هل عادت مباحثات التهدئة في غزة للمربع الأول؟

جانب من تسليم حركة حماس المحتجزين إلى الصليب الأحمر.-(وكالات)
جانب من تسليم حركة حماس المحتجزين إلى الصليب الأحمر.-(وكالات)

بدأت جولة جديدة، بالقاهرة أمس، حول مفاوضات التهدئة في قطاع غزة، بعدما غادر وزير الخارجية الأميركي، "أنتوني بلينكين"، المنطقة، بدون تحقيق انفراجة فيها، بسبب رفض الاحتلال لرد المقاومة الفلسطينية على اتفاق "إطار باريس"، وتهديده باجتياح رفح ومواصلة القتال، مما يجعل مباحثات "صفقة" تبادل الأسرى تعود لمربعها الأول.

اضافة اعلان


أما وعود واشنطن، التي أطلقها "بلينكين" للجانبين الفلسطيني والإسرائيلي قبيل مغادرته الشرق الأوسط، بالاعتراف بدولة فلسطينية قبل نهاية العام الحالي، مع ضمانات أمنية للكيان المُحتل، فإنها لم تكن بالنسبة للفلسطينيين سوى "مناورة انتخابية"، لتخفيف غضب الداخل الأميركي من دعم البيت الأبيض، المالي والعسكري، المفتوح لعدوان الاحتلال ضد قطاع غزة.


ولم تؤثر الانقسامات الأميركية والإسرائيلية العلنية بشأن التهدئة في موقف رئيس حكومة الحرب، "بنيامين نتنياهو"، منها، فما يزال الأخير يصر على استمرار عدوانه ضد غزة حتى تحقيق ما يزعمه "بالنصر"، باعتباره الوسيلة الوحيدة التي تبقيه في سدة الحكم بعيداً عن احتمالات زجه بالحبس، ولكنه يحرص في نفس الوقت على جعل الباب موارباً أمام المحادثات غير المباشرة مع حركة "حماس".


وتستضيف القاهرة جولة جديدة من المفاوضات، برعاية مصرية – قطرية، من أجل التهدئة في قطاع غزة والحديث عن "صفقة" تبادل الأسرى، حيث أعلنت حركة "حماس" أن وفداً برئاسة نائب رئيس الحركة في غزة، خليل الحية، وصل للقاهرة بهدف استكمال المحادثات المتعلقة بوقف إطلاق النار.


وبالتزامن أيضاً، يصل وفد قطري إلى مصر للشروع في مباحثات "مطولة ومعمقة" من أجل تقريب وجهات النظر بين ما طلبته "حماس" في ردها على "الاتفاق الإطاري"، الذي تم التوصل إليه في باريس، وما يريده الجانب الصهيوني، بعدما شهدت مساحات التوافق بين الطرفين اتساعاً كبيراً وفجوة عميقة خلال الساعات الماضية، بسبب تعنت الاحتلال.


وقال القيادي في حركة "حماس" أسامة حمدان، إن حكومة الحرب، ورئيس وزرائها "نتنياهو"، يسعون بكل الطرق إلى مواصلة "تضليل الرأي العام الصهيوني، وإطالة أمد العدوان، رغم ما يتلقاه جيشهم المهزوم من خسائر في الأرواح والمعدات".


يأتي ذلك بعدما قدمت حركة "حماس" خطة لوقف إطلاق النار الشامل والكامل في قطاع غزة، تتضمن إطلاق سراح جميع الأسرى وانسحاب قوات الاحتلال من جميع مناطق القطاع والتوصل لاتفاق لإنهاء الحرب، على مدار 3 مراحل مدة كل منها 45 يوماً.


وجاء مقترح الحركة، رداً على اقتراح نقله الأسبوع الماضي وسطاء قطريون ومصريون، في إطار أهم مسعى دبلوماسي حتى الآن بهدف التوصل إلى هدنة طويلة، الذي قوبل بالترحيب والارتياح في قطاع غزة، غير أن "نتنياهو" أكد أنه لن يسحب قواته من غزة حتى يتم القضاء على "حماس"، وفق مزاعمه.


وكان "بلينكين" قال، في تصريح له قبيل مغادرته المنطقة، إن رد "حماس" على مقترح التهدئة يمهد للتوصل إلى اتفاق، معتبراً أن "هناك أمورا لا يمكن قبولها في رد "حماس"، لكننا نجد فرصة في الرد من أجل المضي بالمفاوضات"، وفق قوله.


أما الحديث الأميركي الغربي عن الدولة الفلسطينية، وفق الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي، "لا قيمة له، ما لم يكن مترافقاً مع الدعوة لإنهاء كامل للاحتلال ووقف فوري للعدوان على غزة، وإزالة كاملة للاستيطان، وإيضاح حدود الدولة لتشمل جميع الأراضي المحتلة وتكون لها سيادة كاملة وسيطرة على حدودها وأرضها وأجوائها".


وأضاف البرغوثي، في تصريح له، أنه بغير ذلك يكون الحديث عن الدولة مجرد ملهاة جديدة لإضعاف الفلسطينيين ومنح الاحتلال المزيد من الوقت لاستكمال مخطط الضم والتهويد، كما جرى على مدار السنوات اللاحقة باتفاق "أوسلو".


وفي الأثناء؛ يواصل الاحتلال عدوانه ضد قطاع غزة، بقصف جوي كثيف وعودة لحصار المستشفيات، وارتكاب 16 مجزرة وحشية جديدة بحق العائلات الفلسطينية، أدت لارتقاء 123 شهيداً و169 جريحاً، خلال الـ24 ساعة الماضية، بما يرفع حصيلة عدوانه إلى 27 ألفاً و708 شهداء و67 ألفاً و147 مصاباً، معظمهم من الأطفال والنساء، فضلاً عن الدمار الهائل والكارثة الإنسانية غير المسبوقة.


وزادت دبابات الاحتلال من حصارها لمشافي قطاع غزة والاعتداء على العاملين في القطاع الصحي، وسط إطلاق نار بشكل مباشر على مبانيها، أسوة باستهداف "مشفى الأمل" ومحاصرة "مشفى ناصر"، في خان يونس جنوباً، وقصف المنطقة الواقعة ما بين "مشفى المعمداني" و"مشفى الشفاء"، في مدينة غزة، مما أدى لارتقاء المزيد من الضحايا المدنيين.


يتزامن ذلك مع استمرار القصف العنيف على مدينة رفح لليوم الثالث على التوالي، وقيام طائرات الاحتلال الحربية بتنفيذ أحزمة نارية عنيفة في المناطق الواقعة بين خان يونس ورفح، وذلك بعد تدمير الاحتلال مربعات سكنية كاملة.


في حين يواصل الاحتلال تصعيده الخطير في الضفة الغربية، حيث أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية عن استشهاد الشاب الفلسطيني محمد خليل البرغوثي، أمس، متأثراً بإصابته برصاص قوات الاحتلال قبل أسبوعين خلال اقتحامها بلدة كفر عين، شمال غرب رام الله.


كما استشهد القيادي بكتائب "شهداء الأقصى" الجناح العسكري لحركة "فتح"، معتصم العلي، مع اثنين من رفاقه، في مخيم "نور شمس" شرق طولكرم، شمال الضفة الغربية.


وأفادت الأنباء الفلسطينية أن "الشهداء الثلاثة خاضوا معركة ضارية مع قوات الاحتلال بعد حصار المنزل الذي تحصنوا فيه حيث قصف الاحتلال المنزل بالقذائف أكثر من مرة"، وذلك في إطار تصعيد الاحتلال في الضفة الغربية، والمتزامن مع عدوانه الهمجي ضد قطاع غزة.

 

اقرأ المزيد : 

مقترح التهدئة في غزة.. هذا ما شمله رد حماس (تفاصيل)