تقليص مساعدات الغذاء.. تبعات خطيرة على اللاجئين والمجتمعات المستضيفة

لاجئون سوريون في مخيم الزعتري - (الغد)
لاجئون سوريون في مخيم الزعتري - (الغد)

قبل إعلان برنامج الأغذية العالمي تقليص مساعداته الموجهة للأردن كان اللاجئون وبعض المجتمعات المستضيفة يعيشون حالة لا يحسدون عليها، لكن هذا الإعلان أثار مخاوف كبيرة لدى مراقبين بأن الأوضاع ستصبح أكثر سوءا.

اضافة اعلان


وثمة مخاوف "عميقة" يحذر منها الخبراء، بعد هذا القرار، تتعلق بتوفير الغذاء وأخرى لا تقل خطرا على مستوى التبعات الاجتماعية والإنسانية والاقتصادية على اللاجئين والمجتمعات المستضيفة.


وكان برنامج الأغذية العالمي قد أعلن في بيان صدر قبل أيام عن أن أزمة التمويل "غير المسبوقة" للبرنامج أدت الى تقليص مساعداته الغذائية الشهرية بشكل كبير لـ 465 ألف لاجئ يدعمهم في الأردن.


وأشار إلى أنه وابتداء من آب(أغسطس)، سيعطي برنامج الأغذية العالمي تدريجياً الأولوية للأسر الأشد فقرا، واستثناء ما يقرب من 50 ألف فرد من المساعدة، من أجل توسيع نطاق التمويل المتاح المحدود.


وأشار في البيان إلى أن هذا يأتي بعد أن "استنفدت وكالة الغذاء جميع الخيارات، بما في ذلك خفض قيمة مساعدتها النقدية هذا الشهر بمقدار الثلث لجميع اللاجئين الذين يعيشون خارج المخيمات".


وبين الخبراء أن مثل هذا التراجع سيؤدي إلى زيادة معدلات الفقر والجوع بين اللاجئين، مشيرين إلى أن لهذا أخطار اجتماعية كبيرة من بينها انتشار الأمراض الاجتماعية كالقلق والخوف والتوتر وبالتالي انتشار العنف والجريمة وأساليب التكيف السلبية.


ودعا هؤلاء الحكومة إلى التعامل مع هذا الأمر بطريقة مختلفة، وعدم أخذ هذا التراجع كـ" أمر واقع"، بل لا بد من الدفع في اتجاه زيادة المساعدات مع تسليط الضوء على تبعات هذا التراجع على اللاجئين وعلى الأردن.


وزير تطوير القطاع العام الأسبق د.ماهر المدادحة أشار إلى أن هذا التراجع سببه الرئيس تراجع التمويل المقدم من دول العالم الى مؤسسات الأمم المتحدة ومنها برنامج الأغذية العالمي، وأنّ هذا التراجع سببه ظهور أولويات سياسية واقتصادية لدى دول العالم توجه اليها المساعدات، إذ لم يعد موضوع اللجوء السوري ذات أولوية بالنسبة لهذه الدول خلال الفترة الماضية.


وأشار إلى أن تراجع التمويل يعني عدم قدرة المؤسسات على تنفيذ مشاريعها داخل الأردن الموجهة للاجئين والمجتمعات المهمشة، وهذا سيزيد العبء على الأردن كدولة مستضيفة، وبالتالي سينعكس سلبا على اللاجئين.


استاذ علم الاجتماع حسين الخزاعي أكد أن لهذا التراجع في التمويل أكبر الأثر على المستهدفين من برامج برنامج الغذاء العالمي، خصوصا أن معظم إنفاق هؤلاء يذهب لسد الحاجات الأساسية من غذاء وتدفئة ومواصلات.


ويتوقع خزاعي من هذا التراجع أن يزيد عدد الفقراء في الأردن، وزيادة الأمراض المرتبطة بالتغذية كفقر الدم وسوء التغذية، خصوصا وأنّ كميات ونوعية الغذاء التي ستحصل عليه هذه الأسر وأطفالها ستتراجع.


وذكر الخزاعي أنّ هذا سيؤدي "حتما" الى زيادة المشكلات الاجتماعية إذ أن للحرمان والفقر تبعات من ضمنها القلق والعنف والاكتئاب والتوتر، وهذا سيؤدي الى انتشار الجريمة كالسرقة وغيرها، كما سيزيد من انتشار آليات التكيف غير الصحيحة مثل الزواج المبكر وعمالة الأطفال، كما لفت الى أنّ زيادة طلب المساعدة من صندوق المعونة والجمعيات المختلفة ستزيد.


الخبير الاقتصادي زيان زوانة دعا الى ضرورة أن تقوم الحكومة بالضغط على المجتمع الدولي لزيادة المساعدات الموجهة للأردن والمؤسسات الدولية الناشطة فيه، وذلك لدعمه في استضافة اللاجئين مؤكدا ضرورة أن يكون هناك رد فعل على هذا التراجع.


شدد زوانة على ضرورة أن لا يكون الموقف الرسمي الأردني "سلبيا" وضعيفا، وأن يتعامل مع هذا الموضوع وكأنّه أمر واقع، بل لا بدّ من الدفع في اتجاه زيادة المساعدات مع تسليط الضوء على تبعات هذا التراجع على اللاجئين وعلى الأردن.


ودعا زوانة إلى ضرورة العمل على توفير البيانات والمعلومات الدقيقة والوافية عن اللاجئين، حيث أن هذا يساعد في توصيف المشكلات المتعلقة باللجوء بشكل واضح ودقيق.


وكان ممثل برنامج الأغذية العالمي والمدير القطري في الأردن ألبرتو كورييا مينديز قد أعرب عن "قلق بالغ" من أن تقليص المساعدة، والذي سيجلب معاناة كبيرة للأسر اللاجئة الضعيفة وسيؤثر على حالة الأمن الغذائي التي هي بالفعل على حافة الهاوية" خصوصا على الأسر الأكثر ضعفا ، بما في ذلك الأطفال والنساء والأشخاص ذوي الإعاقة ".


وقال " ما يزال البرنامج يواجه نقصا حادا في التمويل قدره 41 مليون دولار حتى نهاية عام 2023 ومن دون الأموال اللازمة، سيضطر البرنامج إلى خفض استجابته بشكل أكبر".


ويشار هنا إلى أنّ المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في الأردن أشارت في تقييمها الربع سنوي الأخير للظروف الاجتماعية والاقتصادية للاجئين في الأردن، الى تراجع دخول أسر اللاجئين خلال الشهور الثلاث الأولى من العام الحالي وذلك بعد توقف "المساعدات الشتوية" التي كانت تقدم من قبل المؤسسات الدولية خلال الشتاء.


وبينت المفوضية أن دخل اللاجئين السوريين تراجع بنسبة 12 % خلال الربع الأول من العام الحالي مقارنة بالربع الرابع من العام الذي سبقه، بينما ارتفاع دخل غير السوريين بنسبة طفيفة وصلت الى 3 %.


وأضافت أن هناك انخفاضا في متوسط الدخل الشهري للأسر السورية، وهو تراجع "متوقع" لأن الأسر كان قد زاد دخلها في الربع الرابع من 2022 بسبب المساعدة الشتوية.


وكان نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي، قد أكد خلال مؤتمر بروكسل السابع الذي عقد الشهر الماضي على أنّ الأردن تجاوز قدراته بكثير خلال استضافته اللاجئين على أرضه.


وقال إن "الدعم الدولي للاجئين يسجل انخفاضا لافتا حيث وصل هذا العام إلى 6 %، فيما كان العام الماضي 33 % مقارنة مع 70 % عام 2016".


وبين أنه وبالرغم من الأزمات المتتالية إلا أن الأردن استمر بتقديم جميع الخدمات الأساسية للاجئين السوريين.
وقال، "نحن في الجوار من نتأثر بالأزمة، وهناك 370 كيلو مترا من الحدود بين الأردن وسورية، وفي الماضي كان التهديد هو الإرهاب والآن أصبح الاتجار بالمخدرات، حيث إن الأوضاع الاقتصادية تتيح زيادة الاتجار بها".


ويستضيف الأردن أكثر من 1.3 مليون سوري، 10 % منهم يعيشون في المخيمات.


وأكد أنه وعلى الرغم من معدل بطالة يبلغ حوالي 24 %، فقد قدمنا أكثر من 370 ألف تصريح عمل للسوريين، وضعف هذا العدد يعمل بدون تصاريح.


ولفت إلى أن أكثر من 200 ألف طفل سوري ولدوا في الأردن منذ اندلاع الأزمة، ويبلغ معدل الخصوبة بين السوريين 4.7 %، أي ضعف معدل الخصوبة في الأردن البالغ 2.6 %، مبينا أن أقل من 50 ألف سوري عادوا إلى بلدهم في السنوات القليلة الماضية.

 

اقرأ المزيد : 

اللاجئون.. لماذا يتخلى العالم عن مسؤولياته؟