ترتيب الأولويات.. ملاذ مؤقت للباحثين عن مخرج "كلف المعيشة المرتفعة"

متسوقون في منطقة وسط البلد بعمان - (الغد)
متسوقون في منطقة وسط البلد بعمان - (الغد)

"سأظل أرتب أولوياتي"، هاجس يسيطر على كرم محمود الموظف في القطاع الخاص، للتخلص من عبء ارتفاع الأسعار وسط ثبات الدخول. مصدر دخل محمود الوحيد من راتبه الوظيفي و"الذي يثقل عاما بعد آخر بالأعباء دون أي زيادة أو تحسن مقابل ارتفاع أسعار السلع".

اضافة اعلان

 

على غرار محمود، لا يبدي أردنيون كثيرا من التفاؤل إزاء مستقبلهم من الناحية الاقتصادية، ذلك الأمر سببه أنهم يتوقعون استمرار تعقيدالأوضاع حتى نهاية 2023 على أقل تقدير كاستمرار ارتفاع الأسعار وكلف التمويل وثبات الدخول أو انكماشها.

 

يؤشر محمود إلى أن "أسعار السلع الأساسية التي تتطلبها الحياة ارتفعت دون رقابة أو تدخل من قبل الحكومة، في الوقت ذاته بقي راتبي على حاله أو حتى تناقص بسبب فرض ضريبة للدخل عليه وكلف التأمين الصحي المقتطعة من الشركة التي أعمل لديها".


 تكاليف الفواتير الشهرية وأقساط المدارس أيضا عبء لا يمكن التخلص منه، وسط استمرار ارتفاع الكلف المعيشية، ما يجعل كرم، على حد وصفه، فترة بعد أخرى، يعيد ترتيب سلم أولوياته للتركيز على الغذاء والتعليم بعيدا عن أي رفاهية، حتى أن بعض هذه الأوليات قد لاتكون بالمستوى السابق ذاكرا جودة التعليم أو الانفاق على المدارس الخاصة على سبيل المثال. 


وأظهر استطلاع رأي نفذه ونشر نتائجه مركز الدراسات الإستراتيجية في الجامعة الأردنية بداية الشهر الحالي، أن 69 % من الأردنيين غير متفائلين بالحكومة الحالية وأن 60 % منهم غير متفائلين بالاقتصاد الأردني خلال العامين المقبلين. منير حمدان وهو أيضا موظف في قسم خدمات الصيانة بإحدى شركات القطاع الخاص يقول "زيادة كلف المعيشة ونفقات أبنائه الثلاثة عاما بعد آخر دفعته للبحث عن عمل آخر بعد انتهاء فترة وظيفته الرئيسية". 


وهو ما حدث فعلا منذ 7 أشهر إذ تحصل على عمل في أحد المحال التجارية في فترة ما بعد الظهر أملا بأن يتحسن دخله ويستطيع تأمين الأعباء التي لا مهرب منها ومن أجرة المنزل. ويقول " طالما بقي الحال الإقتصادي للبلد على هذا الحال دون تمكن الشركة من زيادة راتبي وبقيت ارتفاعات الأسعار سأبقى مضطرا للعمل الإضافي".

 

وبحسب آخر أرقام صادرة عن دئرة الاحصاءات العامة ارتفع التضخم في البلاد خلال الربع الأول من العام الحالي بنسبة 3.98 % مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، وتتوقع وزارة المالية أن يبلغ التضخم 3.8 % في 2023. الخبير الاقتصادي د. حسام عايش يقول إن "تحليل الواقع الاقتصادي في الأردن يجعل من الصعب توقع تحقيق نمو يفوق 2.5 % العام الحالي وهي نسب مقاربة لما تحقق سابقا لا سيما ما قبل جائحة كورونا رغم توقعات الحكومة في موازنتها للعام الحالي أن تحقق نموا أكثر من ذلك".

 

هذا كله سينعكس على الحال الاقتصادي والمعيشي للمواطنين ويفرض استمرار ارتفاعات الأسعار والكلف دون إغفال تأثير حالة عدم اليقين التي يمر بها الاقتصاد العالمي وتأثير ذلك محليا، مذكرا أيضا بأن الأردن يعتمد بجزء كبير من موارده الاقتصادية على المساعدات الخارجية، وكذلك على الضرائب والرسوم التي يدفع المواطنون ثمنها بنهاية المطاف. 


تقديرات وزارة المالية تشير إلى أنه من المتوقع أن يحقق الاقتصاد الوطني نمواً بنسبة 2.7 % لعامي 2022 و 2023 مقابل 2.4 % لعام 2021، إذ يعتبر الأردن من الدول القليلة التي توقعت المؤسسات الدولية أن يحافظ على تحسن أدائه الاقتصادي. خطاب الموازنة الذي قدمه وزير المالية محمد العسعس في مجلس الأمة بداية العام الحالي قال " رغم الضغوط التضخمية العالمية التي تعرض لها الاقتصاد الوطني عام 2022 إلا أن انعاكساتها محليا كانت أقل بكثير من معظم دول العالم". 


صندوق النقد الدولي من جهته، قال أخيرا إن "الأردن تمكن من مواجهة عدد من الصدمات العالمية والإقليمية الكبرى وحافظ على استقراره الاقتصادي رغم وجود دين مرتفع نسبيا". ولفت أيضا إلى أن مستويات نمو الاقتصاد الأردني " منخفضة نظرا لمستويات البطالة المرتفعة" جراء تداعيات جائحة كورونا، مشيرا أيضا إلى أن تحقيق الازدهار في الأردن يتم من خلال تعميق الإصلاحات التي تحسن بيئة الأعمال والعمل على خفض كلف الطاقة ورفع قابلية الاستثمار والاستفادة من استثمارات في دول مجاورة. 

 

اقرأ المزيد : 

ارتفاع كلف المعيشة للوافدين بعمان: أزمات ومتغيرات