انضمام الأردن لدول مجلس التعاون والحاجة إلى تصحيح المفاهيم

في اجتماع وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي، الذي انعقد في جدة الثلاثاء الماضي، جرى بحث موضوع طلب الاردن الانضمام الى المجلس، وفقا لقرار القمة الخليجية التشاورية في منتصف شهر أيار (مايو) الماضي، التي رحبت بالطلب الأردني.

اضافة اعلان

وما لم يشر اليه ولم يعطه الاهتمام الاعلام الخليجي، وبالتالي الاردني والعربي، هو ماطرح خلال الاجتماع من اقتراح باعادة النظر في هيكلة مجلس التعاون الخليجي ونظامه الاساسي " لتتواكب مع تطورات المنطقة بعد ثلاثين عاما من تأسيس المجلس وإقرار نظامه الاساسي"، وفق ماذكر رئيس الاجتماع وزير خارجية الامارات الشيخ عبد الله بن زايد.
وهذا يعني أن مسألة قبول انضمام الاردن للمجلس الخليجي تتطلب اعادة النظر بالنظام الاساسي للمجلس والعمل على إعادة هيكلته وهيكلة الامانة العامة بشكل يسمح بانضمام دول أخرى لعضوية المجلس المغلقة على دوله الست التي تتشابه بأنظمتها السياسية واوضاعها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. ونذكر ان مسألة اعادة الهيكلة واعادة النظر بالنظام الاساسي للمجلس لم تطرح حين بحث موضوع انضمام اليمن الذي لم ينضم حتى الان رغم مرور نحو ثماني سنوات على بدء التفاوض معه للانضمام وتأهيله لذلك بالدخول في بعض المنظمات الخليجية غير التابعة لمجلس التعاون.           
وزراء خارجية دول الخليج الست اتفقوا على احالة امر اعادة هيكلة مجلس التعاون وتطوير نظامه الاساسي الى الامانة العامة للمجلس التي ستشكل لجنه لاعداد دراسة حول الموضوع سيبحثها الوزراء خلال اجتماعاتهم المقبلة ومن ثم يطرح على الاجتماع القادم للقمة الخليجية التي ستعقد في ابو ظبي قبل نهاية العام الجاري.
وكل ما نأمله ويأمله الاردن بالفعل هو أن يتفق الوزراء الخليجيون على الدراسة التي ستعد حول سبل اعادة هيكلة المجلس خلال اجتماعين عاديين المقرر ان يعقدا من الان حتى نهاية العام، لانه متى ما اتفق عليها، تبقى جاهزة لرفعها لقادة دولهم في قمتهم بعد نحو ستة اشهر.
وكل ما نأمله ان يكون قرار الترحيب "بطلب" الاردن للانضمام الى النادي الخليجي قرارا استراتيجيا وليس قرارا مؤقتا فرضته متغيرات الاحداث في المنطقة، وأولها التوقع بخروج مصر من المعادلة الخليجية لاسباب عديدة، وثانيها تزايد القلق الخليجي من سعي ايران لفرض هيمنتها ووصايتها على المنطقة، وثالثها دعم الاردن اقتصايا لتحقيق اصلاحات اقتصادية تبعد عنه مخاطر الاضطرابات التي تضرب بدول الجوار.
ولاشك ان العلاقات الشخصية المميزة التي عقدها جلالة الملك مع قادة الدول الخليجية كان لها دور كبير ايضا في اقتناع القادة وزيادة ثقتهم بان لهم مصلحة بضم الاردن.
ويحتاج الامر الى  تحرك  ديبلوماسي  وسياسي اردني نشط  تجاه الدول الست وان يسعى وزير الخارجية الى زيارة العواصم الخليجية ولقاء نظرائه الخليجيين بدون اشعارهم بان هناك استعجالا والحاحا اردنيا للانضمام، بقدر ما هو اشعارهم بوحدة المصالح السياسية بين الاردن وبينهم. ويحتاج الامر ايضا الى تنشيط دور السفراء الاردنيين في مجال العمل على اقامة علاقات اقوى مع القوى الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الخليجية، خصوصا ان هناك تيارات خليجية تتخوف من انضمام الاردن لمجلس التعاون، وهذه يعلو صوتها من منطق "شوفيني"  ضد دخول الاردن، رغم وجود اتفاق بين  قادة دولهم. وليس صحيحا ان احدا من هؤلاء القادة تحفظ على انضمام الاردن (لأن النظام الاساسي لمجلس التعاون يتطلب ان يكون هناك اجماع على اي قرار يصدر عن المجلس)، وما يشاع عن تحفظ الكويت وقطر على قرار الترحيب بدخول الاردن هي تكهنات يروج لها من يعارضون القرار.
وفي السعودية بدا من ردود الفعل الاولية لمن أبدوا معارضة أنهم يخافون من منافسة العمالة الاردنية، وهي عمالة مؤهلة وذات خبرة، في سوق العمل والتوظيف السعودي.
وبرأينا أن ما بدا في الاردن من استعجال على موضوع انضمام الاردن لا يخدم الموضوع.
ونحن نشير الى أن هذه الظواهر والمؤشرات ليست بهدف التخفيف من موضوع الانضمام الاردني، بل إن طرحها من اجل ان تعمل الجهات المعنية بهذا الموضوع واولها وزارة الخارجية على وضع تصور اردني واضح لتحرك ديبلوماسي وسياسي ناجح يحقق اهداف الاردن وتطلعاته.
واهم شيء  ـ برأينا ـ هو أن يعمل الاردن على إقامة وتعميق العلاقة مع القوى الاجتماعية والثقافية  والاعلامية الخليجية من خلال الترويج لمفهوم  ان للخليج مصلحة ايضا بانضمام الاردن اليه.
وحبذا لو استعانت الجهات الرسمية الاردنية برأي بعض أهل الرأي من الأردنيين الذين يعيشون في الدول الخليجية منذ سنوات طويلة.