"سلطانات الرمل" رواية تكشف عن عالم البدو "المغبون أدبيا ومعرفيا"

 

دمشق- تكشف الروائية لينا هويان الحسن في روايتها الثالثة عن البدو "سلطانات الرمل"، وبأسلوب يجمع بين التوثيق والخيال، النقاب عن محظور القبيلة الذي لم يسبق لأحد أن تناوله، وأدركت بحكم أصولها البدوية أهميته.

اضافة اعلان

وتسبر لينا هويان الحسن التي تعتز بلقبها المركب أغوار العشائر الممتدة في بادية الشام، حيث نقرأ فيهم عوالم مخالفة تماما للصورة النمطية المعتادة لشخصية البدو المكرسة دراميا.

وتقول "من كتب هذه المسلسلات كتب عن البدو من دون أن يغادر زقاق حارته" معتبرة "عالم البدو مغبونا أدبيا ومعرفيا".

وتتميز رواية "سلطانات الرمل" الصادرة في دمشق عن دار ممدوح عدوان، عن سابقتيها حول البدو "معشوقة الشمس" و"بنات نعش"، بورود الأسماء الصريحة للعشائر والاشخاص لأول مرة ادبيا.

وهي تتحدث عن قطنة بنت الكنج شيخ عرب السردية التي تسببت بنشوب حرب بين عشيرة الرولا من العنزة وبني صخر. كما نتعرف على ديرة "الشمبل" وهي "البراري التي تمتد شرق حمص وحماة وجنوب حلب وغرب طريق تدمر والرقة" شمال سورية.

واعتمدت هويان الحسن في كتابة روايتها على المراجع والوثائق التاريخية واستعانت بذاكرتها البدوية والحضرية لتقتنص الموروث الشفهي والحكائي الصحراوي، وتوظفه وفق منطق التوثيق والتأريخ في شقها الحضري.

وتقول الروائية إن "المراجع حول العشائر في بادية الشام كتبها مستشرقون".

وتشير الروائية الى ندرة "الدراسات العربية المعاصرة ككتاب (عشائر الشام) لاحمد وصفي زكريا و(البدو والبادية) لجبرائيل جبور الذي وثق للبدو بالصور والكلمات في الخمسينيات".

وتبين أن الموضوع "تمت مناوشته أدبيا بأقلام مثل عبد السلام العجيلي كونه ابن المنطقة".

ويرى الأديب عادل أبو شنب "لم يكتب أحد عن البدو روائيا باستثناء ابنة البادية لينا التي بزت رجال في الكتابة عن مجتمع البداوة وقصصهم الذي سبرت أغواره".

وتكشف الرواية عن أسرار المجتمع البدوي وتحولاته في القرن العشرين مرورا بإلغاء الرئيس جمال عبد الناصر لقانون حكم العشائر في 1958.

ويقول الناقد الأدبي انور محمد "بمنتهى الجرأة تقدم لينا سردا لوقائع لصراعات لم يسبقها اليها احد، فتدير وبحبكة روائية جنون العقل العشائري والقبلي الذي يسكن بلاد الشام من (عنزة) و(شمر) و(الموالي) وغيرها بجسده وروحه".

وتتناول الرواية حكاية رمضان الشلاش الذي قاد ثورة للتصدي لحملة عسكرية فرنسية في عشرينيات القرن الماضي، وقال عنه تشرشل ان "لبريطانيا العظمى عدوين في الشرق لينين ورمضان الشلاش في جنوب" سوريا.

كما تتناول قصة طراد الملحم الذي رفض عرضا فرنسيا بتشكيل دولة قوامها عشائري وعاصمتها تدمر.

وتعتبر الرواية موسوعية في جزء كبير منها اذ عرضت لاسرار البدو في صيد الصقور ورعايتها. وتقول "حين هزل (الصقر) عالجته وجعلته يسمن بعد أن ألقمته على يدها لحم هدهد حي غير مذبوح ولحم قنفذ منقوع بالخل فسمن وعاد يرافق أباها في صيده"

كما تناولت تفاصيل حول الخيول العربية الأصيلة، وكيف تم تهريبها إلى بومباي لأجل لعبة البولو، وإلى بابولنا لإثراء اسطبلات المجر والنمسا.

وتقول "كانت الأحصنة الجميلة التي تبرع بإنتاجها الصحراء أهم الرشاوي الممكنة، وأجمل ما يتطلع المرء إلى امتلاكه في الشرق".

وحملت معظم فصول الرواية أسماء نساء اشتهرن بالصحراء العربية، مثل حمرا وقطنة ومراية وعنقا ومنوى وسكرى وبوران لتسرد قصص نساء تركن أثرا كبيرا في قبيلتهن.

فمنوى اعتلت فرس قتال "وراحت تجوب المكان كلما رأت أن واحدا من فرسان قومها تخاذل متراجعا عدت نحوه وقامت بتلويثه بالمغرة لتسمه بعار الهروب".

وتحدد سلطانات هويان الحسن مسار حياتهن غير عابئات برغبة القبيلة. فحمرا ابنة شيخ عشيرة طي التي عشقت أحمد بيك امير قبيلة الموالي "أرسلت في طلبه دون ان يرف لها جفن ضد القدر (...) كانت تريده بكل ما أوتيت من شغف ومكر وثبات اعصاب".

وتعبر الرواية عن تطور في تعاطي الحب لدى البدويات اللواتي هجرن القبيلة ليسكن القصور ويدخلن عالم "البزنس".

وتقول فكرى معبرة عن نظرتها للحب "قلبي اصبح مثل شعري اصبغه الونه اقصقصه اشذبه اعقصه للخلف او ابعثره حول وجهي او اتركه مثل طير حر".

وصدر للروائية معشوقة الشمس (2000) ومرآة الصحراء (2000) والتروس القرمزية (2003) والتفاحة السوداء (2004) وانا كارنينا - تفاحة الحلم (2004) وبنات نعش (الطبعة الثالثة 2008).