أسلوبه في الإنشاء والتقنية والتكوين، ضمن السياقات التي تحفل بها الاتجاهات والأساليب الفنية التي تخص صياغات وتمثيلات فن الجرافيك المعاصر.


وتشدد الناصر، وهي عضو في رابطة التشكيليين الأردنيين، وتُدرس مادة فن الجرافيك (الحفر والطباعة) في معهد الفنون الجميلة التابع لوزارة الثقافة، على ضرورة أن تكون مادة التربية الفنية أساسية وتدرس في المدارس وتخضع للامتحان على أساس النجاح أو الرسوب، كباقي المواد التعليمية في المدارس الحكومية والخاصة، لأهمية الفن عند الشعوب، كونه لغة تعبيرية وناقلا للحضارات الإنسانية على مدى الأزمنة.


ويذكر أن الفنانة الناصر من مواليد العام 1956، وأقامت 17 معرضا شخصيا "محليا ودوليا" منذ العام 1989-2017 في كل من عمان وإربد، وفي الكرك وسمر في لواء بني كنانة أيضا، وبيشيلية- إيطاليا مهرجان البحر المتوسط، وطيبة- أسوان بمصر.
ومثلت الأردن في ملتقيات عديدة مثل: المحرس- تونس، بغداد- العراق، ملتقى الجرافيك الأقصر- مصر،  ومهرجان فنون أسيا في بنغلادش فيينا- النمسا، بالإضافة للمشاركة بملتقيات الفنون في كل أنحاء الأردن، وعملت بتعليم الرسم وفن الجرافيك في كليات المجتمع ومعهد الفنون الجميلة منذ العام 1983-1992، وعملت في تدريس مادة الفن في مدارس وزارة التربية منذ العام 1990-2005، وألفت وحدة تدريبية عن الحفر على اللينوليوم للصف العاشر الأساسي 1992.


وعملت مع فريق وطني لحماية الطفل من الإساءة من خلال الفنون 2003-2005، وعملت مديرة ومدربة في محترف الفنون الجرافيكية الذي كان بالمتحف الوطني للفنون الجميلة في الفترة 2007-2016، وأسست بيت نجم الدين للثقافة والفنون في بيت والدها القديم في إربد 2013؛ حيث أقامت 16 معرضا جماعيا لفنانين عرب وأردنيين وفنانين من إربد، وقامت بتدريس أساسيات الجرافيك في كلية الفنون والتصميم بالجامعة الأردنية 2022.