إضراب بعد ترفيعات.. خلافات تعصف بالمركز الوطني لحقوق الإنسان

محمود الشرعان – على وقع الحديث حول التغيير المرتقب داخل المركز الوطني لحقوق الإنسان على موقعي المفوض العام ورئيس مجلس الأمناء، تعصف خلافات جمّة داخل المركز إثر قرارات وصفت بـ”السريعة”، فيما رد المركز من جانبه بالتأكيد على أن “لا مخالفات” في أي من قرارته محل الاختلاف.

اضافة اعلان


تأتي الخلافات بعد قرار رئيس مجلس الأمناء، ارحيل الغرايبة، بترفيع أربعة موظفين، واحد منهم لدرجة مفوضة حماية أصيل، والثاني لدرجة مفوض تعزيز بالوكالة، فيما رُفع الموظف الثالث إلى مدير إدارة الحقوق المدنية والسياسية، ورُفع الموظف الرابع من الفئة الثالثة إلى الثانية (مدير إدارة)، ما شكل “صدمة” لبعض الموظفين بعد تأكدهم من عدم معرفة أعضاء من مجلس الأمناء، بحسب قولهم.


تلك القرارات أشعلت الغضب لدى بعض الموظفين، الذين يلوحون بالإضراب عن العمل اليوم، احتجاجًا “على الترفيعات المخالفة للنظام الداخلي والتي لم تراعِ الأسس الإدارية المتبعة لدى المركز”، بحسب تأكيد بعض الموظفين.


ويقول أحد الموظفين لـ”الغد”، رفض ذكر اسمه، إن الترفيعات جاءت دون علم بعض أعضاء مجلس الأمناء، ذاكرًا بعض المخالفات في القرارات، وأبرزها: “تعيين مفوضة الحماية رغم صدور قرار عن مجلس الأمناء الحالي، بإلغاء تكليفها كميسر للمفوضية، ودون أسس التنافس”.


ويخالف الترفيع السابق، نص المادة 11/أ من تعليمات الموارد البشرية في المركز على أنه (يعين موظف الفئة الاولى المفوض بعقد شامل جميع العلاوات والبدلات بقرار من المجلس بناء على تنسيب من الرئيس وتوصية من المفوض العام ويضع مجلس الأمناء الشروط المطلوبة لاشغال هذه الوظيفة)، حيث كان من المفترض تقديم استقالة الموظفة من منصبها وإخضاعها للتنافس مع المتقدمين للوظيفة.


ويضيف الموظف أن قرار ترفيع موظف لمفوض التعزيز بالوكالة، لم يراع الاقدمية وشروط الكفاءة والاستحقاق، كما أن قرار ترفيع موظف إلى مدير إدارة الحقوق المدنية والسياسية، لم يتم على أسس إدارية أو تنافسة ولم يعلن عن ذلك الشاغر سابقا.


أما ما يتعلق بترفيع موظف من الفئة الثالثة إلى الفئة الثانية (مدير إدارة العلاقات العامة والدولية)، فهو مخالف للتعليمات الداخلية، حيث تنص المادة 3/ب على أن “الوظائف الفنية الرئيسية ذات الطبيعة الإشرافية، يشترط فيمن يشغلها أن يكون حاصلا على الدرجة الجامعية الأولى بخبرة 7 سنوات في مجال حقوق الإنسان كحد أدنى، إلا أن الموظف المُرفع تم تعيينه في عام 2018 ولم يحقق شرط خدمة السنوات، إضافة لوجود موظفين يحملون درجة الدكتوراه وأغلبهم أقدم منه بالخبرة.


المركز يرد: لا مخالفات


من جهته، رد المركز الوطني لحقوق الإنسان على حديث الموظفين، بأن قرار الترفيعات جاءت ضمن الاستقطاب الداخلي من كادر المركز، والسياق الإداري، واستنادا للنظام القانوني الذي يحكم عمله بما في ذلك قانونه والتعليمات الناظمة والتراتبية المستحقة.


ويبين المركز لـ”الغد” إن القرارات تأتي بهدف ضمان سير العمل في المركز الوطني لحقوق الإنسان، ومنعاً لحدوث فراغ إداري في ظل إحالة المفوض العام ومفوض التعزيز ومجموعة من الموظفين إلى القضاء، إضافة إلى هدف انتظام سير المرفق العام واستمرار العمل في إطار الأمانة العامة وممارسة ولاية المركز القانونية.


سيناريوهان قادمان لشكل المركز


وفي دوامة الخلافات التي تعصف بالمركز، تطرح تساؤلات حول الشكل المستقبلي للمركز مع بدء العد التنازلي لدخول مشروع القانون المعدل لقانون المركز الوطني لحقوق الإنسان لسنة 2022، حيز التنفيذ عقب إقراره من قبل مجلس الأمة مؤخرًا.


وبموجب التّعديلات “فإنّه يُشترط فيمن يعين رئيسًا لمجلس أمناء المركز الوطني لحقوق الإنسان أو مفوضا عامَّا لحقوق الإنسان ألا يكون منتسبًا لأي حزب سياسي”، إلا أن التعديل يصطدم مباشرة مع رئيس مجلس أمناء المركز، ارحيل الغرايبة المنتمي لحزب الائتلاف الوطني، وهو الحزب الوحيد الذي رفض التعديل المسبق.


بيد أن الغرايبة بحسب ما أكده مدير الإعلام في المركز الوطني لحقوق الإنسان، أحمد فهيم لـ”الغد”، سيمتثل للقانون لكن بعد أن يصبح نافذًا بعد مروره في قنواته الدستورية.


وفي نهاية حزيران (يونيو) الماضي، سميتُ عضو مجلس الأمناء الدكتورة ريم أبو دلبوح، للقيام بتسيير أعمال المركز الوطني لحقوق الإنسان طوال مدة غياب المفوض العام.


تفرض معطيات عديدة سيناريوهين لشكل المركز في قادم الأيام. وأبرز تلك المعطيات: استقالة الغرايبة المرتقبة، وغياب المفوض العام، إلى حين صدور حكم قطعي في القضية المعروضة على القضاء، وكذلك انتظار قبول استقالة عضو مجلس أمناء المركز، هديل عبدالعزيز الموضوعة أمام رئاسة الوزراء، منذ نحو شهرين، في ظل اقتراب انتهاء عمر المجلس الحالي، إذ بقي على عمره نحو عام وشهرين.


ويبدو أن الاستقالات المنتظرة ستضع المركز أمام سيناريوهين، الأول: هو حلّ مجلس الأمناء وإعادة تعيينهم بإرادة ملكية بتنسيب من رئيس الوزراء – وفق القانون-، أو الذهاب نحو السيناريو الثاني؛ المتمثل ببقاء مجلس الأمناء حتى انتهاء مدته القانونية، في وجود نائب للمفوض العام ونائب مجلس الأمناء.

اقرأ المزيد :