جدال أم تفاوض؟

في مسألة قانون الانتخاب، تتجه لجنة الحوار والحكومة إلى النظام الانتخابي المختلط على أساس القائمة النسبية، وهي بوضوح شديد تعني صوتين لكل ناخب؛ صوتا يعطيه لمرشحه على مستوى المحافظة التي يحق له الانتخاب فيها (شخصيات مستقلة)، وصوتا يعطيه لقائمة انتخابية على مستوى الوطن (أحزاب، كتل، تجمعات) ممن لديهم برنامج انتخابي واحد. اضافة اعلان
والجدال أو التفاوض يجري حاليا على النسبة التي تحدد "عدد المقاعد البرلمانية" لكل مجموعة على حدة، أي كم سيكون عدد المقاعد التي ستُحجز للمجموعة "الأولى" وهم المرشحون المستقلون الذين حصلوا على أكبر عدد أصوات على مستوى المحافظة، وكم سيكون عدد المقاعد البرلمانية للمجموعة "الثانية" التي لديها قائمة انتخابية برامجية؟
تبرز رغبة تقودها قوى عديدة، تنادي بأن نسبة مقاعد القائمة الانتخابية البرامجية "الثانية" يجب أن لا تتجاوز 12 %، أي حوالي 14 مقعدا فقط، وهي رغبة تقتضي أن يبقى عدد مقاعد مجلس النواب 120 مقعدا، أو 16 مقعدا في حال أقرّت زيادة عدد المقاعد البرلمانية إلى 130 مقعدا. وحيث إن الشارع الأردني يطالب بأكثر من ذلك بكثير، لكنه يبقى أقل أيضاً مما يطالب به حزب جبهة العمل الإسلامي مثلا الذي سبق أن اقترح تخصيص 50 % من المقاعد البرلمانية للمرشحين المستقلين على مستوى المحافظات "المجموعة الأولى" و50 % من مقاعد المجلس للقائمة الانتخابية "المجموعة الثانية"، فإذا كان هذا جدالا فلن نصل إلى شيء، وسنعود إلى المربع الأول بلا شك، أما إذا كان تفاوضا فإن النسبة التي قد ترضي جميع الأطراف هي 70 % "للمجموعة الأولى" – 30 % "للمجموعة الثانية"، وأن تكون المسميات بهذا الوضوح من دون استخدام اختصارات كقائمة وطنية وغير وطنية، والتي تشتت تركيز المتابع والمهتم والمواطن البسيط الغلبان، حتى يصل إلى مرحلة يقول فيها: "يا عمي إحنا بدنا نوكل خبز".
في القضايا الأخرى المهمة، كاستقالة الوزيرين الحسبان ومجلي، وحالة التشويش المتعلقة بالسجين الطليق، والتعامل مع ظاهرة البيانات والمطالبات التي طغى عليها الاتهام من دون أدلة من أصحاب المصالح ومن يريدون بهذا الوطن سوءا على الاعتصامات والمطالبات الشرعية التي تريد له الخير البين والذي لا يختلف عليه اثنان؛ يبدو أن الحكومة تريد الجدال الذي يدعو للتأزيم والفوضى ولا تريد التفاوض الذي يعزز من هيبة الدولة واحترامها واحترام إنجازاتها ومكتسباتها ويوحد صفوف أبنائها ويبعث على التفاؤل والعمل، وإلا فما معنى الزج بفكرة هيكلة القطاع العام في الوقت الذي يحتدم فيه الجدال بين الذين يرشحون هذه الحكومة ويراهنون على قدرتها لتجاوز المرحلة المقبلة بالحد الأدنى من الخسائر وبين الذين حسموا هذا الأمر منذ تشكيلها وكذلك الذين اختبروها اليوم ويرون أنها استنفدت عمرها السياسي وأنها غير قادرة على الاستمرار؟

[email protected]