تفتيش عار وتهديد بالاغتصاب وجروح لن تندمل للأسيرات الفلسطينيات

أرشيفية
أرشيفية
 "بعد اعتقالي من منزلي والتحقيق معي في مستوطنة كرمي تسور، نقلت إلى سجن هشارون، وتعرضت للتفتيش العاري، ثم أدخلوني زنزانة رائحتها نتنة، أرضها ممتلئة بمياه عادمة والفراش مبتل بالمياه المتسخة".اضافة اعلان
هذه شهادة الأسيرة الفلسطينية "س. ع." التي أفرج عنها مؤخرا من سجن الدامون بعد اعتقال لمدة 4 أشهر، ورفضت الإفصاح عن اسمها مثل عشرات الأسيرات اللواتي تم تهديدهن بإعادة اعتقالهن قبل الإفراج عنهن من سجون الاحتلال.
وتقول (خ. ج.) "كنت نائمة أنا وزوجي، وإذ بالجنود يهاجمون البيت ووصلوا غرفة نومنا.. فتحت عيني والبنادق موجهة علينا، تم تفتيشي وتقييد يدي ببلاستيك ونقلي لمستوطنة قريبة، وبعدها لسجن عوفر، حيث تعرضت للضرب وبقيت لساعات بلا أكل أو ماء، وحققوا معي لمدة 10 ساعات متواصلة".
كذلك أفادت أسيرة ثالثة من الداخل الفلسطيني (فلسطينيو 48) في شهادتها "اعتقلت ونقلت لمكتب شرطة إسرائيلية قريب من سكني، حيث تعرضت للتهديد بالقتل والاغتصاب، وشتموني بأقذر الشتائم، وشتموا أمي، وعندما طلبت من المحققة أن توثق تهديدي بالاغتصاب رفضت".
وتضيف "بعدها، تم نقلي لإحدى الغرف، وهناك تعرضت وأسيرة أخرى للتفتيش العاري، ثم وضعت السجانة ملابسنا على باب الحمام، ووجدنا صعوبة في الوصول إليها بوجود سجانين".
وتتابع "بعد يومين، أحضروا 7 معتقلات جدد، ولم تكن هناك مساحة في الغرفة، وكنا ننام متلاصقات، وعندما نطلب أكلا ترد السجانة: ممنوع الأكل، منيح اللي بنعطيكم تناموا".
هذه الشهادات وغيرها، مما بقيت في صدور الأسيرات المفرج عنهن، تعطي صورة عن حال 80 أسيرة فلسطينية في سجون الاحتلال حاليا، اعتقل معظمهن بعد صفقة التبادل الأخيرة التي عقدتها المقاومة الفلسطينية وإسرائيل نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
وتقبع معظم الأسيرات في سجن الدامون، 63 منهن من سكان الضفة الغربية والقدس، و9 من الداخل الفلسطيني، و6 من قطاع غزة. وتواجه 22 من الأسيرات اعتقالا إداريا (بلا لائحة اتهام)، في حين تواجه بقيتهن تهما تتعلق في معظمها "بالتحريض".
وسياسة التنكيل ضد الأسيرات ليست بالجديدة، ولكنها تغيرت من حيث كثافتها وتعرض كل المفرج عنهن لظروف التهديد والتحرش، حسبما تقول الناطقة باسم نادي الأسير الفلسطيني أماني سراحنة.
وتشير سراحنة إلى أن شريحة المعتقلات خلال هذه الفترة مختلفة عن السابق، فهن فاعلات وناشطات وصحفيات وحقوقيات وطالبات وشقيقات وأمهات شهداء وأسرى، مما يدل على أن هذه الاعتقالات تأخذ طابع الانتقام أكثر، وهو ما يتجسد بتوجيه تهمة "التحريض على دولة الاحتلال" لهن، وتحويل 22 منهن للاعتقال الإداري من دون تهم.
ومن سياسات التنكيل الأخيرة بعد اندلاع الحرب على غزة وبدء حملات انتقام من الأسرى عامة، تعززت سياسة العزل الجماعي وتجريد الأسيرات من الحقوق كافة، التي كن يتمتعن بها قبل السابع من تشرين الأول (أكتوبر) 2023، إذ عزلن بالكامل عن العالم الخارجي، ولا يسمح لهن بلقاء المحامين إلا لدقائق وفي أوقات متفاوتة.
إلى جانب ذلك، هناك شح في الملابس والأغطية، حيث تتشارك الأسيرات الملابس المتوفرة في ظل عدم السماح لعائلاتهن بإدخالها، وحرمانهن من الاحتياجات الأساسية للنساء.
كما مارست سلطات الاحتلال على الأسيرات سياسة التجويع مثل باقي الأسرى، والحرمان من العلاج، خاصة ضد الأسيرات المصابات بأمراض مزمنة وخطرة.
ومعظم الأسيرات اللواتي تم الإفراج عنهن اعتقلن رهائن للضغط على أفراد من عائلاتهن لتسليم أنفسهم، كما في حالة ثروت نواجعة (17 عاما) من مدينة الخليل التي اعتقلت في الخامس من الشهر الحالي، وتم الإفراج عنها بعد أسبوع من اعتقالها.
وتقول نواجعة "اعتقلوني للضغط على أخي لتسليم نفسه، بقيت أسبوعا في زنزانة وحيدة، لم يكن يقدم لي الطعام الكافي، بالإضافة إلى التهديدات والشتائم التي تعرضت لها". وأفرج عنها بكفالة مالية ومن دون أن يسلم شقيقها نفسه.
ولكن الأصعب بالنسبة للأسيرات كما تقول أماني سراحنة هو عمليات التهديد الممنهجة سواء قبل اعتقالهن أو بعده، وتحديدا التهديد بالاغتصاب. وتابعت "وثقنا حالات عديدة تعرضت للتحرش الجنسي والتفتيش العاري وخاصة في معبر هشارون، الذي توجد فيه الأسيرة قبل نقلها لسجن الدامون، وهذه الحالات لا تتعلق فقط بأسيرات غزة".
الكاتبة لمى خاطر من الأسيرات اللواتي تعرضن للتفتيش العاري والتهديد خلال اعتقالها الأخير نهاية تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، حيث اعتقلت من منزلها في مدينة الخليل وتعرضت للتفتيش داخله من دون أن يسمح لها باستبدال ملابسها، وتركت ممددة داخل ناقلة الجنود معصبة العينين ومكبلة.
نقلت لمى بعد ساعات لسجن عوفر، وهناك تم التحقيق معها من دون فك يديها أو العصبة عن عينيها، وقالت "خلال التحقيق تعرضت لتهديدات صريحة بالاغتصاب، قال لي: هنا يوجد 20 جنديا سيقومون باغتصابك الآن أنت وابنتك".
وفي المحطة الثالثة في معبر هشارون، تعرضت مرة أخرى للتفتيش العاري، وتهديدات بالإبعاد والقتل، وحجزها لمدة 4 أيام مع 5 أسيرات أخريات في زنزانة لا تتسع إلا لشخص واحد، من دون أدنى خصوصية، حيث كان المرحاض مقابل نافذة الباب.
وخلال حديثها تقارن خاطر بين اعتقالها السابق قبل 5 سنوات والاعتقال الحالي، قائلة "هناك فرق شاسع في الانتهاكات التي يمارسها الاحتلال بحق الأسيرات منذ لحظة الاعتقال وحتى لحظة الإفراج".
وأفرج عن خاطر ضمن صفقة التبادل التي حررت الأسيرات بموجبها نهاية تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، وعلى الرغم من قصر فترة الاعتقال إلا أن هذه التجربة تركت في نفسها ما لم تستطع تجاوزه بعد 5 أشهر.-(وكالات)