التجربة الإماراتية

الشعور بالغيرة يأتي على نوعين: مدمر ومحفز، والتجربة الإماراتية نموذج محفز يستحق التوقف والتمعن والبحث في قطاعات عدة على رأسها الإعلام الإماراتي الذي يعمل كله باتجاه واحد ليؤجج المشاعر بالعمل، عدا عن الموقف الإعلامي البارز الذي لا يهادن تجاه القضية الفلسطينية والعلاقة مع العدو المحتل، رؤية واحدة في اتجاهين هي مسؤولية كل العاملين في الإعلام هناك، بث روح التفاؤل الداخلية في كل مناحي الحياة الاقتصادية والسياسية والإنسانية، ومقارعة العدو المحتل في كل سكنة أو تحرك أو مواقف يحاول من خلالها التملص من التزاماته عن طريق "الألعاب البهلوانية" التي يقوم بها.

أغار بشدة وأنا أرى تنظيم المرور في شوارع الإمارات العربية المتحدة من دون رؤية شرطة المرور يتكدسون هنا وهناك.

أشعر بالغيرة من تعامل الإماراتيين مع كل من يحصل على جنسية إماراتية أو إقامة أو زيارة، ولدي عدة أصدقاء ممن حصلوا على الجنسية الإماراتية يتمتعون بكافة الامتيازات، ليس هناك من يعكر صفو مواطنتهم أو يحاول تشويه انتمائهم بربطه مع أصولهم ومنابتهم، لذلك تراهم أكثر إقبالا، وينطبق ذلك على الوافدين الحاصلين على إقامات دائمة، فلا تختلف حقوقهم عن حقوق المواطن الإماراتي، وكلهم ضمن حدود القانون في سلة واحدة، لا شك أن هناك امتيازات خاصة لمن يحمل الجنسية الإماراتية.

يعجبني الهيكل التنظيمي للأنشطة الحكومية وشبه الحكومية، فتشعر دائما أنه من السهل جدا الاتصال مع رئيس الوزراء بالقنوات الرسمية البسيطة، كل القنوات مفتوحة، وأهمها قنوات الإبداع والإنجاز، نظام المكافآت والحوافز والتحفيزهو اكثر الأنظمة شيوعاً، فتجد أنك دائما في حالة من السباق غير المنقطع للإنجاز، الطريق مفتوح والهدف على بعد نقطة واحدة، إذا سجلتها، ونظرت حولك فتجد أن الجميع قد سجلوا نقاطهم أيضاً، فتبادر ويبادرون، وتركض ويركضون، فتجد العزيمة في حالة حركة دائمة، لا يمكن أن تتوقف أبدا.

يلفت انتباه الجميع أن نظام الواسطات والمحسوبيات لا يعمل في الإمارات، ومهما بلغت علاقتك مع مسؤول، فإنه يحجم عن التدخل لصالحك، ولو على سبيل اختصار الوقت، وقد حكى لي صديق أن قاضيا إماراتيا عريقا قد تم استدعاؤه بشأن تحقيق مروري بسيط، ولم يتدخل أحد، وسارت الإجراءات بسلاسة وهدوء واحترام، وعاد إلى عمله من دون ان يجن جنونه، فالنظام هناك، متفوق وصارم، الحقوق محفوظة، الواسطات منطقة محرمة، الفساد تحت رقابة صارمة وشديدة.

الحكومة الإلكترونية وإنجاز أكثرمن 65 % من المعاملات إلكترونياً هو أكثر ما يثير إعجابي، وحقاً نبارك لهم هذا التفوق التكنولوجي. وكلمة الحق أن لدينا كفاءات أردنية تميزت عالميا في هذا المجال، وهم مجموعات كبيرة من الشباب "العباقرة" في شؤون الإنترنت والشبكة العنكبوتية والبرمجة والتحليل وغيرها، ولديهم قدرات حقيقية داخل الأردن، لكن أحداً لا يلتفت إليهم. قد يقول قائل: "الظروف الاقتصادية بيننا وبينهم مختلفة". صحيح ولكن تميز الشرائح النموذجية التي تم عرضها لا يحتاج إلى القدرات المالية والموارد غير البشرية، فكم هي تكلفة ضبط السلوك في المراجعات للدوائر الرسمية وغيرها، وكم يكلفنا الإلتزام بأنظمة السير على الطرقات واحترام الآخرين؟ وما هي تكلفة تحكيم الضمير والأمانة في مقدرات الأمة؟

اضافة اعلان

أيها الإماراتيون، هي مجرد دعوة تحفيز لنا، ولمن يطلبون إلى المجد سلماً، وإذا ما قيل إنها "الغيرة والحسد" فقط، فالحسد الجائز هو الغبطة والغيرة هي أيضا أكبر علامات الحب.

[email protected]