أهكذا يُكافح الإرهاب!

الحديث عن نظرية القضاء على الإرهاب في العراق ينبغي أن يتناول طرفي المعادلة، وهما الطرف غير الرسمي المتمثل بـ"داعش"، والطرف الرسمي المتمثل بالقوات الحكومية ومليشيات الحشد الشعبي.اضافة اعلان
اليوم هنالك تفاعل واضح مع نقل أخبار وانتهاكات "داعش" في الإعلام، ومقابل ذلك تماماً هنالك تغطية ودفاع، بل ودعم ديني وسياسي للجرائم التي ترتكبها القوات المهاجمة في الموصل بحجة القضاء على إرهاب "داعش".
منذ سبعة أشهر تقريباً والمعارك تزداد ضَراوة في مدينة الموصل التي كانت تسمى يوماً ما "أم الربيعين"، وأظنها اليوم تستحق – وبجدارة- لقب "أم القتل والدمار".
معارك السيطرة على الموصل رافقتها انتهاكات علنية لحقوق الإنسان، وإعدامات ميدانية للأطفال والشباب، وانتهاكات صارخة للأعراض، وسرقات في وضح النهار للمنازل والممتلكات.
وقبل أسبوعين تقريباً نشر الصحفي "علي أركادي" مراسل مجلة دير شبيغل الألمانية في العراق، تقريراً وثَّقَ فيه جملة من الانتهاكات التي رافقت معارك الموصل، ووصف القوات العراقية بالوحوش. وذكر "أركادي" حالات متنوعة للانتهاكات التي لا يمكن أن تقوم بها "قوات وطنية".
وهنا سنحاول دراسة التقرير، والاستشهاد بنصوصه لتأكيد النتائج:
- التقرير عبارة عن سلسلة من الانتهاكات التي بدأت في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي وانتهت قبل شهر تقريباً، وهذا يعني أنها أفعال مَدْرُوسة وليست فردية. وأولى الجرائم وقعت يوم 22 تشرين الأول (أكتوبر) 2016، حيث "اعتقلت قوات الرد السريع شابين بقاعدة القيارة جنوب الموصل، وعذبتهما لعدة أيام ومن ثم أعدمتهما"!
- القوات الأميركية كانت على علم بالانتهاكات، وكانت" تتابع عمليات المداهمة عبر الطائرات المسيرة"!
- القيادة الميدانية كانت على اطلاع بالجرائم، بدليل حينما داهموا منزل فتحي أحمد صالح، وسحبوه من غرفة النوم من جوار زوجته وأطفاله الثلاثة، دخل أحد العناصر ويدعى "حيدر علي" إلى الغرفة، وقال إنه سيغتصب المرأة، وأنا رافقت البقية لأرى ماذا سيفعلون بزوجها، وبعد خمس دقائق شاهدت "حيدر علي" أمام الباب المفتوح وفي الداخل المرأة وهي تبكي، فسأله النقيب عمر نزار: ماذا فعلت؟ فأجاب حيدر: (حَظِّيت بيومها)"!
- القتل بجريرة الغير: في يوم 22 تشرين الثاني (نوفمبر) 2016 "اعتقلوا شاباً يدعى رشيد، وكان بريئاً، بشهادة عناصر استخبارات الجيش، لكن ذنبه أن شقيقه الأكبر التحق بـ"داعش". توفي رشيد بعد ثلاثة أيام من التعذيب ورأيت جثته في مقر الاستخبارات"!
- بعض عناصر الشرطة الاتحادية والتدخل السريع المشاركين في "التحرير" لم يكونوا يتسابقون من اجل التقدم في المعركة، وإنما كانوا يتنافسون على اغتصاب امرأة جميلة: "كان هناك نوع من المنافسة بين الشرطة الاتحادية وقوات الرد السريع، عندما قال عناصر الشرطة الاتحادية إنهم وجدوا امرأة حَسنة المظهر في أحد المنازل واغتصبوها، قال عناصر الرد السريع إنهم يريدون الذهاب إلى ذلك المكان مرة أخرى"!
- الوحشية طاغية في مجمل تلك الانتهاكات: "قوات الرد السريع اعتقلت العديد من الأشخاص من حمام العليل؛ من بينهم أب وابنه البالغ من العمر 16 عاماً، واقتيدوا لمقر العمليات. الأب مهدي محمود تم تعليقه من يديه خلف رأسه وهو معصوب العينين، وضربوه على ظهره، وكان ابنه في الغرفة المجاورة، ويسمع صرخات أبيه، بعدها ضربوا الابن أمام أبيه ثم قتلوه"!
- التَلَذُّذ بالقتل بدليل أنهم يطلبون من الصحفي المشاركة في التعذيب: " كان النقيب وأحد الجنود يضربان المعتقلين طلبا مني أن أشاركهما في ضرب المعتقلين".
- القوات التي نفذت هذه الانتهاكات الشرطة الاتحادية وقوات النخبة تعد في نظر الحكومة من أكثر القوات العراقية انضباطاً! فكيف ستكون انتهاكات بقية القوات إذا كان هذا حال القوات المنضبطة؟!
- وأخيراً: الصحفي "أركادي" غيَّر رأيه بعد معايشته للواقع عن قرب، وأطلق وصف "الوحوش" بدلاً من وصف "الأبطال" الذي كان ينوي إطلاقه على "الجنود العراقيين وعناصر ميليشيات الحشد"!
- الصحفي اضطر لكتابة التقرير وهو خارج العراق، وهذا يؤكد أن قضية الديمقراطية، أو حرية في الإعلام هي مجرد دعاية سياسية!
هذه بعض الحقيقة من صور الإرهاب الرسمي في الموصل. فهل يُكافح الإرهاب بالظلم وانتهاك الحرمات، أم بالقوة المنضبطة والرحمة والتسامي على التطرف الطائفي والسياسي؟!