أسئلة حول المدينة الجديدة

أثرى نقاش لصحيفة الغد حول فكرة "عمان الجديدة" مع المهندس أنس العزايزة الذي كان له السبق في تقديم مقترح متكامل معلوماتي الشخصية حول المشروع، لا بل إن النقاش يمنحنا فرصة مقاربة الفكرة من زوايا جديدة ومختلفة.اضافة اعلان
التصريحات الرسمية بشأن المشروع كانت تأتينا بالقطارة، وتحت ضغط السؤال العام في الأوساط الأردنية اضطرت الحكومة لتقديم مزيد من التفاصيل وتصويب بعض المفاهيم لتأكيد جديتها وصدقيتها وسط حملة لم تتوقف من التشكيك والسخرية.
"عمان الجديدة" وفق آخر ما حُرّر من تصريحات ليست عاصمة جديدة للمملكة كما فهم الناس في البداية، وستقوم على أراض للخزينة وتحيط بها أراض أميرية أيضا. المشروع سينفذ على خمس مراحل ويمتد لنحو ثلاثين عاما حتى يكتمل.
البداية مجمعات حكومية ومن ثم مؤسسات خدمية وأحياء سكنية، وكل ذلك بالشراكة مع القطاع الخاص الذي ينفّذ حاليا مشاريع بهذه الصيغة تصل قيمتها نحو 200 مليون دينار.
قبل أن نمضي في تصنيع المولود الجديد لماذا نصرّ على منحه نفس اسم العاصمة عمان؟ ما الذي يمنع إطلاق اسم جديد على المدينة الموعودة ونفكّ الاشتباك نهائيا مع عمان، ونخرج من طابق العاصمة الجديدة كليا؟
المقترح الأول الذي قدمه المهندس العزايزة وفريق من المهتمين لم يشرْ مباشرة للمدينة الجديدة كعاصمة، لكنه أوجد ربطا لها مع عمان ومحافظات أخرى تلتقي على حدودها كالكرك.
وحسب المعلومات الأخيرة يتولى مكتب هندسي مرموق حاليا وضع المخططات الهندسية للمشروع الجديد. لكنّ السؤال، ألا يحتاج مشروع بهذه الضخامة والأهمية الاستراتيجية لدراسة جدوى معمقة من طرف مؤسسة عالمية لها خبرة ودراية في تأسيس المدن، قبل أن نشرع في التخطيط والتنفيذ؟
ثمة من يعتقد أن عمان التي تمددت ونشأت حولها ضواحٍ كبرى قد تشكل أساسا لولادة مدن صغيرة مترامية الأطراف تجاوزت حدودها المرسومة.
قبل إعداد المخططات ينبغي أن نضع تصورا لحركة السكان المحتملة نحو المدينة الجديدة ومصادر هذه الحركة. ثم لماذا نفكر بمجمع دوائر حكومية بعيد عن قلب العاصمة إذا كنا في الأساس نعمل من أجل حكومة إلكترونية لا حاجة بعدها لمراجعة الدوائر الرسمية ولا للمعاملات الورقية.
في اعتقادي ان دراسة جدوى مبكرة ربما تساعدنا على تشخيص هوية المدينة المطلوبة وخصائصها. هل نريدها نسخة كربونية عن عمان والمدن القائمة حاليا، أم مدينة بهوية اقتصادية خاصة تجذب فئات محددة من المواطنين؟
الضواحي المحيطة بعمان وكل مدينة أردنية تحمل نفس سمات المركز، ومع مرور الوقت والتطور العشوائي لهذه الضواحي تتلاشى هوية المدن تقريبا. ما أخشاه أننا بصدد التخطيط لمدينة بلا هوية تتحول إلى عبء خدماتي على الدولة بدل أن تشكل قيمة مضافة للاقتصاد الوطني والبنية الاجتماعية.
يتبين من السجال" المندلع" أننا استسهلنا الفكرة في البداية، وإذا هي مشروع عملاق نعجز عن احتوائه.