المواطن الصحفي.. هل أصبح بديلا لمصادر الأخبار بفضاء “العالم الافتراضي”؟

Untitled-1
Untitled-1

تغريد السعايدة

عمان- ما أن يقع حادث مروري، مشاجرة أو حدث عام في الشارع والأماكن العامة، حتى يتسارع الكثيرون لالتقاط الصور ومقاطع الفيديو وبثها مباشرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والتي اصبحت مساحة واسعة لتبادل الأخبار والمعلومات على اختلافها، وهو ما ساهم في خلق شخصية “المواطن الصحفي”.اضافة اعلان
هذا المصطلح أصبح يسود الكثير من الأخبار والأحداث التي تدور حول العالم على اختلاف توجهها، ليكون المواطن الذي يتواجد في الموقع مهما كانت صفته المهنية أو الشخصية، مصدراً لنشر المعلومات، والتي يمكن أن يتم تداولها في الكثير من دول العالم، ليتسارع الكثيرون إلى تقليد صفة “المواطن الصحفي” وكل بحسب موقعة واهتمامه أحياناً.
دعاء مجدي، ربة منزل، ما أن تسمع بخبر لحادث او واقعة عربية او محلية، حتى تبادر إلى مشاهدة صفحة أحد الاشخاص الذين تتابعهم عبر مواقع التواصل الإجتماعي، لاعتقادها أنه أول من ينقل تلك الأخبار بحرفية ومهنية عالية وأحياناً تزويدها بصور ومقاطع فيديو للحدث.
هذا الاندفاع والمتابعة لهذا الشخص، هو لإيمان دعاء أنه “محايد” ويمارس دوره في نقل المعلومة فقط، دون انتمائه لجهة معينة أو مؤسسة إعلامية، كونه “ناشطا على مواقع التواصل الإجتماعي، وهذا ما يكرس مفهوم “المواطن الصحفي” الذي يجد الكثيرون فيه مصدرا موثوقا للمعلومة، وساهم في ظهور “السوشال ميديا”.
في حين يقوم فارس أنس بتصوير لقطات مرّ بها كثيرون بشكل عابر خلال ذهابه وإيابه إلى جامعته، وربما يتطلب منه الأمر الوقوف لدقائق عديدة في سبيل تصوير مشهد يراه “مهماً” في نظرة، ليصار إلى بثه عبر صفحتة الخاصة، ومن ثم يقوم العديد من أصدقائة بمشاركة هذا “المنشور” وازدياد رقعة انتشاره بشكل كبير على مستوى الممكلة أحياناً.
يعتقد فارس أنه لا يجب علينا أن نترك المواقف والأحداث المهمة أو المؤثرة تمر مرور الكرام، بل يجب أن يكون الشخص مؤثر في نقل الأحداث أو تسليط الضوء على بعض الأخطاء والتجاوزات في الأماكن التي يتنقل خلالها، كون التكنولوجيا المتوفرة تساعد على ذلك ومن شأنها أن تؤثر في تغيير أفكار الناس والوصول إلى أحداث قد لا تصل إليها الصحافة التقلدية بسرعة، وهي فرصة لـ “توثيق اللحظة والحدث” دون قيود.
أخصائي علم الاجتماع الدكتور محمد جريبيع يرى أن عدة أسباب ساهمت في ظهور شخصية المواطن الصحفي الذي ينقل كل ما تقع عليه “كاميرته” من أحداث ولقطات، وأبرز تلك الدوافع هو انتشار وسائل التواصل بشكل متاح للجميع.
ويعتقد جريبيع أن وجود اهتمام واضح من قِبل المؤسسات والجهات الرسمية بما يتم بثه عبر تلك المواقع وما يبثه المواطن من معلومات أو مقاطع وصور، جعل المواطن في المقابل يبحث كثيرا عما يقوم ببثه وإيصاله للناس والجهات المسؤولة، كونها تجد إهتمام ومتابعة من شأنها أن تتحول إلى قضية رأي عام في بعض الأحيان، وهو ما يمكن ملاحظته خلال بث حالة فردية عبر السوشال ميديا ووجود ردود مباشرة من المسؤولين.
الكثير من التعريفات تناولتها دراسات بحثية حول مصطلح المواطن الصحفي، والذي يمكن تلخيصها بأنها “الصحافة العامة أو التشاركية، أو الديمقراطية أو صحافة الشارع والصحافة الشعبية، وهو مصطلح يرمز لأعضاء من العامة يلعبون دورا نشيطًا في عملية جمع ونقل وتحليل ونشر الأخبار والمعلومات عبر استخدامات صحافة الإنترنت ووسائلها المتنوعة”، مستغلين بذلك وسائل التواصل الاجتماعي التي لعبت دوراً مهما في نقل المعلومة ونشرها بشكل واسع وسريع.
فيما وصف آخرون مصطلح الصحفي المواطن أو المواطن الصحفي بأنه “بإمكان أي شخص أن يكون صحفيا ينقل رأيه ومشاهداته للعالم أجمع، دون الحاجة لأن يحمل شهادة في الإعلام، أو أن ينتمي لمؤسسة إعلامية لإيصال صوته للعالم”، وهو ما يمكن القول أنه أقرب وصف للحالة التي أصبحت مدار حديث العالم ومدى أحقية أن يكون الإنسان ناقلاً للحدث او الصورة، خاصة وأن كان “حدث خاص”.
الباحثون في هذا المجال، أظهروا أن صحفي المواطن “يمكن القول بأنها بدأت بالظهور منذ العام 2004، وكانت من خلال التقاط الصور من قِبل أشخاص “عاديين” ومن ثم بثها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، كما في حادثة تسونامي، التي كانت لقطاتها المصورة من قِبل المتواجدين في المكان، هي الأكثر واقعية وانتشار بين دول العالم جميعها، إلى الحد الذي استعانت بها وسائل الإعلام لتوثيق اللحظات والبث عبر قنواتها.
“بعض الأشخاص لديهم حس عال من الصدق والمتابعة للأحداث وبطريقة مهنية وبمصطلحات لغوية قوية تحاكي الخطاب الشعبي العام واستطاعوا أن يكونوا راصدين وناقلين للمعلومة ومواطنين صحفيين في ذات الوقت”، هكذا يقول جريبيع، الذي يبين أن الكثير من المواطنين فقدوا الثقة بالخطاب الرسمي.
ويشير جريبيع إلى أن وسائل الإعلام كانت مقتصرة على التلفاز والإذاعة، ويضطر الشخص الجلوس أمامها مباشرة وانتظار المعلومة، في حين الآن يستطيع أن يتعرف على الأحداث في اي مكان ووقت من خلال “المواطن الصحفي”، ولا يضطر لانتظار المعلومات بشكل رسمي، مع وجود زخم كبير في الأحداث المتتابعة على مستوى العالم والحاجة إلى قنوات بث كثيرة ومتعددة لنقل المعلومة فيكون المواطن الذي ينقل بشكل مباشر “بث لايف” والأقدر على كسب الجمهور الذي يصدق ما يراه مباشرةً ويتناقله فيما بعد.
وبحسب العديد من المراصد الإخبارية، فإن ابرز الأحداث التي تم تداولها بواسطة “المواطن الصحفي” خلال السنوات القليلة الماضية كانت “الثورات العربية او ما يسمى بالربيع العربي وما تبعها من أحداث ووقائع ما تزال آثارها إلى هذا اليوم، حيث يتم نقل الثورة التجمعات بالصوت والصورة دون قيود، واصبح المواطن هو من يصنع الحدث ويقوم ببثه عبر فضاء الأخبار، امسى هذا البث مادة إعلامية للقنوات الأخبارية الرسمية.