تعديلات قانون العمل خلال 25 عاما.. خطوة للأمام واثنتان للخلف

رانيا الصرايرة عمان - خلال 25 عاما الاخيرة، تم فتح قانون العمل للتعديل 12 مرة، بعد اقرار القانون رقم 8 لعام 1996 ليوحي ذلك بضعف الاستقرار التشريعي في الاردن لكثرة فتح القوانين لتعديلها، لكن الاهم من ذلك هو أن غالبية التعديلات التي أجريت لم تكن شمولية وإنما قاصرة. وفي الوقت الذي تتوالى التأكيدات من قبل الحكومة ممثلة بوزير العمل يوسف الشمالي، ومجلس النواب ممثلة بتصريحات لرئيس لجنة العمل النيابية حسين الحراسيس بأن تعديلات العمل توافقية وعصرية. وجاءت لمواكبة مستجدات سوق العمل، يرى ممثلون عن المجتمع المدني انه يجب التوقف عن التعامل مع قانون العمل بالتجزئة وبالقطعة. "الغد" عملت خلال هذا التحقيق على تحليل كافة التعديلات على قانون العمل منذ عام 1996 وحتى اليوم، لتخرج بنتيجة مفادها تركيز الحكومات المتعاقبة على تعديل مواد معينة تختص بزيادة الرسوم والمخالفات ما اعطى طابع التركيز على الجباية وهو امر يؤكده ممثلون عن منظمات مجتمع مدني. وفي الوقت الذي التفت التعديلات المتتالية على مواد اتفق الجميع على عصريتها واهميتها، الا انه كان يتم الابتعاد دوما عن مواد تصب في جوهر القانون كان يجب تعديلها مثل مواد الحريات النقابية واعطاء حقوق متساوية لجميع العاملين والعاملات. قانون 1996 يؤكد الخبير في سياسات العمل حمادة ابو نجمة ان الاردن حاول منذ اصداره لأول قانون شامل للعمل عام 1960، ان يعالج كافة المواضيع ذات العلاقة بشؤون العمل في الوقت الذي كانت فيه علاقات العمل في إطار اقتصاد محدود القدرات وأعمال بسيطة ومؤسسات صغيرة. واستمر العمل بهذا القانون لأكثر من ثلاثة عقود ونصف، تم خلالها إجراء العديد من التعديلات في إطار مفاوضات بين أطراف العمل في وقت كان للنقابات العمالية دور فعال في قضايا سوق العمل. ونتيجة انضمام الاردن لمنظمتي العمل العربية والدولية ومصادقته على العديد من اتفاقيات العمل تم اقرار قانون 1996، الذي تميز بتوسيع مظلته وإلغاء مصطلحي المؤسسة المنتظمة التي تشغل خمسة عمال فأكثر وغير المنتظمة التي تشغل أقل من خمسة ويُحرم العاملون فيها من معظم الحمايات. إلا أنه أبقى على استثناء عمال المنازل وعمال الزراعة من أحكامه، وتوسع في الحقوق والامتيازات والحمايات للعمال وفي الأحكام الخاصة بالمرأة العاملة، وأحكام التشغيل، وأصبح أكثر قرباً من الوفاء بالالتزامات التي ترتبت على الأردن في معايير العمل الدولية بحسب ابو نجمة. ومع ذلك يؤكد ابو نجمة ان معالجة هذا القانون لمختلف قضايا وشؤون العمل بقيت "قاصرة عن تحقيق الحماية المطلوبة للعمال، ولا تشتمل على آليات فعالة للتطبيق، وكثير من أحكامه لا تحقق التوازن في العلاقة بين العمال وأصحاب العمل، ومن ذلك معالجته لموضوع علاقات العمل الجماعية والتنظيم النقابي التي كانت معالجة تقليدية شابها منح الحكومة صلاحيات واسعة للتدخل في شؤون النقابات وتقييد نشاطاتها".

قانون 1997

بعد 11 شهرا من اصدار القانون وتحديدا في آذار (مارس) 1997 تم فتح القانون لتعديل مادتين منه اولهما المادة 12 التي لا تسمح لغير الاردنيين بالعمل في الاردن الا بموافقة وزير العمل واستصدار تصريح عمل مقابل رسوم يدفعونها، ليكون التعديل الذي حصل على هذه المادة في نسخة 97 هو الزام المستثنين من احكام قانون العمل أي العاملين في الزراعة والمنازل باستصدار تصاريح عمل في حال كانوا غير اردنيين. يشار ان هذا التعديل جاء لسد ثغرة قانونية برزت وقتها تشير الى ان قانون 96 استثنى العاملين في الزراعة والمنازل من احكامه، لكنه لم يوضح انه بحال كانوا غير اردنيين فهل عليهم استصدار تصاريح عمل ام لا. التعديل الثاني كان على المادة 108 التي تنص على حق اصحاب العمل بتأسيس جمعية لرعاية مصالحهم، حيث تم اضافة جملة تشير الى ان عمر طالب الانتساب الى هذه الجمعية يجب ان لا يقل عن 18 عاما.

قانون 1998

في تشرين الاول "اكتوبر" 1998 عاد المشرع لفتح القانون من جديد ولتعديل نفس المادة التي عدّلها عام 1997 وهي المادة 12 ليكون التعديل الجديد بإضافة فقرة جديدة لها تحدد المخالفات التي ترتكب ضمن تشغيل غير الاردنيين ليضع ثلاث حالات هي: استخدامه دون تصريح عمل، استخدامه لدى صاحب عمل غير المصرح له بالعمل لديه، واستخدامه في مهنة غير المهنة المصرح له العمل بها. كما تم اضافة فقرة جديدة لنفس هذه المادة لا تجيز اعادة استقدام العامل غير الاردني الذي يتم تسفيره قبل مضي ثلاث سنوات على الاقل من تاريخ تنفيذ قرار التسفير.

قانون 1999

لم يمر ستة أشهر الا وعاد فتح القانون من جديد ليكون التعديل هذه المرة تغيير اسم جمعيات اصحاب العمل الى نقابات اصحاب العمل والذي نجم عنه تعديل المسمى اينما ورد في القانون.

قانون 2001

في اواخر 2001 وتحديدا في الشهر العاشر منه تم تعديل القانون مرة اخرى، لينحصر التعديل هذه المرة على مادتين هما المادة 20 التي تتحدث عن ملكية الاختراع للعامل. حيث كان النص الاصلي يعطي حقوق الملكية الفكرية للعامل حتى لو استنبطه خلال عمله، مع اعطاء صاحب العمل الاولوية لشراء هذا الاختراع، لكن تم تعديلها بحيث تم اعطاء حقوق الملكية الفكرية لصاحب العمل بحال كان العامل المخترع استخدم معلومات او ادوات او آلات تعود ملكيتها لصاحب العمل. والثانية حصلت على المادة 33 التي تتحدث عن صناديق الادخار في المؤسسات حيث تم اضافة فقرتين تجيز استثمار اموال صناديق الادخار بما يحقق منفعة للمشتركين به.

قانون رقم 51 لعام 2002

بعد عشرة شهور تم اعادة هذا القانون، وهذه المرة تم تحديد فئات عمال الزراعة التي تم استثناؤهم من القانون حيث نص القانون على اصدار نظام فئات عمال الزراعة. وبذلك تم توضيح انه ليس جميع من يعمل في الزراعة مستثنى من احكام قانون العمل. وللمرة الاولى اجاز تعديل تضمنته هذه النسخة من القانون انشاء مكاتب خاصة لاستقدام عمال وعاملات المنازل ما تم اعتباره تغييرا كبيرا على قانون العمل. كما تم تعديل المادة 31 التي كانت تعطي صاحب العمل امكانية تسريح العمال في حالات معينة، حيث تم اضافة المزيد من القيود على تسريح العمال، ومنها ضرورة تبليغ وزير العمل خطيا ومن ثم يشكل الوزير لجنة من اطراف الانتاج الثلاثة للتحقق من سلامة اجراءات صاحب العمل التي تدرس الوضع وتضع توصياتها ومن ثم يكون القرار للوزير بالموافقة على تسريح العمال او اعادتهم للعمل، وهذا لم يكن موجودا في النسخ السابقة من قوانين العمل. مادة اخرى يعتبرها الخبراء مهمة، تم اجراؤها على هذه النسخة من القانون تتعلق بالمادة 56 التي تتعلق بعدد ساعات العمل، حيث ان نسخة ما قبل 2002 كانت تنص على عدم جواز تشغيل العامل اكثر من ثماني ساعات يوميا او ثمان واربعين ساعة اسبوعيا، اما في هذه النسخة فابقت على ذلك مع السماح بتوزيع ساعات العمل خلال الاسبوع بحيث لا تزيد عن 48 ساعة. وبالنسبة للمادة 62 التي كانت تنص على "اذا لم تؤخذ الاجازة السنوية دفعة واحدة فلا يجوز ان يقل الجزء منها عن ستة ايام في اي مرة" اصبحت تنص على ان لا يقل الجزء منها عن يومين مع العلم ان هذا النص معمول به حتى اليوم. كما تم تعديل المادة 74 التي كانت لا تجيز تشغيل الحدث الذي لم يكمل السابعة عشرة من عمره في الاعمال الخطرة ليصبح العمر الثامنة عشرة، وتعديل المادة رقم 97 التي تتحدث عن حق العمال في تأسيس نقابة خاصة بهم، حيث تم اضافة فقرة تحظر على نقابات العمال واصحاب العمال القيام بأي أعمال تنطوي على تدخل من أي منها ازاء الاخرى.

قانون مؤقت رقم 60 لعام 2002

بعد شهرين من صدور قانون رقم 51 لعام 2002 قررت الحكومة اجراء تعديل جديد على القانون وهذه المرة على مادة واحدة هي التي تحمل رقم 51 التي تعتبر اجور العمال "ديونا ممتازة امتيازا عاما وتتقدم على سائر الديون الاخرى مثل الضرائب والرسوم المستحقة للحكومة" حيث تم تعديلها باستثناء الديون المؤمنة برهونات عقارية او تأمينات عينية. لكن سرعان ما تم الغاء هذه النسخة من القانون ولم يتم العمل بها او سيرها ضمن القنوات التشريعية لإقرارها.

قانون عام 2004

هذه النسخة من القانون هي نسخة مطابقة لما جاء في نسخة رقم 51 لعام 2002 حيث تم اعادة طرحها لاقرارها.

قانون 2006

بعد عامين من اقرار القانون، تم اعادة فتحه للتعديل وهذه المرة تم التركيز من جديد على المادة رقم 12 الخاصة بتشغيل غير الاردنيين، حيث تم اضافة بند جديد يضيف رسما جديدا على قيمة رسم استصدار تصريح العمل قيمته 100 دينار يخصص لصندوق دعم التعليم والتدريب المهني والتقني. كما تم تعديل الفقرة (د) من المادة 12 التي تعفي "ذوي الاعاقة" من دفع رسم تصريح العمل عند استقدامه لعامل ليساعده في شؤون حياته، حيث تم تعديلها وحصرها بذوي الاعاقة او ذويهم الذين دخولهم المادية تستلتزم اعفاءهم من الرسوم. وعلى المادة ذاتها، تم رفع قيمة من يخالفها الى غرامة لا تقل عن 100 دينار ولا تزيد على 150 دينارا.

قانون 2007

بعد 11 شهر، عاد المشرع لفتح القانون لتعديل مادتين، سبق وان تم فتحهما للتعديل من قبل، وهما المادة 20 التي تم تعديلها عام 2001 التي تتحدث عن الملكية الفكرية، حيث قرر المشرع في هذه النسخة ان يتم تحديد حقوق الملكية الفكرية لكل من صاحب العمل والعامل بالاتفاق بينهما، على عكس التعديل السابق الذي كان يعطي الحق لصاحب العمل، والذي عاكس ايضا النص الاساسي لنسخة 96 التي كانت تعطيه للعامل. المادة الاخرى التي جرى تعديلها هي 33 التي تتعلق بصندوق الادخار، حيث تم اضافة مادة توضح تفاصيل طريقة استثمار اموال صندوق الادخار.

قانون 2008

نسخة 2008 من القانون شهدت تعديلات على مواد اعتبرها خبراء "هامة" وابرزها اضافة بند لتشكيل اللجنة الثلاثية المكونة من ممثلين عن العمال واصحاب العمل والحكومة، حيث تم اضافة فقرة ضمن تعريفات القانون في المادة 2 تعرّف اللجنة الثلاثية وتم استحداث المادة 43 التي تنص على تشكيل اللجنة الثلاثية وتم وضع نص واضح يستثني عمال الزرعة والعاملين في المنازل من احكام قانون العمل على ان يصدر نظام يفسر كل ما يتعلق بعمل هاتين الفئتين. وفي هذه النسخة من القانون تم اجراء تعديل جوهري على المادة 29 من القانون التي تتحدث عن الحالات التي يحق للعامل فيها ترك العمل دون اشعار مع احتفاظه بحقوقه القانونية، حيث تم اضافة حالة الاعتداء الجنسي لهذه الحالات واضافة بند يسمح للوزارة إغلاق المنشأة لمدة تقررها، حال ثبوت وقوع اعتداء جنسي على احد الموظفين او الموظفات. وتضمنت تعديلات 2008 المادة 77 التي تتحدث عن العقوبات المفروضة على صاحب العمل حال خالف اي من احكام فصل حماية الاجور في قانون العمل، حيث تم زيادة قيمة المخالفة من 100 الى 500 دينار في حدها الادنى ومن 300 الى 1000 دينار في حدها الاعلى. وللمرة الاولى، التفت المشرع في هذه النسخة الى وضع عقوبة لحالات العمل الجبري والاتجار بالبشر حيث تم اضافة فقرة الى المادة 77 تنص على معاقبة صاحب العمل بعقوبة اضافية تصل في حدها الادنى الى 500 دينار و1000 دينار في حدها الاعلى بحال استخدم عامل بصورة جبرية او تحت التهديد او بالاحتيال او بالاكراه بما في ذلك حجز وثيقة سفره. قانون 2010 مسودة قانون العمل المؤقت رقم (26) لسنة 2010 المكون من (39) مادة وضعت بالتوافق بين أطراف العمل الثلاثة (العمال، أصحاب العمل، الحكومة) وبعد استطلاع آراء ومقترحات الجهات الأخرى ذات العلاقة رسمية وأهلية ومن خلال اللجان التي شكلت لهذه الغاية بحسب ابو نجمة. واستهدفت عددا من المواضيع الهامة، منها تنظيم استخدام العمالة غير الأردنية وزيادة فرص تشغيل الأردنيين، وتحسين حقوق نهاية الخدمة (تعويض الفصل التعسفي، مكافأة نهاية الخدمة)، وتنظيم علاقات العمل الجماعية والمفاوضة الجماعية، وتوسيع صلاحيات اللجنة الثلاثية لشؤون العمل، وإعطاء النقابات العمالية ونقابات أصحاب العمل حرية أكبر في التنظيم وإدارة شؤونها وممارسة نشاطاتها وحماية ممثليها.. قانون 2019 ومنذ عام 2010 الى عام 2019 بقي القانون المؤقت في عهدة مجلس النواب بين شد وجذب في لجان العمل في المجالس المتعاقبة دون أن تعرض توصياتها تحت القبة، إلى ان تم اقراره في مجلس النواب، وإقرار عدد من مواده وتعديل مواد أخرى منه. نسخة 2019 تضمنت إضافة تعريف للتمييز في الأجور القائم على الجنس، وتعريف للعمل المرن وأشكاله، وإقرار إجازة أبوة للعامل مدفوعة الأجر، وفرض عقوبة على التمييز في الأجور على أساس الجنس مع الحكم بفرق الأجور. ومنح سلطة الأجور صلاحية النظر في دعاوى التمييز في الأجور مهما كان نوع التمييز، وشمول إلزامية تهيئة مكان لرعاية الأطفال في مواقع العمل على رعاية أطفال "العمال الذكور والإناث". في هذا الصدد يقو ل ابو نجمة "إلا أن الأحكام الخاصة بالنقابات العمالية ونقابات أصحاب العمل لم تحظى بنفس التقدم، لا بل تراجع مجلس النواب عن العديد من الأحكام التي كانت تعتبر في القانون المؤقت خطوة متقدمة نحو تعزيز دور النقابات العمالية وفق معايير العمل الدولية التي تضمن لها حق التأسيس وإدارة شؤونها ووضع أنظمتها وممارسة نشاطاتها بكل حرية وحماية ممثليها وتطوير آليات التفاوض الجماعي، في الوقت الذي كانت النقابات تنتظر من مجلس النواب تفهما أكبر لمتطلبات عملها وأكثر انسجاما مع معايير العمل الدولية". فبعد أن كان القانون المؤقت قد أعفى النقابات من عرض أنظمتها الداخلية على وزارة العمل للمصادقة عليها واكتفى بأن تودع نسخة منها في الوزارة، عاد مجلس النواب ليضع شرطا يوجب أن يتم تصديق الأنظمة من وزارة العمل. كما أعطى مجلس النواب في التعديلات التي أقرها لوزير العمل صلاحية حل الهيئة الإدارية للنقابة وتعيين هيئة إدارية مؤقتة لتسيير أعمال النقابة، بعد أن كان أمر حلها في القانون الأصلي من اختصاص القضاء أو بقرار من هيئتها العامة.. وكان القانون المؤقت قد نقل صلاحية تصنيف الصناعات والأعمال لغايات تأسيس النقابات من وزير العمل إلى اللجنة الثلاثية لشؤون العمل المشكلة بالتساوي من ممثلي منظمات العمال ومنظمات أصحاب العمل والحكومة، في خطوة تعتبر إيجابية باتجاه توفير حرية أكبر للتنظيم النقابي مبني على تشاور ثلاثي بدلا من أن يكون القرار محصورا بيد الحكومة وحدها. إلا أن مجلس النواب عاد عن ذلك وأعطى صلاحية التصنيف للوزير من خلال مسجل النقابات في الوزارة، رغم أن معايير العمل الدولية تشترط على العكس من ذلك أن يكون للعمال ولأصحاب العمل دون تمييز الحق في تكوين المنظمات التي يختارونها ودون ترخيص مسبق، وأوجبت أن لا ينطوي قانون البلد على مساس بأي من الضمانات الخاصة بالنقابات أو أن تطبق بطريقة فيها مساس بهذه الضمانات.

مشروع قانون معدل لقانون العمل لسنة 2020

بعد أقل من سبعة أشهر على اقرار نسخة 2019، عاد المشرع لفتح ثمانية مواد من القانون، حيث اقرتها لجنة العمل النيابية مؤخرا، وبانتظار مناقشتها تحت القبة، لتنحصر هذه التعديلات بالسماح لوزارة العمل بالتعاقد مع أي شخص أو جهة خارج المملكة لغايات تشغيل الأردنيين وفق تعليمات يصدرها الوزير، وكذلك السماح بترخيص شركات متخصصة في نشاط معين تستخدم عمالا أردنيين وتتعاقد مع أصحاب العمل لتزويدهم بهؤلاء العمال وألغت التعديلات عبارة استخدام والإبقاء على عبارة الإستقدام في مهام المكاتب التي ترخص لتشغيل عمال المنازل وغيرهم، ويقصد بذلك أن يقتصر دور المكاتب في استقدام العمال من الخارج دون التدخل فيما بعد الإستقدام في الإنتقال من صاحب عمل إلى آخر، أو أي إجراءات أخرى بعد الإستقدام. كما زادت قيمة الغرامة المفروضة على من يمارس أعمال التوسط في تشغيل العمال داخل المملكة أو خارجها دون ترخيص لتصبح الغرامة ما بين 3000- 5000 دينار بدلا من 500 – 1500 دينار. واضافت نصا يعطي وزير العمل صلاحية إصدار تعليمات تتضمن المهن التي يحظر على العمال غير الأردنيين العمل بها والنسب المسموح باستخدامها من العمالة غير الأردنية لدى أصحاب العمل والضمانات الواجب عليهم تقديمها لهذه الغاية. كما أعطت وزير العمل صلاحية تحديد قطاعات وأنشطة معينة لتكون مدة تصريح العامل فيها سنتين، ونصت على إصدار نظام خاص برسوم تصاريح العمل وأنواعها والغرامات التي تفرض على العمال وأصحاب العمل عن المخالفات الخاصة بتصاريح العمل. كما تم اضافة حالة ترك العامل عمله كسبب لتسفيره بقرار من وزير العمل، وزيادة المدة التي يحظر على العامل الذي يتم تسفيره من العودة إلى المملكة من 3 سنوات لتصبح 5 سنوات وإضافة حالة تعرض العامل للتحرش إلى الحالات التي يحق للعامل بسببها ترك العمل دون إشعار والإحتفاظ بحقه بالمطالبة بحقوقه القانونية وتعويضات العطل والضرر، وأعطت وزير العمل صلاحية إصدار أسس خاصة بالمصادقة على شهادة الخدمة للعامل. واضافت نصا يؤكد على أن الأجر عن العمل الإضافي يجب أن يدفع خلال مدة لا تزيد على 7 أيام من تاريخ استحقاقه أسوة بالأجر المعتاد. وتم الغاء المادة 69 كاملة وهي المادة التي تسمح لوزير العمل تحديد الأعمال والأوقات التي لا يجوز تشغيل المرأة فيها، وتم زيادة الغرامة على المخالفات المرتكبة لأحكام قانون العمل التي لم يحدد لها عقوبة خاصة، لتصبح بين 500 – 1000 دينار بدلا من 50 – 100 دينار.

ما المطلوب ؟

النائب وعضو لجنة العمل والتنمية الاجتماعية والسكان أسماء الرواحنة، قالت إن تعديلات قانون العمل الأخيرة تمت بعد استضافة منظمات المجتمع المدني وأصحاب العمل والعمال والمجتمع المحلي. وأشارت الرواحنة إلى ان قانون العمل يمس جميع فئات المجتمع دون استثناء، لافتة إلى أن التعديلات الأكثر أهمية جاءت في صالح المرأة والشرائح العاملة في القطاعات الأكثر تهميشاً. وحول بالمادة المتعلقة باستخدام واستقدام العاملين، قالت الرواحنة إن الحكومة قدمت التعديل "باستقدام" دون "استخدام" وهذا يؤدي حَسَبَ الرواحنة إلى ظلم شديد بحق العاملين وانتشار تجارة الرقيق الأبيض وسيطرة لشركات كبيرة من الخارج على العمالة الداخلية. وألغت التعديلات عبارة استخدام وأبقت على عبارة الاستقدام في مهام المكاتب التي ترخص لتشغيل عمال المنازل وغيرهم، ويقصد بذلك أن يقتصر دور المكاتب في استقدام العمال من الخارج دون التدخل فيما بعد الاستقدام في الانتقال من صاحب عمل إلى آخر، أو أي إجراءات أخرى بعد الاستقدام، وسوف يتسبب ذلك في غموض حول كيفية تحمل المسؤولية تجاه الأطراف بعد الاستقدام، وسيصبح من الصعب السيطرة على عملية الانتقال من صاحب عمل إلى آخر. وأضافت الرواحنة، إن التعديلات تطرقت لمسألة التحرش داخل الشركات والمؤسسات وتم إضافة مصطلح التحرش في التعديلات وجاء هذا التعديل بعد حوار معمق داخل لجنة العمل. المحامية والنائب السابق وفاء بني مصطفى قالت إن قانون العمل بحاجة إلى تعديل كامل وشامل على غرار تعديل عام 1996، والكف عن التعديل المجتزء وبالقطعة الذي يخلق حالة تعارض مجتمعي في بعض الأحيان إذ "إن بعض التعديلات تكون إيجابية وبعضها سلبي ما يؤدي لدس السم بالعسل". واعتبرت بني مصطفى أن تعديل قانون العمل عام 2019 كان إيجابيا في بعض جوانبه مثل إلغاء تصاريح العمل لأبناء الأردنيات وتوفير حضانات للأمهات العاملات، وسلبيا في جوانب أخرى مثل المواد التي حدت من صلاحيات التنظيم النقابي وهذا يؤدي دائماُ إلى حالة من الجدل في أوساط المجتمع المدني والمختصين في قضايا العمل. وأكدت أن مجلس النواب غالبا ما يوضع أمام خيارات صعبة وضيقة، لافتة الى أن التعديلات المجتزأة تحدث الكثير من الضرر والقليل من المنفعة. ودعت إلى فتح الحوار المجتمعي لمناقشة كامل بنود قانون العمل، معتبرة أن 95 % من عمال الأردن خارج إطار التنظيم النقابي ولا يحق لهم أن ينظموا أنفسهم ما ينم عن ضعف لدى صناع القرار في هذا الإطار. بدوره يؤكد الناشط النقابي حاتم قطيش انه يفترض أن تتصف التشريعات الناظمة لسوق العمل بالاستقرار والرسوخ والسبيل الأمثل للوصول الى الاستقرار التشريعي في قانون العمل أن يكون هذا القانون ملبياً لمتطلبات سوق العمل ويخلق نوعاً من التوازن بين أطراف الانتاج الثلاثة. وللوصول لحالة التوازن هذه وانتاج قانون عصري متوازن وناضج يؤكد قطيش ضرورة ان تكون أية تعديلات مقترحة على القانون هي نتاج حوار اجتماعي حقيقي بين هذه الاطراف؛ "وهذا ما لا يحدث على أرض الواقع فغالباً ما تنفرد الحكومة باقتراح التعديلات التي قد تخدم توجهاتها في مرحلة معينة ويبقى التعديل والتحسين على هذه المقترحات رهين صراع القوى بين ما تريده الحكومة وما يحاول فرضه رأس المال وما يقبل به ممثلو العمال. وفي ظل غياب التمثيل الحقيقي للعمال وتخلي النقابات العمالية عن دروها في الدفاع عن العمال وتغييب القيادات النقابية للحوار الاجتماعي داخل التكوينات النقابية نفسها، وتهميش دور العمال بوضع وتعديل انظمتهم واختيار ممثليهم؛ غالباً ما يكون العمال هم الحلقة الأضعف ويدفعون ثمن التعجل في تعديل القانون وقبول ممثليهم لتعديلات تنهش من حقوقهم في كل مرة". اما ابو نجمة، فيؤكد ان قانون العمل ذو تأثير مباشر على مصالح مختلف شرائح المجتمع ويستحق أن يحظى باهتمام خاصة في طريقة تطويره، وأن تحترم فيه القواعد المعتمدة دوليا في إصلاح تشريعات العمل والتي التزم بها الأردن من خلال مصادقته على مجموعة واسعة من الاتفاقيات والصكوك الدولية ذات العلاقة، وعضويته في منظمتي العمل العربية والدولية. وبما يضمن أن يحظى بأوسع قبولٍ ممكن من الشركاء الاجتماعيين والمجتمع المدني ككل قبل عرضه، بحيث يوفر الحمايات الاجتماعية الضرورية المتعارف عليها والتعامل معها باعتبارها حدودا دنيا من الحقوق والحمايات والالتزامات للعاملين وأصحاب الأعمال والتي تشكل الأرضية اللازمة لتحقيق التوازنات في علاقات العمل. وقال، "يجب أن تتوقف الحكومة عما انتهجته في السنوات القليلة الماضية من انفراد في طرح تعديلات على مواد من قانون العمل لا تعكس سوى وجهة نظر قاصرة عن مواكبة الاحتياجات الوطنية الفعلية وتعالج مشاكل سوق العمل وتواكب تطوراته وتوفر الحمايات القانونية اللازمة للعاملين، الأمر الذي تسبب بفوضى تشريعية وتشتت في الأحكام القانونية وتناقضها".اضافة اعلان