ارتفاع البطالة طويلة الأمد إلى 65.5 %.. ما الحل؟

البطالة
البطالة

البطالة طويلة الأمد تنطوي على أخطار اقتصادية كبيرة من نزف المهارات والقدرات وصولا إلى ندرة العمالة الماهرة، ومخاطر اجتماعية تتمثل بدفع كثير من المتعطلين إلى سلوكيات سلبية.

اضافة اعلان


ارتفاع نسب البطالة طويلة الأمد يعود إلى تواضع معدلات النمو الاقتصادي وضعف الاستثمارات الاجنبية ما قلص حجم فرص العمل المستحدثة، إضافة إلى عدم تعافي سوق العمل بعد من تأثيرات جائحة كورونا التي تسببت بخسارة الكثيرين لعملهم. 


ويقصد بالبطالة طويلة الأمد مكوث الفرد العاطل عن العمل لمدة 12 شهراً أو أكثر بدون عمل. 
وللحد من ارتفاع معدلات البطالة طويلة الأمد طالب خبراء بضرورة إطلاق برنامج وطني للتشغيل، والعمل على إيجاد مقاربة جديدة وخلاقة للتعامل مع ملف البطالة بشكل عام، إضافة إلى إعادة النظر في النظام الضريبي وتخفيض تكاليف الإنتاج على القطاعات الاقتصادية. 


وكان المركز الأردني لحقوق العمل "بيت العمال" كشف في تقرير حول التحديات التي تواجه سوق العمل الأردني إلى أن نسبة من يتعرضون للبطالة طويلة الأمد في الأردن تزايدت خلال السنوات الماضية حيث وصلت إلى ما نسبته 65.5 % من إجمالي المتعطلين عن العمل، إذ أن الإناث أكثر عرضة للبطالة طويلة الأمد من الذكور، حيث بلغت نسبة الإناث (72.3 %) من إجمالي المتعطلات، مقابل (62.7 %) للذكور.


وبحسب التقرير فإن 195.489 ألف نسمة من المتعطلين عن العمل في الأردن لم يسبق لهم العمل نهائيا، (45.2 %) منهم من الإناث، وهذا يعني أن نسبة كبيرة من المتعطلين يملكون المهارات والخبرات إلا أنهم لا يجدون فرص عمل لائقة تناسب مؤهلاتهم.


وأشار التقرير إلى أن البطالة طويلة الأمد تؤدي إلى إضعاف المهارات والخبرات لدى المتعطلين، وتزيد من الأعباء الإضافية على كاهل الدولة. 


ويشار إلى أن تحليل أجرته "الغد" سابقا كشف عن قفزة بلغت نسبتها 130 % في أعداد المتعطلين عن العمل المسجلين في الأردن خلال العقد الأخير، حيث وصل إجمالي عدد العاطلين عن العمل في الأردن نهاية العام الماضي  إلى 415 ألف مقارنة مع 182 ألف عاطل عن العمل خلال عام 2013. 


المختص في قضايا سوق العمل حمادة أبو نجمة قال إن تزايد نسبة من يتعرضون للبطالة طويلة الأمد في الأردن يعود بشكل مباشر إلى معضلة الاقتصاد الوطني الكبرى المتمثلة في ضعف معدلات النمو الاقتصادي، إضافة إلى تواضع حجم الاستثمارات الأجنبية التي دخلت إلى الاقتصاد الوطني في السنوات الماضية، ما حد من قدرة الاقتصاد المحلي على خلق المزيد من فرص العمل.


وأضاف أن من الأسباب التي أدت كذلك إلى تفاقم البطالة طويلة الأمد عدم تعافي سوق العمل بعد من تأثيرات جائحة كورونا حيث خسر كثيرون خلالها وظائفهم، وعلى الرغم من عودة القطاعات للعمل منذ قرابة عامين إلا انها لم تستعد كامل الوظائف التي فقدت آنذاك، فضلا عن ضعف منظومة التدريب المهني واحجام الشباب الأردني عن الإقبال على التعلم المهني ما ترك شواغر عديدة في مهن مختلفة للعمالة الوافدة.


واعتبر حمادة، الذي شغل سابقا منصب الأمين العام لوزارة العمل، أن ارتفاع نسبة البطالة طويلة الأمد في أوساط المتعطلين عن العمل في الأردن يدل على حجم الازمة الاقتصادية للاقتصاد وعدم قدرته على توليد فرص العمل إضافة إلى عدم توفر المرونة في سوق العمل المحلي، لافتا إلى هذا النوع من البطالة يعد خطيرا للغاية لا سيما على المستوى الاجتماعي حيث ان المعترضين له قد يجدون انفسهم يتجهون لسلوكيات سلبية.


وأكد حمادة أن حل مشكلة البطالة في الأردن يتطلب تنفيذ برنامج وطني للحد من البطالة مماثل للاستراتيجية الوطنية لتشغيل التي كانت سائدة حتى عام 2016 حيث ان الإستراتيجية المذكورة نجحت خلال عامي 2014 و2015 في تخفيض نسب البطالة بشكل جيد وكسر حدتها وما يؤكد ذلك تراجع معدل البطالة في عام  2014 إلى ما نسبته 11.9 % وهو أقل معدل بطالة يسجل خلال 30 عاما.


يذكر أن معدل البطالة في الأردن قد انخفض بنحو نقطة مئوية خلال الربع الأول من العام الحالي 2023 ليصل إلى ما نسبته 21.9 % مقارنة مع الفترة المماثلة من العام الماضي.


من جانبه، قال أستاذ الاقتصاد في جامعة اليرموك قاسم الحموري إن ارتفاع معدلات البطالة طويلة الامد تنطوي على اخطار اقتصادية كبيرة حيث انها تتسب في نزيف المهارات والقدرات التي اكتسبها اللذين يعانون من البطالة طويلة الامد ما يضعف من قدرات العمالة الوطنية على المدى البعيد وسيؤثر كذلك على مستوى الإنتاجية مستقبلا.


كما يرى الحموري أن هذا النوع من البطالة ينطوي على اخطار اجتماعية كبيرة خاصة وأن المتأثرين بها يكون لديهم حجم يأس وفراغ كبيرين ومن السهل انزلاقهم إلى مسلكيات سلبية.


ولفت إلى أن معدلات البطالة في الأردن ستبقى مرتفعة ما دام حجم الاستثمارات الاجنبية محليا ضعيف، داعيا إلى وجوب العمل على معالجة هذه المعضلة اضافة إلى ضرورة اعادة النظر في النظام الضريبي وتخفيض تكاليف الانتاج على القطاعات لدعم القطاعات الاقتصادية على التوسع وخلق المزيد من فرص العمل حيث أن كل ما سبق يمكن له المساهمة في تخفيف حدة البطالة.


إلى ذلك، أكد الخبير الاقتصادي زيان زوانة أن بقاء مشكلة البطالة دون معالجة ناجحة سيؤدي إلى نتائج وتأثيرات عميقة اقتصاديا واجتماعيا في مرحلة ما.


وبين زوانة أن زيادة حجم البطالة طويلة الأمد له انعكاس سلبي على المهارات لهؤلاء المتعطلين حيث ستخفت مهاراتهم مع مرور الزمن ما يولد مشكلة جديدة تتمثل في قلة وندرة العمالة الماهرة، عدا عن زيادة حجم القوة العاملة غير المنتجة ولذلك أثر على مؤشرات الاقتصاد الوطني.

 

اقرأ المزيد : 
أعداد المتعطلين عن العمل تقفز 130 % خلال عقد