رابطة الكُتّاب ودورُها الذي رثّ

تستطيع رابطةُ الكتّاب الأردنيين أن تفصلني بعد هذه المقالة، فلا أنوي أن أجاملَها في شيءٍ، وربّما يكون تأكيداً لرأيي فيها أن تفعل؛ فالرابطةُ لم تعد بيتَ المثقفةِ والمثقّف العضويين الأردنيين بعد أن اختُرِقت مهمّتها الوطنيّة والثقافيّة المستنيرة، ودخلت في صراعٍ أيديولوجيٍّ وسياسيٍّ ذي طبيعةٍ ظَرفيّةٍ، جعلها تُقدِّمُ السياسيَّ وتتنكّر للثقافيّ في مهمّةٍ بالية النتائج، لأنَّها أتت على عناصر التآلفِ والقوة والاتّحاد في الجسم الثقافيّ. وظهر شرخٌ عميقٌ يتبادلُ طرفاهُ صلياتٍ قاتلةً من التخوين، بل والشتم المقزع واغتيال الشخصيةِ، على غرار جماعات التكفير، حذوك القذة بالقذة!

اضافة اعلان

لقد تمَّ اغتيالُ تاريخ الرابطة التنويري في السنوات الأخيرة، بما ينبئُ بتحوُّلٍ خطيرٍ في بنيتِها الفكرية؛ حيثُ بدا واضحاً وظاهراً أنَّ عدداً لا يُستهانُ به من الأعضاء بات يُصدِّرُ خطاباً بائساً يطابقُ خطابَ الإسلام السياسيّ، العدوِّ الأكبرِ للحداثة ولمجتمع القانون وللديموقراطيّة ولحقوق الإنسان. بل إنَّ الرابطةَ في دورتيها الأخيرتين، قد قدّمت تنازلاً في الانحياز الكلّيِّ إلى أحد طرفيْ الصراع الذي أعلنَ يمينيّته بلا مواربةٍ، كيداً بالطرفِ الآخر (بقايا اليسار!)، من دون الأخذِ بالاعتبار القيمةَ الثقافية العاليةَ لأفرادٍ في القائمةِ الأخرى.

في مسارها الأخير، اتخذت رابطةُ الكتاب مواقف سلبيةً مهينةً تتعلّقُ بعدم الوقوفِ مع حرية التعبير، وعدم مساندةِ أعضاء فيها تعرضوا لحملات تهديدٍ للحياةِ مسعورةٍ، قام بها الإسلامُ السياسي، مما كان مبارَكةً صريحةً للعنفِ والدمويّةِ والإرهاب. كما تجاهلت قاماتٍ في الأدب والشعر والثقافة، وكرّمت، غالباً، من لا بالعيرِ ولا بالنفير، في توجّه واضحٍ لتعزيز الشلليَّةِ والتفاهة. وتعبيراً أيضاً عن ضعفِ المُوجِّهِ وفقر العدّة.

لقد توقفت الرابطة نهائياً عن الانخراطِ في الشأنِ العام، ولم يقلقها هذا التغوّل الحكوميّ على الحريات، وعلى الاقتصاد وسياسة الإفقار، ولا استبداد الإسلام السياسيّ ولا استيلاؤه على التربية والتعليم، ولا التآكل في المنظومة الأخلاقية للمجتمع الأردني، وذلك ببساطةٍ لأنها باتت جزءاً من كلِّ ذلك، بما تضمُّه من أعضاء لا دخلَ لهم فيما يجري، ومهمتهم الوحيدة الانتخاب، انتخاب من ليس لديه/ها مشروعٌ ثقافيّ تحتاجُ إليه المرحلة.

بملء الفمِ أعلنُ يأسي المطلق من منظمةٍ مهترئةٍ بائسةٍ ولا أملَ في إصلاحها بتركيبتها الحاليّة.