كلهم يكذبون!

أعاد ديربي مانشستر النجم المخضرم بول سكولز إلى الحياة مرة أخرى، عودة لم تكن بعيدة عن حسابات اللاعب، لكنها جاءت في ظل الأوضاع المزرية التي يعيشها (الشياطين الحمر) في هذا الموسم؛ إذ لم يجد ابن السابعة والثلاثين غير الاستجابة لما أسماه نداء الواجب لفريقه ولمدربه العجوز، ليخوض أصعب مواجهات الموسم بذهنية ليست على توافق تام مع متطلبات هذا الديربي، وذلك بحكم قرار الاعتزال الذي اتخذه سكولز قبل سبعة أشهر وسبعة أيام مخلفا 675 مباراة خاضها مع المان يو وهو أكبر عدد من المباريات يخوضه لاعب في تاريخ النادي!اضافة اعلان
لم يكن النجم العائد من الاعتزال يوم الأحد الماضي ذا تأثير مهم على فريقه، لا بل إنه تسبب في الهدف الثاني الذي كاد يتحول إلى وبال على مانشستر يونايتد، لكنني هنا أتحدث عن الأخلاق الحقيقية للنجوم الذين لا "يلوكون" عبارات الولاء والانتماء والوفاء للنادي الأم، بل مارس الفعل وهو في نصف جهوزية، وقبلها بأيام فقط كان أحد اللاعبين الدوليين العراقيين (العائدين) إلى بغداد يحدثني عن سعيه للعثور على عقد له في دوري عربي مهما تكن هوية هذا الدوري، ومهما يكن شأن الفريق الذي سيلعب له، فالمهم -على رأيه- الخلاص من الوضع المعقد الذي يعيشه ناديه العراقي الأم!.
لا لوم على لاعب دولي يبحث عن عقد خارجي، لكن اللوم كل اللوم يقع عليه وعلى أمثاله حين يمارسون طقوس الاحتيال والمزايدة والكذب في صحفنا حين يعودون خائبين من الاحتراف ليقول قائلهم: "جئت إلى بلدي وسألعب لناديّ الأم من منطلق رد الدين"، فبعد أيام أو أسابيع يظهر المعدن الحقيقي لهذا النجم المتحول وسواه، فلا يدخر سبيلا للهروب مما يسميه الواقع المزري!.
على المستوى الشخصي، لا أستغرب هذا التبدل في الولاءات مهما تكن عبارات الانتماء فخمة وعريضة ورنانة، فكل اللاعبين الدوليين العرب الذين يلعبون في الخارج قالوا الكلام نفسه، حين فشلوا في التجارب الخارجية، وألقوا القصائد في حب أنديتهم التي صنعتهم في بقاع عربية مختلفة، وبعد أن تلوح لهم فرصة العودة إلى الخارج، كانوا يحزمون حقائب السفر كأنهم بذلك يحرقون خطوط الرجعة!.
هذا هو المستوى الحقيقي من الولاء الذي يدّعيه نفر كبير من لاعبينا الدوليين، ولا أقول كلهم، رأيناهم وسمعناهم وقرأنا لهم وهم يتحدثون بهذه اللغة المتحولة في لحظات العودة المؤقتة إلى أوطانهم (محطة استراحتهم المؤقتة)، فماذا صنعوا لأنديتهم غير المطالبة بمبالغ عقود خيالية لا تقوى على دفعها أنديتهم، فهل سنصدقهم أو نصدق غيرهم حين تدور بهم الأيام ولا يجدون غير حضن الوطن ملجأ لهم؟!.
إنهم يراهنون في كل مرة على ضعف ذاكرتنا، لكن تكرار التجارب لا يتيح لهم الضحك مرة أخرى على ذقوننا، فهل وصلت الفكرة؟!.

[email protected]