خطر "الجوكر"

كل ما يحصل عليه من عمله في محل الحلاقة، يتجه إلى "الجوكر". وقد تحولت حياة هذا الشاب إلى خسارة مفتوحة في الصحة والمال، بسبب هذا الحشيش الصناعي الذي يستنزف حياة الشباب المتعاطين. وهو يقول إن "الجوكر" سيطر على حياته لثلاث سنوات كاملة؛ فكل تفاصيل أيامه كانت تتركز في البحث عن هذا السم القاتل لتعاطيه.اضافة اعلان
هذا الشاب يسعى اليوم إلى طي هذه الصفحة السوداء من حياته، ويحاول إزالة السمية من جسده في مركز علاج المدمنين التابع لدائرة مكافحة المخدرات، بينما ما يزال آخرون يستبيحون أعمارهم وأموال آبائهم في مستنقع هذا الوهم عبر تسميات براقة يحملها "الجوكر". ويتعاطاه بعض الشباب بأسعار زهيدة في بداية الأمر بغية جذبهم، ثم تبدأ الأسعار بالتصاعد بعد أن يسري الإدمان في أجسادهم.
يبلغ سعر أربعة غرامات من كيس الحشيش الصناعي عند بعض تجار هذا المخدر، نحو 15 دينارا، ويصل إلى دينارين عند مروجين وتجار آخرين. ولأنه يدخن على شكل سجائر، فإن التلاعب بأسعاره تغري من زلت قدماه للوقوع في الفخ، ليستنزف كل ما لديه لغاية تعاطي "الجوكر" والبحث الدائم عنه.
إدارة مكافحة المخدرات تؤكد أنه تم ضبط 1200 شخص من متعاطي "الجوكر" العام الماضي. وهو رقم ليس كبيرا، لكنه يدق ناقوس الحذر، لتتكاتف الجهود بين الأسرة وجهاز مكافحة المخدرات والمؤسسات التعليمية والإعلام، بهدف الوصول إلى التوعية اللازمة لإزالة خطر هذا السم من حياة الشباب والعائلات المتضررة. فضياع الصحة وهدر الأموال وإرباك أدمغة الشباب وغيرها من تداعيات تعاطي "الجوكر"، ستعود بقلق يربك مناحي الحياة كافة، الاجتماعية والاقتصادية، علاوة على زعزعة استقرار الكثير من الأسر التي تحولت حياة أفرادها إلى جحيم بسبب تعاطي أحد أفرادها لهذا المخدر الصناعي.
وفي اللحظة الراهنة، لم يعد التساهل مجديا أو خيارا بالنسبة للأفراد والمجتمع وأجهزة الدولة، فخطر "الجوكر" الاقتصادي يمتد ليطال كل هؤلاء. فعلى الأسرة مسؤولية متابعة الأبناء وعدم التذرع بانشغالات الحياة كي يتم التأكد من صحتهم وإنفاقهم للمال الذي يعطى لهم، وقطع الطريق على انهيارات سريعة بعيدا عن عين العائلة. كما يتوجب على إدارات الجامعات أن تكون يقظة، فلا تتيح لأي مروج التسلل إلى داخل الحرم أو حتى على بوابات الجامعات ليبيع هذا السم أو ينشره في أوساط الطلبة.
ومع غياب الأمن في كل من العراق وسورية، تبدو المهمة مضاعفة على أجهزة الدولة العسكرية والأمنية من أجل منع تسلل مهربي المخدرات من حدودنا الشرقية والشمالية. وهو ما يتطابق مع كون حجم المضبوطات للعام الماضي جاء كبيرا؛ إذ تم ضبط 50 مليون حبة كبتاجون و5 ملايين طن من الحشيش، إضافة إلى 212 كيلو غراما من الهيروين. لكن 95 % من هذه المضبوطات كانت تتجه إلى دول مجاورة وليس إلى الأردن، وفقا لقيادات أمنية.
الملايين التي تستنزف في سم "الجوكر"، تدفعنا جميعا إلى بذل جهود استثنائية لتجاوز هذا التحدي وطي صفحته. فالشباب هم الثروة الأهم في الاقتصاد الأردني، والحاجة ماسة لأن يكونوا ضمن أعلى مستويات التركيز واليقظة والإنجاز، لا ضائعين ومدمنين وفاشلين.